خاص.. رجال السّابع من أكتوبر دقّوا جدران الخزّان يا غسّان! هبة دهيني
مقالات
خاص.. رجال السّابع من أكتوبر دقّوا جدران الخزّان يا غسّان! هبة دهيني
هبة دهيني
20 تشرين الثاني 2023 , 17:41 م

يُحكى أنّ حبر القلم صارَ مرّةً فوّهة بندقيّة، وصارت الكتابة فعلًا مقاومًا اعتياديًّا نعيشه، يُحكى أنّ الكلمة صارت رصاصةً يخشاها "الجيش" -الّذي يدّعي- أنّه لا يُقهر، وأنّ رجلًا فلسطينيًّا كنفانيًّا "كفَّن" الاحتلالَ بأحرفه، وُلد في عكّا، وتنشّق ريح يافا ودمشقَ وبيروت، تذوّق عواصم النّضال فكانت نهايته استشهادٌ بانفجار سيّارة مفخخة لعملاء "إسرائيليّين" في بيروت. يُحكى أنّ اسمه كان "غسّان"، وأنّه خطّ موته بقلمه، قبل أن يرى رجال السّابع من أكتوبر، الذين لم يدقوا جدران الخزان فحسب، بل "واخترقوا" الجدار كلّه! في ختام روايته "رجال في الشّمس"، كان السؤال الذي طرحه غسّان... "لماذا لم تدقوا جدران الخزان؟"، شكّل سؤاله صرخةً تهدف لإيقاظ الأمّة، كما هدفت في الرّواية لإيقاظ الرجال الفلسطينيين الذين بحثوا عن حلّ لمشكلتهم الفردية بالهرب إلى الكويت في خزّان شاحنة، ففي نقطة التفتيش على الحدود بين الكويت والعراق، يموت الرجال الثلاثة في الخزان تحت وهج الشمس الحارقة، لأنهم لم يمتلكوا الشجاعة لكي يصرخوا ويدقّوا جدران الخزان. ما أراد غسّان أن يقوله هو أنّ من لا يقرع جدران الخزّان يموت متعذّبًا تحت راية الشّمس، أيّ أنّ من لا يقرع جدران الاستعمار سيموت خاضعًا تحت راية الاستبداد، وأنّ الحلّ الوحيد "المشروع" هو أن تُقاوم، وأن تحمل سلاحك حتى لو كان حجرًا أو قلمًا أو ريشة، فصديقه "ناجي العلي" كان مدركًا لذلك حين قال "للي بدو يكتب أو يرسم لفلسطين، بدو يعرف حالو.. ميّت!" يا غسّان! رجال فلسطين "اخترقوا" جدار الاحتلال، وعلّموا العالم أجمع في السابع من أكتوبر، كيف تُنتزع الحرّيّة من قيود الأسر الوهميّ، علّمونا يا غسّان كما سبق وعلّمتَنا، أنّ الأجساد تموت، لكنّ الفكرة تبقى، وأنّ "المقاومة" تولد من رحم بقعة جغرافيّة صغيرة تُسمّى "غزّة". قرأناكَ يا غسّان فكرةً لا تموت، لكنّنا رأيناكَ في وجوههم الملثّمة اليوم، رأينا معنى "أموت وسلاحي بيدي، لا أن أموت وسلاحي بيد عدوّي"، أبصرنا أكتاف الرّجال "الّتي خُلقت لحمل البنادق"، أدركنا "شعب فلسطين الّذي يشتعل حبًّا، ويزهو بأوسمة الأقحوان"، وبأعين الأمّهات يا غسّان فهمناكَ يوم قلتَ "هذه المرأة تلد الأولاد فيصيرون فدائيين، هي تُخلّف وفلسطين تأخذ"، أنتَ "حكيتَ عن الحرّيّة الّتي لا مقابل لها"، ورجالُ فلسطين -لو تراهم يا غسّان- أرَونا كيف تُؤخذ الحرّيّة بالرّغم من أنف الاحتلال، وكيف يصير الطّوفانُ سيلًا جارفًا، سيخترق، ليس فقط "جدران الخزّان"، بل ومستوطناتهم بأكملها، وسيجيبونك على سؤالك -بدمائهم- يوم قلتَ "ما هو الوطن؟"، سيصرخون بأنّ الوطن… هو "أن" يحدث هذا كلّه! 

المصدر: موقع إضاءات الإخباري