كتب الأستاذ حليم خاتون:
من حسن حظ حزب الله أن في الطرف المقابل مجموعة ضخمة من الأغبياء...
بعضهم يجتر كلمات لا معنى لها كما يفعل غالباً فؤاد مخزومي أو اشرف ريفي أو حتى محمد نمر؛ وبعضهم ممن ينتمي إلى العروبة المودرن، "يلف، يلف، وبردو يدور"، وهو يحاول الإمساك بخياله...
لو كنت في ١٤ آذار، كنت رجوت الاستاذ محمد نمر أن يتوقف عن التحليل؛
هذا الرجل يمثل كارثة للفريق الذي يدعي الدفاع عنه وعن ارائه...
الدجل، وجه من وجوه العهر في السياسة...
عندما يتحدث فؤاد مخزومي أو اشرف ريفي عن المشروع الإيراني في لبنان، يكاد توم وجيري يموتان من الضحك، الإثنان يعيشان في كوكب آخر...
لكن الذي فاجأ الجميع هو رئيس التحرير في أساس ميديا، محمد بركات...
ربما تصعب الأمور إذا استمع المرء الى الأستاذ محمد بركات مباشرة بعد متابعة مقابلة الاستاذ سركيس نعوم على ال NBN...
قد لا يوافق المرء على الكثير مما يقوله الاستاذ نعوم؛ لكن هذا يبقى ضمن منطق الاختلاف بالرأي، طالما هناك شيء من المنطق والحبكة في التسلسل الفكري...
أما مع الاستاذ محمد بركات؛ حتى التعابير تظهر مدى كمية السم المركز في رأس هذا الرجل...
من أفرجت عنهم إيران في الصفقة مع الأميركيين هم "رهائن"، بينما من كان في يد الأميركيين هم معتقلون؛
حتى كلمة أسرى سحبها الاستاذ بركات بعد أن انزلقت من فمه...
الستة مليارات دولار التي استعادتها إيران، لا أصل لها في قاموس الاستاذ بركات حتى يخيل للمرء أن هذه الأموال كانت فدية دفعت إلى إيران من أجل إطلاق الرهائن...
لكن اغرب تحليل خرج به الاستاذ محمد بركات هو أن حزب الله لم يعد القوة الأولى في الشارع الشيعي...
٥١٪ من الناخبين الشيعة قاطعوا الانتخابات وفق الاستاذ بركات...
خاصة في الاغتراب، في افريقيا وفي الخليج...
طبعاً، لا يقول الاستاذ بركات كيف تتم ملاحقة الشيعة في الإمارات العربية لاي شيء؛ كما لا يقول إن الخليج بزعامة السعودية لم يعد يعترف بالشيعة مسلمين منذ سقوط كبير أنظمة هذا الخليج، شاه طهران...
أما في أوروبا حيث مجرد الشبهة في التعاطف مع حزب الله أو انتخابه، يعني تلقائياً تحمل تهمة الإرهاب ومعاداة السامية وغيرها مما في جعبة الإمبريالية بكل فئاتها...
أما بالنسبة إلى أفريقيا ورجال الأعمال الشيعة...
لا يعرف الاستاذ محمد بركات أن المخابرات المركزية الأميركية اختطفت أكثر من واحد منهم وكان آخرهم تاج الدين الذي قام المغرب بتسليمه إلى الأميركيين بتهمة تمويل حزب الله...
رأس المال جبان يا استاذ محمد في الف باء السياسة...
رأس المال لا يدافع عن مبادئ ولا عن أوطان...
رأس المال الشيعي ليس استثناء...
الغريب أن الاستاذ بركات يصر على رفع حاجز بين حزب الله ورجال الأعمال الشيعة فيما تصر مقدمة البرنامج على ال MTV، على أن هؤلاء المغتربين في افريقيا والخليج هم من يمول الحزب...
أما من اين جاءت هذه العاهرة بهذه المعلومات عن تمويل حزب الله، فعلى الأرجح من أسيادها الصهاينة الذي يحاربون الاغتراب اللبناني في كل البلدان... ليس لأن هؤلاء مع حزب الله، بل لمجرد أنهم لبنانيون، ولبنان يشكل تهديدا وجوديا لدولة العنصرية والاستيطان وجرائم الحرب...
المشكلة مع الاستاذ محمد بركات، أنه بالاختلاف عن محمد نمر مثلاً، هو أن الاستاذ نمر يغرق في "شبر مي"، وتصدق فيه اغنية "تسلملي تحليلاتك" لزيادة الرحباني؛
ما أن يبدأ محمد نمر الكلام حتى يفهم المرء أن هذا الرجل يقول ما يجب لاستلام دولارات لقاء العهر الذي يتلفظ به دون منطق ولا حتى حبكة بسيطة في التحليل، هذا اقصى ما يمكن لرأس محمد نمر فرزه...
