عظمة الشهادة تنحني لها الرؤوس
مقالات
عظمة الشهادة تنحني لها الرؤوس
25 تشرين الثاني 2023 , 11:20 ص

كتب حليم الشيخ

٢٦-١١-٢٣

أيام الحرب الأهلية، كانت كل ضيعة في الجبل تصر على حمل نعش الشهيد على أكف الرجال من أول الضيعة حتى آخرها في الطريق الى الضيعة الأم حيث يمر الرفاق لإلقاء نظرة الوداع الأخير وتقبيل الجبين الطاهر قبل تسليم القربان إلى الخالق في مدفن هذه الضيعة...

في الطريق؛ في كل ضيعة، كانت تدق أجراس الكنائس أو تتلى الآيات تكريماً دون السؤال حتى عن دين الشهيد أو مذهبه أو حتى إيمانه...

المهم أن الشهيد سقط من أجل الوطن... كان هذا يكفي...

يوم أمس، يوم سقط الشهيد عباس محمد رعد، اجتمع اللبنانيون جميعا تقريباً على تحية القائد الجديد الذي سقط...

أحد أهم مميزات هذا القائد أنه مثل الكثيرين الذين سبقوه، ابن لقائد لم يحمل حقيبة ويرحل إلى الغرب، أو بقي في البلد يعقد الصفقات في بلد تحلبه طبقة الواحد في المئة...

حتى ديما صادق حنت برأسها خجلاً وإن كانت حاولت تمرير بعض السم عبر الايرانوفوبيا في كلام عن قتل إيران لمقاومة "جمول" الوطنية!!!...

بعض يسار الستينيات والسبعينيات الذي انتقل الى الحضن الأميركي لا يستطيع حتى اليوم فهم المعادلة...

*"طار الملك، وطار الشاه، طاروا بعون من الله..."*

لا يعجب البعض أن الثورة في وطننا عادت لتنطلق من الحسينيات والمساجد في لبنان، ومن المساجد في فلسطين...

تنحني الرؤوس لكل ثوار العالم، من روزا لوكسمبورغ إلى تشي جيفارا إلى باتريس لومومبا إلى هوشي منه... إلى غيرهم...

لكن الثورة في بلادنا قامت على يد وريث الانبياء الإمام الخميني، وحمل شعاعها إلى لبنان رجال من طراز الشهيد قاسم سليماني...

قد لا يعجب هذا الأمر الكثيرين من اليسار الفاشل، أو المتقاعدين من حركات القومية العربية الذين دفنوا أنفسهم يوم غاب جمال عبد الناصر...

قد لا يعجب هذا الأمر المتزمتين من المذاهب الأخرى الذين لا يريدون رؤية كيف تقف إيران إلى جانب فينزويلا المسيحية، وفلسطين "السُنيّة" بينما يبيع النظام الرسمي العربي نفسه في سوق الدعارة الدولي...

اجتمع كل الطيف المذهبي تقريبا في وداع الشهيد عباس محمد رعد...

الحمد لله أن الشهيد استطاع توحيد كل الطوائف في حين لم يستطع استقلال يوم ٢٢ تشرين الثاني خطف أي اضواء بسبب معرفة الجميع أن حكومة لبنان، ونظام لبنان، لا يحملان أي صفة استقلالية في بلد لم يكن يوما لا حرا، ولا مستقلاً...

قد لا يستطيع المرء سماع كل مقابلة ديما صادق مع رواد ضاهر في برنامج "بالمباشر"؛ كما لم يستطع سماع كل هرتقات شارل جبور أيضاً مع رواد ضاهر في دعوته! إلى (الكفاح المسلح!) في وجه الشريك اللبناني وفي وجه اللاجئ الفلسطيني أو النازح السوري... لكن حين يأتي الأمر للحديث عن العدو الصهيوني، يعود "الثائر!" شارل جبور الى مقولة "من ضربك على خدك الأيمن، در له الأيسر"...

كاد شارل جبور يبكي من شدة التأثر بدعوات المهاتما غاندي حين جرى الحديث عن الصهاينة... 

أما الأمريكان... فهم ظل الله على الأرض في نظر شارل افندي...

تماما كما نديم قطيش ونظرية السلام الذي كان يسود منطقة الشرق الأوسط قبل أن تخرب حركة حماس هذا العرس في السابع من أكتوبر...

من اين يأتي هؤلاء العباقرة بهذه الهرتقات!!؟... 

ربك وحده يعلم...

