بداية لا بد من تسجيل نقطة هامة، وهي أن البيان لم يصدر عن الهيئات المركزية صاحبة الصلاحية (م.س، ول م ع)، وهذا ليس تقليلا من شأن دائرة الاعلام.
اود تسجيل مجموعة من النقاط وردت في البيان، ولا بد من التوقف امامها والرد عليها:
١_جاء في الفقرة الأولى من البيان: "الإيمان ان الحوار عند تفاقم الأزمات والاخطار ضرورة اخلاقية ومسؤولية وطنية...".
اتفق معكم على اهمية الحوار ودوره في تقريب وجهات النظر والوصول الى القواسم المشتركة بين القوى الوطنية وهذا شان مطلوب لا اعتراض عليه.
لكن علينا ان ندقق بشكل جيد ما هو تعريف الحوار، واستنادا الى هذا التعريف هل يمكننا ان نطلق على الاجتماعات التي حصلت حواراً.
الجواب قطعا لا، كون ما حصل لا يمت الى الحوار بصلة وهو ابعد ما يكون عن ذلك.
ما تم في العلمين هو اجتماع شكلي لعدد من الفصائل، حتى لم يصدر عنه اية قرارات، وتم الاكتفاء بإعلان ابو مازن عن تشكيل لجنة لن يكون مصيرها أفضل من سابقاتها.
لقد اراد ابو مازن من هذا اللقاء المسمى زورا بالحوار تجديد شرعيته وسلطته المتهالكة، التي باتت على ابواب الانهيار بفعل تصاعد عمليات المقاومة في الضفة الغربية بشكل عام، وجنين ونابلس بشكل خاص، وفي اعقاب معركة جنين البطولية التي فتحت الطريق امام سحب الشرعية من هذه السلطة والقيادة. حيث أسرع ابو مازن بتوجيه الدعوة للحوار من اجل تكريس شرعيته مرة اخرى، والمؤسف ان بعض الفصائل الفلسطينية مدت له يد المساعدة وقدمت له حبل الانقاذ، خاصة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، التي عُرفت دوماً بانها من تمثل الارادة الحقيقية للشعب الفلسطيني، لما تمتعت به من تاريخ ومصداقية ونضال مشرف وارتباط بمصالح الجماهير، وكانت دوما تشكل البوصلة التي تؤشر الى الموقف الصحيح لكنها، هذه المرة، مع الأسف ارتكبت خطأ كبيرا عندما كانت اول المرحبين بدعوة ابو مازن، ضاربة عرض الحائط المزاج الشعبي العام، ورأي كوادرها وأعضائها، الذين عبّروا عن إدانتهم ورفضهم لهذه الخطوة في الاعلام وعلى وسائل التواصل الاجتماعي ولم يتحملوا السكوت واعتبروا ذلك خروجا عن مواقف الجبهة وطعنا في تاريخها.
ومن المؤسف ان هذه الخطوة رغم كل التبريرات (وانا لا أجد مبررا واحدا يدفع للمشاركة) لم تفلح لا قبل الاجتماع ولا اثنائه ولا بعده بتحقيق انجاز واحد ولو بسيط.
حتى ان ابو مازن رفض إطلاق سراح اي سجين مقاوم او صاحب رأي وتمسك في رأيه رغم كل المناشدات التي تتحدثون عنها، بل قامت سلطته باعتقالات جديد٥.
وإذا كنتم يا سادة غير قادرين على انتزاع قرار من ابو مازن بإطلاق سراح سجين كيف، أخبروني بالله عليكم كيف ستستطيعون اجباره على الغاء اوسلو وسحب الاعتراف ووقف التنسيق...الخ
الشعب ينتظر جوابكم.
٢_جاء في البيان ان الجبهة كانت شديدة الوضوح والصراحة، بشأن رفض موقف ابو مازن بشأن المقاومة السلمية والشرعية الدولية ومتطلبات إنهاء الانقسام.
ايها السادة لقد كانت مواقف جبهتكم السابقة أكثر حزما وقساوة وصلت الى حد مقاطعة المجلس المركزي والمجلس الوطني ولم تجد نفعا، هل تظنون ان موقفكم هذا سيحقق مالم يحقق في السابق .
اذا كنتم تعتقدون ذلك انتم على خطأ
الصراحة والوضوح لن تفعل شيئا ولن تغير موقفا واحدا من مواقف ابو مازن.
الذي يغير هو قوتكم، فعلكم ودوركم على الارض، المسالة تتعلق بموازين القوى، والقوي هو من يفرض رأيه وما دمتم ضعفاء لن تغيروا اي شيء وستبقون تراوحوا في نفس المكان ان لم أقل تتراجعوا.
اما القول في البيان انكم استطعتم ان تجيروا الحوار لغير صالح ابو مازن، فقد أضحكني هذا... اسمحوا لي ان اقول لكم وبكل صراحة ان هذا الكلام غير صحيح وهو مردود عليكم.
لقد ادرك وشاهد كل من تابع اللقاء (المسرحية الهزلية) ان بطل المسرحية هو ابو مازن حيث كان البداية والنهاية. ام الآخرين لا دور لهم، وهنا لا اتحدث عن الخطابات وانما عن النتائج والتي تعتبر أسوأ بكثير مما سبق والكل يدرك ذلك ومن المعروف ان الامور تقاس بنتائجها.
اعطوني قرارا واحدا صدر مخالفا لمواقف ابو مازن المعروفة.
٣_جاء في بيانكم انه تم الاتفاق على تشكيل لجنة للمتابعة. والسؤال لكم كم مرة شكلت لجان وكم مرة اتخذت قرارات لم يطبق منها شيء.
