المشاهد الموجعة، مشاهد الدم المراق ظلماً تدمي القلب ، تمزّقه ، تكسّره بعد خفقان شديد.
المشاهد المؤلمة ،مشاهد الدم المراق ظلماً تلهب جمر العيون الذارفة بدل الدموع دماً، وتقفل الصدر التنور الذي ضاقت حنجرته على مجرى الكلام ، الكلام المحرّم والمصادر والمكمّم هذه الأيّام ، فصاح:
- أيّها الناس اصرخوا معي ، بملء حناجركم اصرخوا :
- كفى ، أيّها المتغوّلون في الدماء البريئة كفى. كفى فقد بلغ السيل الزبى ، والسيل دم مراق ، ومهدور من غير ذنب على رمال غزة ،وتراب جبل عامل والضّفة، وفي غير رمل وصخر وتراب .
أسرعت زرقاء تحتضنني ،تعمل على تبريد تنور الصدر، وإطفاء جمر العين، وامتصاص جزء يسير من عتبي ، ومن غضبي ،وقالت:
-هوّن عليك يا حبيبي ، انهض واكتب ، اكتب ولو اقفلوا الأبواب على مجرى الحبر
- ما الذي أقوله ؟ ما الذي أكتبه بعد كلّ الذي قيل وكتب ويُقال ؟
- اكتب ، إنّني أرى طوفانات عديدة تجتاح أماكن شتى من هذا العالم المجنون ، وتجرف معها كروشاً وعباءات وعقالات وربطات عنق ، وأوسمة ونياشين، وأبصر حرائق هائلةً تحرق قصوراً وعروشاً وممالك وكراسي صدئة متهالكة.
أجل فالدم المراق ظلماً في المشافي والطرقات والبيوت، وفي الكنائس والمساجد والأزقة والساحات ، والصرخات، والاستغاثات يستحيل طوفانات عديدة لا تنتهي بسوى إحقاق الحقّ، والانتصار للمظلوم من الظالمين ، وانهزم شذاذ الآفاق المجرمين
د.علي حجازي