يتكلم نديم قطيش من شاشة بلد النعيمي الذي يعطي "اليهود" حقوقاً في فلسطين يرفضها حتى قسم كبير من اليهود المعادين للصهيونية...

رحمتك ربي... 

قد أبدع أبناء زايد وسلمان وخليفة ومعهم محمد السادس والسيسي وعبدالله الثاني وغيرهم من صبية أميركا حيث فشل الآخرون...

تحزن ديما، ويحزن نديم وشارل لأن هذه العبقرية في الخنوع والاستسلام لم تستطع اختراق جدار حزب الله وحماس والجهاد والشعبية...

رحم الله جورج حبش الذي لم يعش حتى يرى نظريته في ستالينغراد العرب تتحقق في غزة...

رحم الله جورج حبش الذي رأى بعين ثاقبة أن الكيان لن يعطي العربي شيئا غير العبودية والاستسلام لحلم اسرائيل الكبرى وان هذا ما سوف يدفع بعض العرب إلى الحرب الكبرى التي تنهي هذا الكيان...

حتى المجازر وقتل الأطفال والنساء والشيوخ في حفلات يومية بإجازة غربية، عربية لم تنجح في إخضاع العزة في غزة...

الأساطيل التي جاءت، لم تأتِ كي تعود...

كل الدلائل تشير إلى أن غزة تغدت بالكيان قبل أن يتعشى هو بها...

المشروع الأميركي لم يهدأ يوما عن التفكير في كيفية أخذ الأرض دون البشر...

المشروع الأميركي في حيرة من أمره...

هل يذهب ضد ايران حتى الأخير؟

اسرائيل ليست مجرد قاعدة استعمارية للغرب؟

الغرب يملك قواعد في كل العالم العربي وفي تركيا وأوروبا وآسيا...

يتساءل المرء لماذا تحرص اميركا على هذه القاعدة تحديداً وكل النظام الرسمي العربي في يدها كما الخاتم في اصبع سليمان... بل حتى كل النظام العالمي...؟

لماذا يريد من اسرائيل كل الغاز والنفط في بحر غزة وبحر فلسطين وهو اصلا يعود إليها مع كل النظام الرسمي العربي ومحمود عباس...؟

لماذا يريد شق قناة بن غوريون لمنافسة قناة السويس، وقناة السويس ومصر كلها في جيب الإمبريالية الأميركية...؟ 

سؤال سهل جداً، والإجابة عليه أكثر سهولة ووضوح... لكن الكثيرين من اهل الشرق لا يريدون سماع هذه الإجابة ولا يريدون رؤية حقيقة ما يجري وحقيقة الأمر...

نحن اهل الأرض...

جاءت الحملات الصليبية الاولى وحكم الصليبيون هذه الأرض لمئات السنين...

لكن صاحب الأرض لا يمكن أن يبقى ذليلا إلى الأبد...

انتفض أجدادنا وطردوا الصليبيين من بيت المقدس ومن كل هذا الشرق...

الحملة الصليبية الجديدة عرفت ما حصل في السابق...

هي تعود اليوم بحلة جديدة ومعها عدة جديدة...

هذه المرة يجب القيام بالمهمة على طريقة ما جرى في القارة الأميركية...

هذه المرة يريد الغرب القيام بحرب إبادة على الطريقة الأميركية...

ما جرى في غزة هو فقط بروفة عنيفة لما ينتظر أهل الشرق...

يبدأ بالذين يحملون العنفوان والكرامة... لكنه سوف يصل في النهاية حتى إلى تلك القطعان من غنم العرب وأبقارها...

يومها سوف يحشر ابن سلمان وابن زايد وأمثالهم في غيتوات كما الهنود الحمر في أميركا...

في السابق برع الجنرال البريطاني في زرع فايروس الجدري في بطانيات تم توزيعها على اهل الأرض في أميركا حتى تمت الإبادة...


غدا سوف يجري زرع فايروس اخر من سلالة كورونا ربما، حتى تتم إبادة أهل هذه الأرض...


إلا يتحدث بعض الغرب عن المليار الذهبي الذي يحق له وحده أن يبقى على هذا الكوكب...


يريدون أن نكون نحن اول من يفنى على هذا الكوكب...


شهادة عباس محمد رعد ليست أكثر من صرخة برفض الإبادة التي تجري فلسطين والتي سوف تصل إلى كل بيت، والى كل ضيعة إذا لم نهب جميعا في وجه الأميركي القذر المنتشر في ارضنا وبحارنا وفضائنا...

                     حليم الشيخ

المصدر: مموقع إضاءات الإخباري