الصغير يكبر والضعيف يقوى والمستضعف يستقوى ، وتبقى السياسات العربية التقليدية المتكلسة على حالها، متمسكة بنظريات أمن قومى ثبت فشلها وباتت لا تلبى حاجة الأمن القومى العربى الحقيقية . لماذا لا نتغير لصالح تعاون وتكامل من نوع آخر ، يضع المتغيرات المحلية والاقليمية والدولية فى الحسبان ويستحيب لمتطلبات لم تكن قائمة من قبل ، وتغيرات سياسية واقتصادية وعسكرية ، تمت بسرعة كبيرة منذ الاحتلال الامريكى للعراق فى عام ٢٠٠٣ وما تلاها من أحداث جسام ، سواء فى عواصم القرار العربى ، أو فى العواصم الزجاجية المحمية بالغرب الدنيئ ناهب ثروات الشعوب ، وسند الانظمة العائلية .
فى اليمن المستضعف أو بمعنى أصح الذى كان مستضعفا ، أعلن اليوم عن اسقاط مسيرة حديثة ، انها امريكية من طراز mq9 المتقدمة ، الاعلان جاء من واشنطن أما التصديق عليه فكان بخاتم الذين معه ، عندما خرج المتحدث الرسمى للقوات المسلحة اليمنية فى صنعاء ليعلن المسئولية عن العملية ، وأن عملية تدمير المسيرة كان فى مياه اقليمية يمنية ... إلى هنا .
ثم ماذا بعد ؟
من جهة ، فثقة اليميين والعرب والعجم لم يعد يساورها شك فى أن هناك رجل قوى فى اليمن اسمه عبد الملك ، بنى جيشا وحرر أرضا وحقق معحزات عسكرية ، الأهم من ذلك أنه ربى جيلا ممن يقال لهم فدائين ويسمون أنفسهم مجاهدين . والأكثر أهمية أن هذا الجيل يربى جيلا آخر حتى يأتى جيل جديد ، وهكذا يقين بعد يقين بعد صبر يصبح لدى أحد حواضرنا العربية جيش كبير مسلح باليقين ، عقيدته الموت للظلم الموت للقهر، اللعنة على العملاء ، توافقا مع صرخته الموت لامر يكا الموت لاسر. ائيل اللعنة على اليهو د
وهى الصرخة التى بات جميع الزعماء العرب أو اغلبهم يرددونها ولو على استحياء ، بعد المجازر التى يرتكبها الصها ينة فى غزة والضفة الغربية وكل فلسطين .
ورغم الطعنات التى تتلقاها صنعاء من أشقاء لهم داخل اليمن ، ومن أبناء أخوة لهم فى دول الجوار ، ورغم تحايل الساسة الدوليون وحيلهم لإفشال هذا الجيل اليمنى الشاب ، إلا أنهم مازالوا ماضون فى مسيرتهم بين الدم والنار لتحرير بلدهم من كل قدم أجنبية ، حتى لو كانت أمريكية .
ثم ماذا؟
هل تتذكر ما هو تعقيب مسئول يمنى ذو صفة عظمى على تجول الطائرات الأمريكية فى سماء بلاده تحت عين وبصر كل مضادات الدفاع الجوى التى يمتلكها ؟ لقد قال وماذا أفعل ؟ انها أمريكا ! أما عبد الملك فقد ظل على مدى ٧ سنوات يطالب التحالف العربى ومرتزقة اليمن بأن يخلوا بينه وبين الجيش الامريكى ، فعقيدته أن أمريكا هى العدو وأن الصهاينة هم العدو ، وأن كل العرب فى نهاية الأمر أشقاء مهما وقع بينهم من خلاف أو حتى قتال .
والسؤال
فى حدود علمك ما هى آخر مرة كان لليمن موقف اقليمى مؤثر قبل ظهور عبد الملك ؟
بالفعل كانت لقيادته مواقف خطابية مع العراق وسوريا وليبيا ... الخ ولكنه كان يتراجع عنها ، يعلنها ثم يعنذر عنها .
أما اليوم فقد أصبح ليمن الأنصار كلمة فى كل الاقليم سواء فى البحر الاحمر أو البحر العربى ، وهى اليوم تحظى باحترام القوى الكبرى التى تتجول أساطيلها فى المياه الدولية المحيطة ، وتتحسب لها كل القواعد العسكرية المنتشرة حول باب المندب .
اليوم أيها البشر يعلن فى امريكا أولا عن اسقاط مسيرة امريكية فى اليمن ، بينما تتريث صنعاء لتمارس احدى تكتيكات الحرب النفسية على أكبر قوة عسكرية فى التاريخ الانسان. .
هذا هو اليقين الذى غرسه اليمن الجديد فى شبابه ، هذا هو الايمان وتلك هى الحكمة ، وكلها مبادئ تشير إلى أننا قادرون كعرب ، كمسلمين ، كشعوب عالم ثالث ، كبشر ، كأصحاب حق فى حياة كريمة ، نحن بالفعل قادرون بالبترول وبدونه ، بالغاز وبدونه ، بالمال وبدونه ، بأحدث الأسلحة وبأحقرها ، نحن قادرون بالايمان وباليقين ، ومن بعدها سنمتلك قرارنا فى البترول والغاز والمال والسلاح بالعلم والتكنولوجيا .
إذن
ما الذى يؤخرنا تجاه أن يمد كل منا يده للآخر وأن نبدا جميعا عمرا جديدا من الأخوة ولو بمنطق المصلحة البغيض ، فلا ينزعج جار عربى من قوة جاره ، هل منا من لا يعتبر تحرير الأقصى وحرية الشعب الفلسطينى هدفا وغاية ؟ لقد نجحت الجماعات فيما فشلت فيه الدول ، باختصار الجماعة تجعل من بين رحالها جناحا عسكريا وأخر سياسيا ، وهذه سياسة تستجيب لطبائع الامور ، فلما لا تجتمع الدول على مثل ذلك ؟ بعضها يمثل الجناح المسلح والاخر يلهو فى الميدان السياسى ، بحيث تتكامل المواقف ، وهو ما نراه فى سياسة حلف الاطلنطى مثلا ، أو فى التجمعات السياسية فى أوروبا واسيا وافريقيا .
الخلاصة
كنت دائما على يقين بأن يمن الذين معه سيغير ملامح وجه الاقليم العربى ، واليوم وكل يوم يتأكد يقينى بأن عبد الملك الحوثى هو عين اليقين فى هذه المرحلة من عمر الأمة العربية
إبراهيم سنجاب