العبرة في التطبيق وهذا لايمكن ان يتم في ظل وجود ابو مازن وسلطته
ابو مازن ارتبط باتفاقيات مع العدو لا يستطيع ان يخرج منها حتى لو اراد وهو بالطبع لن يريد كون مصالحه باتت مرتبطة مع العدو
واؤكد لكم ان هذه اللجنة لن يكون مصيرها أفضل من سابقاتها هذا إذا كتب لها ان ترى النور وتجتمع.
4_حول ما جاء في بيانكم بشأن الاستكانة والتسليم بالواقع، ليس المطلوب التسليم بالواقع المطلوب مواجهة الواقع والعمل على تغييره، الم يقل ماركس منذ زمن طويل ان مشكلة الفلاسفة الذين سبقوه انهم قاموا بتحليل الواقع ولم يعملوا على تغييره وهذا ما ينطبق على موقف الجبهة الان...
ليس المطلوب التحليل وتسجيل المواقف حيث تم ذلك عشرات المرات
المطلوب هو تغيير الواقع. وهذا بات يتطلب وقف عملية الركض وراء ابو مازن وسلطة اوسلو، وانما الذهاب الي اجراء عملية فرز حقيقية في الساحة الفلسطينية، بين من تنازل عن الارض ومن تمسك بها.
بين من اعترف بدولة العدو ويتعاون معها ومع من يرفض ذلك ويتصدى له
بين من يلاحق ويعتقل المقاومين ويكممم الافواه ويقتل الناشطين الوطنيين.
بين من يقدم الدم ومن يجمع الثروات
بين الفاسدين واللصوص والشرفاء
وعندما تتحدثون عن توقيع ميثاق شرف من اجل تنفيذ ما اتفق عليه.
استحلفكم بدماء الشهداء وارضنا الطيبة وشعبنا الصابر المناضل، هل هؤلاء لهم اي ذرة من الشرف وهنا اترك الجواب لكم
بعد هذه السنوات من الحوار ومئات الساعات من الاجتماعات والجهود الكبيرة التي بذلت منكم ومن غيركم
ماذا كانت النتيجة... كانت صفر مكعب وصفعة للجميع،
آن الأوان ان نحدد الفواصل والتخوم التى تفصل بيننا،
وكما قال لينين
لا نستطيع السير خطوة واحدة الى الامام دون ان نحدد ذلك.
اين نحن من هذا.
مع هذه القيادة والسلطة لا مجال للرهان على اي وحدة وطنية بحدودها الدنيا وهذا ما قالته التجربة.
بربكم ماذا حققتم من مشاركتكم في اللقاء... لقد أسأتم لتاريخ الجبهة ومواقفها وتضحيات شهدائها.
لقد تخليتم عن تراث الحكيم وابو علي ووديع حداد وابو ماهر اليماني. غسان كنفاني ... وجيفارا وغيرهم..
لقد كانت الجبهة دوماً هي حصان الرهان للخروج من الأزمة لدى الكثيرين من أبناء شعبنا ومناضليه
وكانوا يعلقون الآمال على الجبهة ان تقوم بتعليق الجرس. ودق جدار الخزان
اين نحن من ذلك واين هو دورنا. ان الامانة والموضوعية تتطلب منا الاعتراف بذلك وان لا نعيش الاوهام
وانا بدوري اتساءل
لماذا لم يعقد مؤتمرا صحفيا عند الترحيب بالدعوة وعند اتضاح النتائج الصفرية.
ام انكم غير قادرين الدفاع عن الموقف الخطأ.
ان المبررات التي تم تقديمها لموقفكم مبررات واهية وتعتبر عذرا اقبح من ذنب. وما عليكم الا مراجعة قصة ابو النواس مع هارون الرشيد والست زبيدة
ختاما اقول لكم
آن الأوان ان تتخذ الجبهة الموقف الذي يستجيب لتطلعات الشعب، و تبادر مع كافة قوى المقاومة بتشكيل جبهة مقاومة وطنية عريضة تتحمل المسؤولية من اجل اعادة الإعتبار للوحدة الوطنية الحقيقية ولمنظمة التحرير المتمسكة بميثاقها الوطني الأصلي .
عليكم ان تصارحوا شعبكم واعضاءكم، وقبل ذلك انفسكم
ان الخطوة التى اقدمتم عليها خاطئة وتتراجعوا عنها وتعودوا الى مواقفكم الأصيلة التي أيدها واحتضنها الشعب، قبل فوات الأوان
عليكم ان تدقوا الجرس وتقرعوا جدار الخزان وتقودوا الموقف الصحيح. وتعلنوا بوضوح شديد ان هذه القيادة والسلطة اصبحت في خندق العدو وجزء لا يتجزأ منه.
وعليكم الذهاب الى تشكيل البديل الثوري المطلوب
ولا تخافوا من الاتهامات بشان ذلك
القيادة الحالية هي من قامت بتشكيل البديل عن منظمة التحرير عندما اقامت سلطة اوسلو واعتبرت المنظمة دائرة من دوائرها.
هل تريدون دليلا اكثر من ذلك
وهذا ما تنتظره منكم الجماهير.
في الختام
اقول لكم
اسمعوا رأي الشعب
اسمعوا رأي قاعدتكم وانصاركم
كفى تضييعا للفرص.
ونأمل ان تستجيبوا لذلك.
هذه قراءة هادئة لبيانكم وموقفكم
ووجهة نظر اعبر عنها صراحة
قد اكون مخطئا في ذلك وهذا هو اجتهادي
ومن المعروف ان المجتهد ان اصاب له أجران وإن أخطأ له اجر واحد.
وفي هذه الحالة اكتفي باجر واحد.
المجد للمقاومة
الرحمة للشهداء
الحرية للأسرى
النصر لنا
طارق ابو بسام
3.8.2023، براغ