في غزّة العزّة الآن .. لا تمطر السماء مطراً بل النار والموت ...
مقالات
في غزّة العزّة الآن .. لا تمطر السماء مطراً بل النار والموت ...
هيام وهبي
2 تشرين الثاني 2023 , 18:22 م


في غزّة الشهيدة المذبوحة أمام أعين المجتمع الدولي برمّتِه وأمام أعين قادة العرب وملوكه ومشايخ إماراته ،لا تجد الآن إلا الدمار والخراب والقتل الوحشي وأصوات الناس تتلو الشهادتين وتحلم بالنصر ...

مع انّهُم يحبٌون الحياة إذا ما أستطاعوا إليها سبيلا...

قد لا تكون غزّة أجمل المدُن ... لكنها الأبهى والأعظم والأكثر جلالاً...

قد لا تكون غزّة أنظف الأمكنة في العالم .. .لكنّها الأطهر والأقدس والأكثر نُبلاً...

غزّة الصامدة .. ليست الأكثر عصرية ً وحداثةً... لكنها الأكثر عراقة وأصالة ورسوخاً في التاريخ ...

هي ليست أكبر المدن ولكنها الأكبر في عيون العدو المرتجف خوفاً من شراسة شبابها في المقاومة ...

قد لا تكون غزّة حلماً وردياً لمن يعشق السياحة والرفاهية ... لكنها الكابوس الذي يؤرق حياة الصهاينة ويلاحقهم ويهدد أمنهم وسلامهم المرجو من العرب...

في غزة لا طفولة للأطفال فالطفل يولد مقاوم .. والطفلة تولد أرملة ...

في غزة يرسم الأطفال قباب القدس وكنائسها على رمال بحرها الممزوج بالدماء ويحلمون بالتحرير والعودة ...

قد لا تكون غزّة مدينة الملاهي الممتعة (والديزني لاند) المدهشة ... ولكنها المكان الوحيد على الأرض الذي يقاوم الطفل فيه كل قوى الطغيان في العالم ..أميركا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وكندا وأوستراليا والعديد من الدول التي تدّعي التحضٌر والإنسانية ... يسحقون عظامه ويقاوم.. يعجنون لحمه ودمه برمال غزّة وركامها ويقاوم ...

فالطفل في غزّة يتربّى وهو مدرك لقدرِهِ .. الشهادة ..وبأنه مشروع شهيد.. فغزّة تستحِّق ، وفلسطين جديرة بالحب وبالموت من أجلها ...

في غزّة تعانق المآذن أبراج الكنائس

وهي تنهار تحت القصف الوحشي الكافر لعدو الله والأديان ...ولا تخضع ..تنحني ولاتركع .. يصدح الأذان فوق بحرها الملوّن بالدماء .. وتُقرع أجراس كنائسها معلنة التحدي للظلم والقهر ...

في غزّة الكلمة الفصل هي حيّ على الجهاد..حيّ على خير العمل ...

غزّة المُقاوِمة ذات البهاء الذي لا مثيل له ، والحزن الذي لا يشبهه حزن ... والإباء الذي لم تعرفه المدُن ...

غزّة التي تطأ الموت بالموت وتهب الحياة لأُمّةٍ

بكاملها ، غزّة ببرتقالها الملغوم ونخيلها المقاوم وأهلها الشرفاء ، هي التي تمثّل الآن تاريخ العرب .. وتخوض حرباً كونية عن كل العرب وعن الإسلام والمسيحية وعن الضمير والأخلاق والقيم الإنسانية ،وقادة العرب يساومون على دمها ويحاصرونها ويموِّلون قاتلها ويتخلٌون عنها ويفرحون بموتها .. فحماة مقدساتنا لديهم ما يشغلهم عن الأهتمام بالحرب ...وعن دماء الأطفال وأشلاء النساء وذبح الشيوخ !!! فأسبوع الترفيه والرقص والطرب وكل انواع اللذات البهيمية أهّم ...

وأسبوع الترفيه هذا غير قابل للتأخير فكل نجمات الفن الهابط ينتظرن هذا الحدث السعيد الذي ( سيلهفن ) فيه ملايين الدولارات !!! ملايين محرّمة على غزّة ومباحة لهنّ...

وكل صراصير الفن سيصدحون بأغانيهم الرخيصةتحت سماء لها قدسيتها في قلوبنا وذاكرتنا الجماعية وسيشربون نخب الشهداء في غزّة ونخب الدمار والموت...!!!

عرباننا الميامين لا وقت لديهم لفلسطين ولا لما يحدث من جرائم لا يصدقها العقل في سماء غزّة... فغزّة هذه قد بددت أحلامهم بالتطبيع وحرمتهم من صداقة قتلة الأنبياء ، لذا فهم يرفهون عن أنفسهم بحفلات المجون والعُهر ...

قادة أميركا اللاتينية الأحرار أدانوا الهمجية الصهيونية وأتخذوا المواقف الحاسمة ضد إسرائيل وسحبوا سفراءهم ووقفوا مع غزّة .. وقادة العرب ينوون عقد قمة من قممهم الفاشلة ليصدروا بياناً مخيِّباً للآمال كما هي عادتهم، ولا أستبعد عنهم أن يدينوا غزّة لأنها تقاوم وتدافع عنهم لترفعهم من مستنقعات الذل والهزيمة...

غزّة هاشم التي تتدمّر أمام أعينكم تهبكم الكرامة والعزّة وتؤسس لمرحلة جديدة مترعة باحتمالات التغيير ،وبحرها الدامي سيغرق إسطورة التفوق العسكري للكيان الغاصب... وفي أرضها المروية بدم ِ الشهداء ودموع الأمهات ستسقط أميركا بكل عنجهيتها وجبروتها وشعارات ديموقراطيتها المفترسة وستصبح غزّة الطوفان المبارك ،رمزاً لإنهيار مرحلة بشعة في تاريخ الشعوب بدأت مع المجرم المرتزق كولومبس عام 1492 وستنتهي مع السفاح بايدن ،وسيبزغ فجر عالم جديد... وستشرق شمس غزّة.. مبشرّة بزمنٍ جميل...

هيام وهبي

المصدر: موقع إضاءات الإخباري