هل تأخرت إيران في استيعاب ما حصل؟ المنطقة تغلي واللي سبق، شم الحبق
مقالات
هل تأخرت إيران في استيعاب ما حصل؟ المنطقة تغلي واللي سبق، شم الحبق
حليم خاتون
7 آذار 2025 , 14:25 م

كتب الأستاذ حليم خاتون:

نحن جماعة السوشيال ميديا كما يحب الكثيرون تسميتنا؛ نحن لا نملك أكثر من تحليل ما يجري بأكبر قدر من محاولة ربط المعلومات بشكل منطقي لأن لا صلة لمعظمنا بأي جهاز مخابرات، لا غربي، ولا شرقي، يزودنا بمعلومات مفصلة لن تظهر الا بعد فوات الأوان... بعضنا يتبع فعلا لأجهزة مخابرات كما مكرم رباح وطوني بولس ونديم قطيش ومن لف لفهم... بعضنا الآخر موتور طائفيا او مذهبيا كما صقر سفاح ال٧٥، وشارل جبور وصالح المشنوق؛ لكن الكثيرون منا هم أبناء هذه الأرض؛ يعيشون فوقها ومن أجلها حتى لو تغربوا...
الوزير الأسبق وئام وهاب يهاجمنا كما غيره، وهذا حقه؛ لكن الوزير كما غيره لا يرفض الظهور على وسائل تلك الميديا لأن هذه الوسائل هي ببساطة، أكثر صدقا، وأكثر موضوعية من كل الأجهزة الرسمية والحزبية على اختلافها...

في منطقة الشرق الأوسط، يسود مثلث متحرك من إيران، تركيا وإسرائيل بينما يحاول بعض العرب الظهور في الصورة بين الحين والآخر دون جدوى لأن بلاد العرب تفتقر في عصرنا الحالي الى رجال ذوي وزن؛ العالم العربي، كما العالم الإسلامي محكوم من اشباه رجال لت يجرؤ أي منهم على تحدي اميركا او حتى بريطانيا...
في منطقة الشرق الأوسط يوجد ببساطة شديدة محور اسرائيلي صهيوني أميركي بريطاني مدعوم من حلف الناتو في وجه محور مقاومة فلسطينية لبنانية عراقية يمنية مدعومة من إيران...
بين هذين المحورين يلعب الكثيرون على الحبال كما تركيا واتباعها، روسيا واتباعها... بعض هؤلاء مرئي في الصورة، والبعض الآخر يحاول اللعب لكن وفق شروط الاميركية بشكل عام كما فعلت الصين في مقاربة السعودية / إيران....هؤلاء يبيعون ويشترون وفق مصالحهم...تركيا لا تتوانى عن الوقوف مع إسرائيل رغم كل الكلام المعسول حول فلسطين إذا رأت انها بذلك تقضم من نفوذ إيران... المهم لتركيا أن تبقى ضمن مثلث السيطرة في الشرق الأوسط... روسيا، ورغم كل الكلام المعسول حول العلاقة الاستراتيجية مع إيران، قامت بالمساهمة الفعالة للقضاء على نفوذ إيران في سوريا وهناك شكوك فعلية بدور روسي سيء الذكر في خيانة القضايا العربية لم يبدأ اليوم؛ بل كان كذلك منذ أيام الاتحاد السوفياتي، ومن هنا فليسمح لنا الأخ الرفيق فادي ابو دية بالطلب منه التخلي عن الجنسية الروسية بعد تبين الدور الروسي المشؤوم في صفقة أوكرانيا مقابل سوريا...
لكن تحميل مسؤولية كل الكوارث التي حصلت فقط للمحور الاسرائيلي الأميركي البريطاني الذي يضم بعض النظام العربي لا يوصلنا إلى حقيقة ما جرى...يتحمل المحور المدعوم من إيران كما تتحمل إيران جزءا ليس قليلا من مسؤولية ما جرى...يكفي هنا الاستشهاد بتقرير صادر عن جهات في جيش العدو الإسرائيلي تقول بأنه لو تم تنسيق "طوفان الأقصى" بين حركة حماس وحزب الله لكانت قوة الرضوان قد اقتحمت المستوطنات والمعارك تدور في أحياء حيفا...قد يدور في ذهن البعض إن هناك نية لتحميل حركة حماس وزر عدم التنسيق مع المحور بشكل عام او على الأقل مع النواة العربية الصلبة داخل هذا المحور، حزب الله...في الحقيقة، لم تخطئ حماس في المضمون وإن اخطأت في الشكل... راهنت حركة حماس على عدم تخلي محور المقاومة عنها وهذا ما حصل فعلا...لكن عدم التخلي عن حماس شيء، والدخول في الحرب خطوة إلى الأمام، خطوتين إلى الوراء شيء آخر...دخل حزب الله حرب إسناد لغزة رغما عن نصيحة إيران بعدم فعل ذلك كما تسرب عن الشهيد عبد اللهيان الذي ذهب ضحية وهم إمكانية التفاهم مع الأميركيين...يقال إن السيد نصرالله أجاب عبد اللهيان قائلا: كيف استطيع مواجهة ربي حين يسألني اذا ما انا تقاعست عن إسناد الشعب الفلسطيني المظلوم...

