كتبت الأستاذة غنى شريف
في نظرة عامة على الواقع السياسي المأزوم في لبنان ، ومقاربته لكيفية معالجة الأزمة الإقتصاد الطاحنة التي يعيشها البلد منذ سنوات عديدة ، نجد خاصية "سلبية" ربما تتفرد بها الطبقة السياسية في بلدنا، عن نظرائها في سائر دول العالم ، تتعلق بسلوك الأحزاب والتيارات السياسية إزاء اي قضايا ومخاطر كبرى يتعرض لها الوطن.. من شأنها ان تهدد أمنه العام.
في دول العام عموما ، تنبري كل المستويات السياسية إلى تجميد خلافاتها والتكاتف معا لمجابهة اي مخاطر خارجية أو داخلية ، سياسية كانت أم اقتصادية اجتماعية، حيث تعلو هنا المصلحة الوطنية العليا على ما سواها من مصالح ذات صلة، بالأحزاب أو جهات ومؤسسات اقتصادية داخية.
لكن في لبنان الأمر مختلف ، فالأزمة الاقتصادية يقابلها جمود سياسي ، ولا بوادر في الأفق للمضي على سكة الحلول ، بل وتتعمق الأزمة اللبنانية على المستويين السياسي والاقتصادي معا وبشكل طردي ، وكأن السياسيين في لبنان لم يدركوا حجم المخاطر التي يتعرض الشعب اللبناني ، ولا تزال سياسة المكابرة والمكايدة الحزبية والرهان على حلول خارجية هي الحاكمة لدى أغلبية القوى المحلية.
بات اليقين راسخا لدى الشعب اللبناني ، إن الطبقة السياسية ليست مؤهلة بمفردها للوصول إلى حلول ناجعة ، وانقاذ الوطن من المخاطر التي تهدد متماسكه ووحدته ، إذ ان ارتباط أغلبية الأحزاب والتيارات المحلية بل وحتى منظمات المجتمع المدني البارزة مع الخارج ، أكبر من قدرتها على التحرك بقرارها الذاتي في أي شان سياسي أو اقتصادي داخلي ، بدأ من عملية انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وصولا إلى اعتماد برامج حلول اقتصادية.
وبتأثير الارتباط الخارجي ، أمسكت العديد من التيارات والاحزاب بل والشخصيات السياسية اللبنانية، حتى عن ابداء التعاطف الإنساني "أضعف الإيمان" مع الشعب السوري عقب الزلزال المدمر الذي تعرضت له العديد من المناطق السورية مؤخرا.
وجاءت نتائج اجتماع باريس مؤخرا، كي تؤكد مجددا ان الخارج ، لا يرغب بمساعدة لبنان على ايجاد حلول لأزماته الداخلية دون ثمن سياسي يدفعه هذا البلد في سياساته الخارجية، سواء تجاه إسرائيل أو تجاه بعض دول المنطقة.