منذ أنْ ربحت أمريكا وحلفاؤها الحربَ ضدَّ السَلطَنَةِ العُثمانيةِ عام ١٩١٨، كان بينهم اِتِّفاقٌ يقضي بِسَلْخ ِ لواءِ اسكندرون عن سورية، ومَنْحِهِ للجمهوريةِ التركيةِ الجديدة، كهديةٍ منَ الحلفاءِ، مقابلَ بناءِ علاقاتٍ ودِّيةٍ معَ مصطفى كمال أتاتورك، بشرطِ تحويلِ الأمبراطوريةِالتي كانت تحملُ من الإسلامِ اسمَهُ فقطْ إلى جمهوريةٍ عَلمانيةٍ تَشْطُبُ من قاموسِها الأحرُفَ والكلماتِ العربيةِ من اللغةِ التركية، وتشطب الإسلامَ من دستورِها، وبشرطِ أن تنفتحَ على الغربِ بحيثُ يسودُ الِانحلالُ الخُلُقيُّ والفِسقُ والفسادُ، كبديلٍ عن القِيَم والأخلاقِ الحميدةِ والتربيةِ الإسلامية.
وهذا ما حصل فِعلاً،
تحوَّلتْ تركيا إلى ملاهٍ ومراقصَ، وأصبحت دولةً شِبْهَ أوروبيةٍ، منعت اِرْتِداءَ الحجابِ في الجامعاتٍ خلال فترةٍ معينَة.
وكذٰلك الدُوَلُ العربية؛ أصبحت عِبارةً عن مجموعةِ ممالكَ وإماراتٍ وسلطنات، نُصِّبَ عليها ملوكٌ وحكامٌ، بِشرطِ تنفيذِما يُطلَبُ منهم بِدِقّةٍ وسرعةٍ متناهية من دون أيِّ اعتراضٍ أو حتى اسْتِفسار، فكان دورُهُم رئيسياً في إخضاع ِ إخوتِهِم منَ الأنظمةِ العربية، من خلال الإغراءاتِ بالمساعداتِ المالية،أو حرمانِهِم، وممارسةِ الضغطِ الِاقتصادِيِّق عليهم، كالأردن مثلاً، لأنَّ دوَلَ الثروةِوالمالِ سُلِّمَتْ إلى قبائلَ وهابِيَّتةٍ لا تحترمُ المذاهبَ والأديانَ الأخرى، وخصوصاً المذهبَ الشيعيَّ الإثنَي عشري.
المخططُ قضى بِزارعَةِ قنابلَ موقوتةٍ في كل بلدٍقابلٍ لِلِانفجارِساعةَ تقرر واشنطن وإسرائيل وبريطانيا ذلك.
أمريكا عبرَ أقمارِها الصناعيةِ المتطورة، تعرفُ مكامِنَ الثروةِ الطبيعيةِ في كُلِّ بلَدٍ من بُلدانِنا، وكانت دائماً تزرعُ الشًِقاقَ بين مكوناتهِ عَبْرَ النزاعاتِ الطائفيةِ والمذهبية، أو بين القوميات.
وساهمت واشنطن مع بريطانيا مساهمةً كبيرةً، بإمساك آل ِ سعود وآل ِ الصُّبَاحِ وعيسى والبوسعيد، وآل خليفة، وآل نهيان بمفاصل ِ الحكم في الدويلاتِ الصغيرةِ التي صمَّموها كحِزامِ أمانٍ يَحْمِي مملكةَ آل ِ سعودٍ بشكلٍ دائرِيّ، ما عداجنوبَ المملكة.
ساهمَ المالُ الخليجيُّ بإسكاتِ بعضِ النُّظُمِ العربيةِ، مِنْ خِلال ِضَخِّ أموال ٍ إلى حساباتِ ملوكِها ورؤسائِها ومسؤولِيها، وبِشِراءِ الذِمَمِ، كما فعلت مع علي عبدالله صالح (عفاش)وكميل شمعون، ونور الدين الأتاسي، والملك الحسن الأوّل.
أمريكا حرَّضت البوليساريو على الِانفصال، واتِّخاذِ الِاتِّحادِ السوفياتيِّ حليفاً لهم، ودعمت المغربَ ضدَّ الجزائرِ التي دعمت البوليساريو، فخلقت صراعاً في المغرب العربي.
كلّفت آلَ سعود بِتَجنيدِ إرهابيين شنوا عملياتٍ على الجيشِ الجزائريِّ والقرى الآمنةِفي الريفِ البعيدِ عنِ العاصمة.
اِتَّبَعَتْ واشنطن أُسلوبَ الحربِ الناعمةِ، مع الدُوَل ِ المعارِضَةِ لِسياساتِها، أمّا التي تُطالِبُ بإزالةِ إسرائيل بدأت عليها حرباً،بدأتها بالتحريض عليها، وزرع ِالفِتَنِ بين مُكَوِّناتِها،ومع جيرانها، وحاصرتها، وحرمتها من الكهرباءِ والماءِ الصالِح ِ لِلشُّرب، وأجبرت حكوماتِها على الِاسْتِدانَةِ منَ البنكِ الدَّوْلِيِّ الخاضعِ لها وافقرتها واركعتها، حيث شملت شعوباً كاملة، كأفريقيا مثلاً، التي تعملُ من أجلِ تسديدِ الديون ِمن دون أيِّ إنماءٍ أو تنفيذِ مشاريع، مع العلم أنَّ كلَّ تلكَ الأموال ِ التي استَدانوها هي ملكهم لأنّها ثمنُ خيراتِهم وثرواتِهِم الوطنيةِ التي نهبتها فرنسا وأمريكا وبريطانيا.
أمريكا هذه تُعْتَبَرُ الشيطانَ الأوحَدَ في العالم،إذ هَمُّهاالوحيد أن يكونَ سكّانُ العالَمِ بأسْرِهم لايعبدون اللهَ وأن يكونَ الشيطانُ هو مليكَهم ومَلِكَهم، ولو كان ذلك يخالفُ الفِطرةَ الإنسانية.
حافظوا على قِيَمِكُم وتنبَّهوا لِمُغْرَياتِ الشيطان.
بيروت في....
21/8/2023