الجيش السوري نحو كسر «سـتاتيكو» الشمال؟
مقالات
الجيش السوري نحو كسر «سـتاتيكو» الشمال؟
هنادي الصالح
7 تشرين الأول 2023 , 05:43 ص

كتبت هنادي الصالح:

في تطور يُعتبر انفتاحًا على فصل جديد في الحرب السورية، شنّت طائرات مُسيّرة هجومًا على حفل تخريج دفعة من الضباط في الكلية الحربية السورية في منطقة الوعر بمدينة حمص وسط البلاد.

هذا الهجوم أسفر عن استشهاد وإصابة العديد من الأشخاص، بما في ذلك مدنيين كانوا حاضرين في الحفل.

وقد وصفت وزارة الدفاع السورية الهجوم بأنه “عمل إجرامي غير مسبوق” وأعلنت أنه سيتم الرد عليه بقوة.

تبع هذا الهجوم حملة قصف مكثفة نُفذها الجيش السوري بواسطة المدفعية والصواريخ، بالإضافة إلى تدخل الطائرات السورية والروسية على طول خطوط التماس مع المسلحين في ريف إدلب وحلب.

وألقى بيان وزارة الدفاع السورية اللوم على “التنظيمات الإرهـابية” على هذا الهجوم دون ذكر أي تفاصيل عن هويتها، ولكنه ألمح إلى وجود “جهات دولية معروفة” تقف وراء دعم هذه التنظيمات.

على الرغم من عدم ذكر أسماء، يبدو أن الإشارة تشير إلى الولايات المتحدة وحلفائها، بالإضافة إلى تركيا التي تحتل علاقات وثيقة مع “هيئة تحرير الشام” التي تسيطر على إدلب ومجموعات مسلحة أخرى.

الهجوم وقع بعد انتهاء المراسم الرسمية في حفل التخريج الذي حضره وزير الدفاع السوري ومحافظ حمص وعدد من الضباط الكبار.

بعد مغادرة الوزير والضباط، استمرت الأهالي وأبناء الخريجين في التجمع في الساحة، وهناك استهدفت المُسيّرات المنصة الرئيسية ومحيطها.

ردًا على الهجوم، شن الجيش السوري حملة عسكرية كبيرة ضد مواقع الفصائل المسلحة في شمال سوريا، وهي الحملة الأكبر من نوعها منذ بداية عام 2020.

ويشير هذا إلى احتمال تصاعد التوتر على خطوط التماس التي تم وضعها بموجب اتفاقية “خفض التصعيد” التي تم توقيعها في مسار “أستانا” عام 2017.

من المهم أيضًا أن نلاحظ أن الهجوم تم من موقع بعيد نسبيًا عن مناطق الفصائل المسلحة في الشمال، مما يثير تساؤلات حول التكنولوجيا والتدريب الذي تلقاه منفذو الهجوم.

إذا كانت المُسيّرات أطلقت من إدلب، فهذا يشير إلى أن الجماعات “الجهادية” قد امتلكت تكنولوجيا متقدمة تمكنها من توجيه الطائرات بدقة من مسافات بعيدة، وهذه التكنولوجيا تتطلب دعمًا فنيًا وتقنيًا من الدول المتقدمة.

وإذا كانت المُسيّرات أُطلقت من البادية السورية، فهذا يشير إلى أن تنظيم “الدولة” أصبح يمتلك تلك التكنولوجيا المتقدمة، وقد تكون هذه الهجمات جاءت بتحفيز مباشر أو غير مباشر من جانب أمريكا.

وبعيداً من التحليلات التي يجري تداولها في الأوساط السورية، يشير بدء الجيش السوري حملة مكثّفة على مواقع انتشار الفصائل «الجهادية» شمالي البلاد، إلى أن هذه الجماعات متورّطة في الهجوم، بشكل أو بآخر، خصوصاً أنها سبق أن نفّذت هجمات بالمُسيّرات على مواقع للجيش في ريفَي حماة واللاذقية.

غير أن تلك الاعتداءات كانت محدودة بمسافات قصيرة، ولم تكن بالدقّة التي كان عليها هجوم أمس، ما يفتح الباب أمام تصعيد متواصل على خطوط التماس التي رسمتها اتفاقية «خفض التصعيد» الموقّعة بين دول مسار «أستانا» (روسيا وتركيا وإيران) في عام 2017، وما تبعها من تهدئة بقيت صامدة الى حدّ كبير، منذ عام 2020.

وكانت تركيا قد استثمرت هذا المسار عبر توزيع نقاط عسكرية وقواعد غير شرعية على الأراضي السورية، بالإضافة إلى تنظيم صفوف الجماعات «الجهادية» وعلى رأسها «هيئة تحرير الشام» (جبهة النصرة سابقاً)، من خلال مأسسة فصائلها، وبناء هيكلية عسكرية لها، سمحت بتطوير بعض قدراتها العسكرية والتقنية، علماً أن الجيشَين السوري والروسي شنّا خلال الشهرين الماضيين سلسلة هجمات على مواقع تستعملها هذه الفصائل في تطوير الطائرات المُسيّرة.

وبالعودة إلى بيان وزارة الدفاع السورية، فقد اختُتم بالتأكيد أن «المخطّطين والمنفّذين لهذا العمل الإجرامي سيدفعون ثمنه غالياً»، ما قد يفتح الباب أمام كسر «الستاتيكو» الذي سيطر على شمال سوريا، طوال السنوات الماضية، خصوصاً أن الجيش السوري كان قد استقدم خلال الأشهر الثلاث الفائتة، تعزيزات عسكرية إلى مناطق التّماس مع إدلب، حيث جرى الحديث حينها عن عملية لإنهاء وجود الفصائل «الجهادية» التي تتّخذ من إدلب معقلاً لها، بالإضافة إلى استعادة السيطرة على طريق حلب – اللاذقية (M4)، والذي لم تفِ تركيا بجميع تعهّداتها السابقة بفتحه حتى الآن، قبل أن يكتفي الجيش السوري آنذاك بتنفيذ سلسلة استهدافات طاولت معسكرات وقواعد يتحصّن فيها مسلحون تابعون لجماعات «جهادية». 

المصدر: موقع إضاءات الإخباري