لكن السيد نصرالله الذي كان على استعداد للذهاب حتى الحرب الكبرى من أجل فلسطين كما يخبرنا الأخ أسامة حمدان، اصطدم كما يظهر جليا في ما لحق من أحداث بعزوف إيراني واضح عن هذه الحرب رغم الشعارات الإيرانية العلنية البراقة...
هكذا، تخلت إيران عن المحور ورفضت الحرب الكبرى بالتوافق مع الديمقرطيين في أميركا علها تصل إلى تفاهم ما... 
لكن الديمقراطيين الذين خدعوا الإيرانيين برفض الحرب الكبرى قاموا هم انفسهم مقابل ذلك بالزام أميركا ومعها بريطانيا وحلف الناتو بشن حرب أكبر من كبرى على حزب الله شاركت في عملياتها الأولى أميركا وبريطانيا مباشرة من القواعد في قبرص واليونان وربما حتى من تركيا والخليج أيضا...
وصل عدد الغارات الأولى ضد قواعد حزب الله ومخازنه إلى ١٦٠٠ غارة في يوم واحد وهو ما أجمع كل الخبراء العسكريين على عدم قدرة سلاح الطيران الصهيوني وحده القيام بها في يوم واحد ورجح الكثيرون مشاركة طائرات أميركية وبريطانية وحتى إماراتية في هذه الغارات...
باختصار، رفضت إيران بغباء شديد الذهاب إلى الحرب الكبرى التي تستطيع عبرها المحافظة على وجودها شرق المتوسط، فقامت أميركا بهذه الحرب بدلا عنها وثبتت الوجود الاسرائيلي الذي كان السابع من اكتوبر قد هدده بشكل كامل...
كأننا بإيران الفارسية تجبر إيران الإسلامية على الاحتكام مرة أخرى في التاريخ إلى أبو موسى الأشعري في عصرنا الحالي...
الموقف الإيراني لم يؤثر فقط على جبهات الإسناد سلبا، بل سمح للروس بالعودة إلى خيانة القضايا العربية عندما حمل مستشار نتنياهو رون دريبر إلى موسكو وانقرة اقتراح التخلي عن أوكرانيا في أوروبا، وعن حزب العمال الكردستاني في تركيا مقابل المساعدة في تدمير محور المقاومة...
تلكؤ إيران، وعدم وقوفها بصلابة إلى جانب المقاومتين اللبنانية والفلسطينية هو أحد أهم الأسباب التي فتحت الطريق أمام إسرائيل لشراء روسيا وتركيا...
في سوريا، حرصت روسيا على وضع بشار الأسد تحت الإقامة الجبرية قبل نقله إلى حميميم خوفا من ذهابه أبعد بعد رفضه اتفاقا سريا جرى بين بوتين واردوغان برعاية اميركية إسرائيلية جرت بموافقة بايدن وترامب معا؛ حيث تسرب أن صلية الصواريخ الأخيرة التي دكت تل أبيب من قبل حزب الله وأجبرت هوكشتاين على السعي إلى وقف النار كانت من الأراضي السورية وبموافقة الأسد كما صرح الوزير وئام وهاب، وكما لمح الكاتب نضال حماده...
لقد أجبرت إيران السيد نصرالله على الوقوع في نفس الفخ الذي وقع فيه عبد الناصر في حزيران يونيو ٦٧...
كما تحطمت الطائرات العربية على الأرض في يونيو ٦٧،كذلك تم تدمير معظم قواعد حزب الله قبل الإطلاق في سبتمبر ٢٠٢٤...
