سوريا تروي بذور الانتعاش عبر زيارة الأسد إلى الصين
مقالات
سوريا تروي بذور الانتعاش عبر زيارة الأسد إلى الصين
مها علي
23 أيلول 2023 , 06:38 ص


الكاتبة: مها علي

استطاع الرئيس بشار الاسد تحطيم جميع القيود التي فرضها الغرب على سوريا منذ عام 2011, وحقق انتصارات كبيرة سوف تُدرس للأجيال عبر مر العصور, فقد أبحر في السفينة السورية متحدياً جميع العواصف الهوجاء لأكثر من عقد من الزمن متدثراً بمعطف الجيش العربي السوري ومحمياً بمظلة الشعب الوفي ومستنداً على مصداقية الحلفاء, حتى وصل لبر الأمان واستطاع إنقاذ سوريا من الغرق في ظلمات التقسيم إلى دويلات,وأفشل المخططات الغربية في إعادة تقسيم المنطقة العربية, كما قام بخطوات سبّاقة في الاتجاه نحو الشرق بفضل حكمته وقراءته لخفايا الأمور بشكل محنّك, فهو من وضع نظرية البحار الخمسة منذعام 2004وتشابك مصالح الدول المشاطئة لها بدل اشتباكها, ونتيجة لتلك السياسة الناجحة والرؤية الصائبة جعل الدول العربية تعود إلى الحضن السوري لتتابع دمشق دورها الرئيسي في الجامعة العربية لأنها كما قال الأسد: سوريا قلب العروبة وفي قلبها.

إن زيارة الأسد بالأمس إلى الصين ليست للإستجمام بل هي زيارة تاريخية سوف تلعب دوراً مهماً في متابعة تغيير التوازنات لإعادة الإستقرار العالمي, وليس فقط الإقليمي, فالعلاقة بين سوريا والصين ليست جديدة خاصة أن الصين دعمت سوريا في المحافل الدولية ومجلس الامن الدولي وامتنعت مراراً عن التصويت لأي قرار يدين سوريا خلال الحرب عليها منذ عام 2011 حتى الأن , وذلك من خلال استخدام حق الفيتو إلى جانب روسيا لوقف هذه القرارات, نعم هذه الزيارة تمثل كسراً لنطاقٍ من العزل الدوبلوماسي والحصار السياسي المفروض على سوريا لأن الصين دولة عظمى ولها ثقلها على المستوى الإقتصادي والسياسي وبالتالي نلاحظ أن جميع التحليلات ذهبت في توجه واحد وهو أن هذه الزيارة ستقلب جميع التوازنات خلال المرحلة البسيطة القادمة, خاصة مع الدور الروسي الذي دعم سيادة سوريا بشكل قوي وحاسم.

الرئيس الأسد لم يزور الصين من عام 2004, والآن هي ثالث دولة عظمى يزورها منذ بداية الأزمة على سوريا, وذلك بعد أن زار روسيا وإيران , الدولتان الحليفتان اللتان ساندتا سوريا على المستوى السياسي والإقتصادي والعسكري,.

القمة الثنائية التي جمعت الأسد وشي جين بينغ يوم أمس

22-9-2023 ترسم علاقة استراتيجية بين سورية والصين في مختلف المجالات كما أعلن الرئيسان, واعتبر الرئيس الأسد أن زيارته للصين هامة بتوقيتها وبظروفها حيث يتشكل عالم متعدد الأقطاب سيعيد للعالم التوازن والاستقرار، فيما وصف الرئيس الصيني هذا اللقاء بأنه حدث مفصلي في تاريخ العلاقات الثنائية بين البلدين في مواجهة الأوضاع الدولية المفعمة بعوامل عدم الاستقرار, وأكد الرئيس الصيني أن بكين تدعم انضمام سورية لمنظمة شنغهاي كشريك للحوار، كما تدعم بشكل ثابت جهود سورية ضد التدخل الخارجي وترفض تمركز القوات غير الشرعية على الأراضي السورية .

مما سبق نستطيع القول أن هذه الزيارة تندرج في إطار عودة الرئيس الأسد تدريجياً منذ أكثر من عام على الساحة الدولية بعد أن فرض الغرب العزلة على سوريا بسبب تصدي الجيش العربي السوري للمجموعات الإرهابية المدعومة من الغرب والتي أدت إلى تدمير البنى التحية في سوريا وتشريد الملايين من الشعب السوري, كما أن هذه الزيارة سوف تنعكس على سوريا بالإيجاب في إعادة إعمار سوريا, وعلى المسار السياسي والدعم اللوجستي الدولي, ولا يخفى على أحد أن هذا يتزامن مع الحراك الروسي الإيراني, بالضغط على تركيا من خلال المصالح المشتركة بينهما وبين تركيا على المستوى الإقتصادي والعسكري والإستراتيجي لأجل سحب القوات التركية المحتلة من الأراضي السورية ومن ثم إعادة العلاقات السورية مع تركيا, وبالتدريج سوف تنسحب القوات الأمريكية الغير شرعية من شرق الفرات مع تزايد الرفض الشعبي لها ومع عودة الأكراد إلى الحضن السوري, لأن أمريكا ستتخلى عنهم مرغمةً فلا وقت لديها للحرب في شرق الفرات ولا لحماية اسرائيل في ظل التهديد الصيني المتزايد, والذي قام مؤخراً بصناعة رقائق الكترونية موازية لرقائق الأيفون وأكثر تطوراً منها, كما منعت الصين المواطنين من استعمال جوالات الآيفون في المؤسسات الحكومية وهذا ينعكس سلباً على الإقتصاد الأمريكي, لأن مئات الملايين سيتخلون عن الآيفون وهذا أدى مباشرة لهبوط سهم شركة الأيفون الأمريكية بمقدار 3,6% بينما ارتفعت أسهم شركة هواوي الصينية بمقدار لا يقل عن 15% خلال يومين فقط, بالإضافة إلى ارتفاع أسهم الشركات المساندة لها في صناعة جوالات هواوي.

الخلاصة: كل مايحدث يدعو للتفاؤل بأن سوريا ستعود إلى ماكانت عليه عام 2010 خلال أقل من عام بإذن الله.   

المصدر: موقع إضاءات الإخباري