ما هوَ حجم العملية، وما هيَ أهدافها؟.
وماهوَ دور مِحوَر المقاومَة، وتحديداً حزب الله، فيها؟
بدايةً، ألفُ ألفِ تحيَةٍ إلى المجاهدين في غزة، ولا بُد لنا من أن نذكر أنَّ الطوفانَ الذي حصل بالأمس كانَت له إرتداداتهُ الداخليةُ والإقليميةُ والدولية، بجانبيه الإيجابي والسلبي، بحسب تموضع كل طرف مُتَلَقٍّ، وكانَ للعملية صَدىً مُدَوِياً، في نفوس الشعوب العربيةِ والإسلامية، وفي نفوس ِكل الشرفاء في جميع أنحاء العالم، الذي استفاق على زلزال ضربَ قلب تل أبيب والبيت الأبيض.
عمليةٌ بهذا الحجم، بكل تأكيد، أنَّها اِحتاجت وقتاً طويلاًمن التخطيط الدقيق والتحضير والتجهيز،وإنتقاء الأفراد، ودراسةِ الأهدافِ والنتائجِ والإمكانياتِ وردَّات الفعل.
المُلفِت في العملية أنها غابَت غياباً كُلياً عن عيون وآذان أجهزة الِاستخبارات الصهيونية الشاباك وأمآن والموساد وغيرهم، ولم يتسرَّب عنها أي معلومة أو أي خبر، حتى أنه لم يحصل أي خطأ قد يَلفِت النظَر في التخطيط والتكتيكِ والتجهيز والتجميع لغاية إنطلاق ساعة الصفر، وهذا من أسرار نجاحها التّام.
عملية عسكرية ناجحة بكل المعايير أذَلَّتِ الصهاينةَ وأهانتهم، على المستويات الِاستخباريةِ والعسكرية، وعلى الصعيدِ الداخليِّ والدوليّ، وأعطت اِنطباعاً عاماً سيئاً، عن مستوَىَ جهوزيةِ الجيشِ المهزومِ السيئَة،وهو الجيشُ الذي يتباهىَ به الأمريكيون والأوروبيون، وصرفوا آلاف الملياراتِ من الدولاراتِ لتسليحِهِ وتدريبه وتطويرهِ طيلة 74 عاماً؛ إذ أكّدت نتائجُ المعركةِ التي تدور الآن نظريةَ الأمين ِ العام لحزبِ الله السيد حسن نصر الله: "أن إسرائيل هي فعلاً أوهَنُ من بيتِ العنكبوت."
المقاومةُ الفلسطينيةُ نفَّذَت مهمتَها بشجاعةٍ وسرعةٍ فائقة، وبِدِقَّةٍ عالية ومهنيةٍ واحترافٍ مُذهِلَيْن،
بينما إسرائيلُ تخبَّطَت لساعاتٍ، قبل أن تَصحوَ من هَولِ الصدمة، وقياداتُها أصبحوا يتبادلونَ الِاتهاماتِ، وَبدأوا بتحميل بعضِهم البعضَ مسؤوليةَ ما جرىَ.
فأعداد القتلَىَ الصهاينةِ فاقَتْ كلَّ التَوَقُّعات، وأعدادُ الجرحىَ أيضاً، أمّا الأسرىَ العسكريونَ الصهاينةُ فحَدِّث ْولا حَرَج، ناهيكَ عن المِساحةِ الجغرافيةِ الكبيرة، التي تحرَّرتْ وأصبحتْ خارجةً عن سُلطَة المُحتلِّين.
أهدافُ العمليةِ العسكريةِ أربعةٌ رئيسية:
1__ الِانتقامُ لِلقُدسِ والمقدسيينَ،وللأقصىَ منَ الصهاينةِ، جزاءَ ما فعلوهُ بالقدسِ وأهلِها،وبالأقصى وبالمُصلّين.
2__تحريرُ الأسرىَ وتنظيفُ السجون، لأنَّ النِتِن ياهو لم يكتفِ بأربعةِ أسرىَ لدىَ حماس لإطلاق الأسرى الفلسطينيين، و رفضَ التفاوضَ حولهم، فأرادَ لمبادلتهم، بالسجناء الّذينَ لديه، عدداً أكبرفحققتْ له المقاومةُ ما أراد، إذ فاق عددُ الأسرى الصهاينةِ المئَةَ أسير، وهؤلاءِ سيحرِّرون الأسرى الأحياءَ والشهداءَ الفلسطينيين.
3__ إجراء بروڨا اِختبارِ اِستعدادِ العدو وجهوزيَّتِهِ، ورسم صورة مُصَغرَة عن المعركة الكُبرَىَ القادمة.
4__تعريَةُ المطبعين مِنَ العرب، وفرضُ شروطِ المقاومةِ لِحمايةِ المقدّسات، وفكِّ الحصارِ عن قطاعِ غزَّةً، قولاً وفعلاً.
إذاً ثَبَتَ،وباليقين،أنَّ طريقَ المفاوضاتِ معَ العدوِّ طويلٌ جداً وفاشلٌ وفارغٌ ومزيَف، والطريقُ الأقصرُ نحوَ القدس، هوَ طريق المقاومة.
كما أكّدَتْ وَحدَةُ الساحاتِ جدواها، بدليل ِ أنّ حزبَ اللهِ أطلقَ تهديداتٍ بوجه تل أبيب، نقلها وسطاءُ، مضمونها: أنَّ أيَّ مبالغةٍ في الرَّدِّ على قطاعِ غزَّةَ ستجُرُّ المنطقةَ إلى حربٍ شاملة، وبذلك سيكونُ حزبُ اللهِ أوَّلَ الداخلينَ في هذه المعركة، وسينفذُ قرارَهُ بِاحتِلال ِ الجليل.
قادَةُ العدوِّ رفعوا سقفَ التهديد، والمقاومةُ الفلسطينيةُ قابلَتْ ذلك بسقفٍ أعلى، والساعاتُ القادمةُ حاسمة، وسيظهر خلالها الخيطُ الأبيضُ من الخيط ِالأسودِ من الفجر.
والنصر حُكماً للمقاومة.
بيروت في...
8/10/2023