تلكؤ إيران أجبر حزب الله على التردد وعدم الهجوم في اللحظات التالية لطوفان الأقصى وهذا ما أدى الى مسارعة الناتو في شن الحرب الكبرى ومفاجئة السيد نصرالله بالقيام بحملة الpagers واغتيال القادة في الصفين الأول والثاني على الأقل ما أجبر مقاتلي الحزب على القتال بفرق صغيرة متفرقة أبدت بطولات سوف يتحدث عنها التاريخ؛ لكنها أدت في النهاية إلى موافقة حزب الله على وقف لإطلاق النار جعل من لبنان محمية أميركية وبلد تحت الاحتلال الفعلي للسفارة الأميركية...
التلكؤ الإيراني هو ما أدى الى لجوء حزب الله إلى الحديث عن الانتصار بالنقاط في وقت كانت إسرائيل قد فقدت رشدها في الساعات الأولى من طوفان الأقصى ولم يكن ينقص سوى تطوير حماس للهجوم عبر الدفع بآلاف المقاتلين إلى مناطق غلاف غزة ومحاولة شق طريق إلى الضفة في نفس الوقت الذي تجتاح كتائب الرضوان الجليل  وتقوم بنقل المقاتلين الفلسطينيين إلى قراهم الأصلية لكي يتمترسوا هناك ويقوموا بحرب شوارع داخل خطوط ال٤٨...
باختصار افتقد محور المقاومة إلى غرفة عمليات موحدة بسبب إيران...
احتاج التيار الثوري في الجمهورية الإسلامية إلى اكثر من ١٥ شهرا قبل أن يفهم أن التيار القومي الاصلاحي سوف يؤدي به إلى كارثة...
خسر فلسطين ولبنان بشكل شبه كلي وما بقي هناك بالكاد يستطيع الدفاع؛ خسر سوريا بالكامل؛خسر جزءا كبيرا من النفوذ في العراق...حتى اليمنيون لم يعودوا يثقون كثيرا بقرارات طهران...
متأخرا فهم تيار الثورة في الجمهورية الإسلامية أن الغرب يعد له ما فعله في سوريا...
صحيح ان القواعد العسكرية في إيران تنتشر على بقاع واسعة، ومن الصعب القيام بضربة واحدة قاضية كما حصل في ال١٦٠٠ غارة في لبنان حتى لو شارك كل الناتو في هذه العملية؛ لكن اختراق الجيش الإيراني ليس عملية مستحيلة...
ما حصل قبل عقود حين انقلب الجنرالات على رئيس الوزراء مصدّق وأعادوا الشاه الى الحكم ممكن تكراره...
في إيران مجموعة كبيرة من القوميين الذين يعتقدون أن علاقة الشاه السابق وأمريكا هي الكفيلة بتسيد إيران على الخليج وبالتالي على الشرق الأوسط...
يحقد هؤلاء القوميون على العرب ويلومون الإسلام في إندثار الإمبراطورية الفارسية...
أما الحرس الثوري والقيادات؛ فما قامت به أميركا وإسرائيل وبريطانيا ضد قيادات حزب الله وصولا إلى السيد نصرالله وخليفته المحتمل، السيد هاشم صفي الدين ممكن تكرارها في إيران عبر اغتيال قيادات الحرس الأساسية وصولا إلى اغتيال المرشد نفسه بشكل يسمح لجنرالات التيار القومي بأخذ السلطة وإعادة خليفة الشاه وإقامة سلطة لصيقة بأمريكا...
استفاق التيار الثوري فقام باجبار محمد جواد ظريف على الاستقالة وبدأ إجراءات ما بعد نهاية التفاوض غير المجدي مع أميركا...
استفاق التيار الثوري، صحيح...لكن هل استفاق في الوقت المناسب؟
الحرب على الأبواب...التكاليف التي سوف تدفعها طهران أكبر بكثير فيما لو كانت جبهات المقاومة لا تزال بخير...
لكن من الأفضل أن تستفيق متأخرا من أن لا تستفيق في الوقت المناسب...
فليكن الله معنا...ربما ننجح هذه المرة في هزيمة حلف الناتو وإنهاء إسرائيل...
لكن بالضربة القاضية وليس بالنقاط... 
فقط بالضربة القاضية...
فقط بآلاف الصواريخ وعشرات الآلاف من الصواريخ التي تستطيع وحدها إعادة الأمور إلى نصابها في الشرق الأوسط وإزالة دولة الاستيطان...                      
المصدر: موقع إضاءات الإخباري