مع الاستاذ محمد بركات، تختلف الأمور بعض الشيء...
على الأقل، ينطلق الاستاذ بركات أحياناً من أخطاء ارتكبها أو يرتكبها حزب الله فعلاً...
لو امتلك محمد بركات بعض المنطق وتخلى عن شطحات دونكيشوت التي لا معنى لها، سوف يكون لديه قراء من غير غنم الطوائف...
أما الآن، الوحيدون الذين قد يستمعون إليه أو يقرأون ما يكتب هم الغنم من الطوائف المقابلة لطائفة حزب الله، لا أكثر ولا أقل...
من يريد انتقاد حزب الله لن يجد صعوبة على الإطلاق لأن الحزب بارع في ارتكاب الأخطاء من مثل عدم السير بالسابع من أيار إلى حيث يجب...
ينتقد محمد بركات استعمال السلاح ضد "السنة" و"الدروز" في السابع من أيار، لأن عقل محمد بركات عقل طائفي مذهبي لا يرى الأمور إلا من هذا المنظار...
بينما ما حصل في السابع من أيار هو قمة العمل الوطني المقاوم، حيث قامت المقاومة بالسيطرة على أوكار عملاء المخابرات العربية والغربية...
خطأ حزب الله لم يكن في العمل العسكري يومها؛ خطأ حزب الله كان في تسليم الأمور إلى المطبخ التقليدي في الدوحة الذي حول هذا العمل من البطولة إلى خدمة طموحات ميشال عون وجبران باسيل في الدخول الى الدولة العميقة والمشاركة في نهب اللبنانيين الى جانب بقية طبقة الواحد في المئة...
كما سبق القول، الفرق بين محمد بركات، وسركيس نعوم مثلاً هو خط أفقي بين المنطق في التحليل وإن اخطأ، وبين العهر في التحليل وإن انطلق من وقائع قابلة للنقد والهجوم...
نعم حزب الله أخطأ في كل قضية الترسيم البحري، لكن الذين ينتقدون الحزب من اليمين ومنهم الاستاذ بركات، هم سوف ينتقدون الحزب حتى لو قال إن الثلج ابيض وأن السماء زرقاء...
ما كان يفترض بحزب الله أن يوافق في الترسيم البحري على ما تقرره سلطة هو يعرف انها مكونة من مجموعة من التابعين أو الجبناء في اقل تقدير تجاه السيد الأميركي..
أما قصة الثمن الذي قبضته إيران في العراق مقابل هذا الترسيم، فهذا يدل على أن الاستاذ محمد لا يعرف بعد مدى أهمية العراق في نظر أميركا، ومدى سيطرة الأميركيين على هذا البلد بما في ذلك حكومة السوداني والكثير من الطيف المحسوب على إيران في الظاهر، بينما هو يرضع الحليب الأميركي صبحا ومساء...
ثم نأتي الى طريق الهند الموازي لطريق الحرير الصيني...
يصر الاستاذ محمد على تحميل حزب الله مسؤولية ما تقوم به أميركا وأصحابه من عرب الخليج على ضرب كل الأسس التي قام عليها الكيان اللبناني...
لكن المضحك المبكي هو حين ينتقد اليمين في لبنان ومنهم، ومعهم الاستاذ بركات؛ عندما ينتقد هؤلاء "الإمبريالية" الفرنسية، ويصبح هو والقوات والكتائب من جماعة "الثورة"...
لم يبق في النهاية الا نصيحة بلا جمل ولا جمال...
دونكيشوت حارب طواحين الهواء حتى انتهى يحارب خيال شخصه...
ربما يجدر بالكثير من الإعلاميين ومنهم الاستاذ بركات تعلم استعمال المنطق في التحليل بدل لف الرسن حول الرأس ومحاولة فلح الصخور...
ها هي السعودية تسير بخطى حثيثة إلى التطبيع...
ترى ماذا سوف يكون رأي جماعة العروبة مودرن؟
ماذا سوف يقول الاستاذ بركات؟
لا ضرورة للانتظار...
جماعة العروبة مودرن سوف يصفقون غدا لمحمد بن سلمان بطل الحرب والسلام...
أما اي حرب واي سلام، فتلك نكتة أخرى سوف تزيد من سخرية القدر الذي جعل مثل هؤلاء كتاب رأي تستضيفهم شاشات أقل ما يقال فيها، أنها مجارير للصرف الصحي بعد الإصابة بالاسهال الفكري، كما عند ابن سلمان...
حليم خاتون
