كتب الأستاذ سامح عسكر: ‏معركة حُنين والمندوب الروسي في الأمم المتحدة..
مقالات
كتب الأستاذ سامح عسكر: ‏معركة حُنين والمندوب الروسي في الأمم المتحدة..
سامح عسكر
3 تشرين الثاني 2023 , 08:29 ص


أمس أطلق المندوب الروسي في الأمم المتحدة تصريحات غير مسبوقة، حيث وصف إسرائيل بقوة (الاحتلال) وأنه ليس من حقها الدفاع عن النفس، لأنه دفاع عن الاحتلال في الواقع..

أمريكا منذ قيام إسرائيل وهي لا تصف جيشها بقوة الاحتلال، بل تتعفف عن هذا المصطلح، رغم إيمانها بمعناه، والسبب أن وصفها لإسرائيل بقوة الاحتلال، يعني أن منظمة التحرير والفصائل الفلسطينية من حقهم مقاومة ذلك الاحتلال، وأنه ليس لإسرائيل حق الدفاع عن النفس..بل تسكت عن وصف إسرائيل بالاحتلال بالتوازي مع ترديد عبارة (أن لإسرائيل حق الدفاع عن نفسها)

لماذا؟؟

البشر يكونوا أقوياء للغاية حين يكونوا في موقع الدفاع عن النفس، إنه دفاع عن الأرض والعِرض، دفاع عن المال والدين، دفاع عن الأبناء والأحفاد، وقتها يملكون قيم التضحية والفداء، ويدخلون المعارك دون مهابة الموت..هذا بغض النظر عن صحة أنهم يدافعون عن أنفسهم، لكن الجنود إذا شعروا بذلك وتم تلقينهم نفس المعاني ورددوا على مسامعهم نفس العبارة أنهم يدافعون عن أنفسهم يتحولوا إلى كائنات شرسة..

في معركة حُنين بالتاريخ الإسلامي..عبرة وعظة قريبة من هذا المعنى..

فتح الرسول مكة، وبالتالي سقطت قبيلة قريش ولم تعد حاكمة..هنا شعرت قبائل (هوازن وثقيف وبنو سعد) بالخطر، فأقدموا على تجييش الجيوش وإعداد العدة لحرب المسلمين بدعوى (الدفاع عن النفس) وتقول كتب التاريخ أنهم جمعوا حوالي 4 آلاف جندي، بينما جيش المسلمين أكثر من 12 ألف..منهم العشرة في الفتح وحوالي ألفين من الطلقاء..

دارت المعركة وتحالف القبائل يحارب بشراسة لأن جنوده تم تلقينهم بأنهم يحاربون (دفاعا عن النفس) وأن سيطرة المسلمين على مكة سيتبعه سيطرة على هوازن وثقيف وبني سعد، والمثال العربي يقول (أكلت يوم أكل الثور الأبيض)

وبغض النظر عن نتائج المعركة لكن القرآن يصف حال المسلمين حينها بقوله تعالى "لقد نصركم الله في مواطن كثيرة ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين" [التوبة : 25]

ظن المسلمون أن عددهم الكبير يكفي للانتصار، لكن غفلوا عن أهم عنصر في المعارك وهو (العقيدة القتالية) واليقين بأن المسلم دخل حنينا وهو يدافع عن نفسه أساسا ضد تحالف القبائل، فامتلك الخصم هذه الميزة وأوقع المسلمين في مأزق..

كلمة المندوب الروسي يجب ترديدها على مسامع العالم..

نعم: ليس لإسرائيل حق الدفاع عن نفسها لأنها قوة احتلال، ومن حق الفلسطينيين أن يقاوموا ذلك الاحتلال، وما ترديد أمريكا على مسامع العالم كلمة (أن لإسرائيل حق الدفاع عن نفسها) هو غرضه أمرين اثنين:

الأول: تثبيت جنود إسرائيل في المعارك وإشعارهم بأن لهم حق المقاومة والدفاع، وأن الفلسطيني هو الباغي..

الثاني: ترسيخ الاحتلال وتجريم مقاومته، وهذا مبدأ استعماري بالأساس كان موجودا لدى أي قوة احتلال بالتاريخ، فما من قوة هجمت وسرقت ونهبت أملاك الغير إلا ووصفت من يقاومها بالإرهاب، وأن قتل هؤلاء الذين يدافعون عن حقوقهم مشروعا لأنه في الأخير (دفاع عن النفس)..!!

المصدر: موقع إضاءات الإخباري