كتب جورج حدادين
من أطلق على عملية 7 تشرين " طوفان " أصاب كبد الحقيقة ، متنبئً بنتائج وتداعيات طوفانية على كافة الصعد: المحلية الأقليمية والعالمية
لم تنتج أي حركة تحرر عبر التاريخ، خلال أيام معدودة، إنقلاباً صاعقاً، في الموقف الجماهيري العالمي، كما أنتج " طوفان الأقصى "
فجر دعم وتعاطف غير مسبوق مع النضال الوطني الفلسطيني احتجاجات على مواقف انظمة الحكم في المركز وفي المحيط، الداعمة والمتواطئة مع جرائم الكيان الصهيوني التي فاقت كل تصور للإجرام،
عمّت مظاهرات وفعاليات واعتصامات مدن العالم، وفعاليات عملية في الكثير من البرلمانات الغربية، وفي المقدمة البرلمان الإيرلندي ، الذي طرد سفيرة الكيان من دولته، كما ووصل تعاطف دول من أمريكيا الاتينية بقطع علاقاتها مع الكيان وطرد السفراء.
ومحاولة الإطاحة ببايدن عبر جمع تواقيع في المؤسسات الرسمية، والإحتجاجات الشعبية
ووصل الأمر، أمين عام الأمم المتحدة، جوتيرش، يعلن في مؤتمر الدوحة " أعدكم أنني لن أستسلم " في منع الإبادة الجماعية في غزة
وعلى صعيد النخب بدأت خطوات عملية من قبل قانونيين ومحامين عالميين عبر عقد مؤتمرات وتسجيل دعاوي في المحاكم الوطنية والدولية لجر مجرمي حرب الكيان الى العدالة
تحرك مثقفين وكتاب وفنانين وشعراء ودبلوماسيين ونقابات وأحزاب تقدمية، لوقف المجزرة ضد أطفال ونساء وشيوخ غزة، والمطالبة بحقوق الشعب الفلسطيني ورفض سياسة الفصل العنصري الذي يمارسه الكيان ضد الشعب الفلسطيني،
من تداعيات الطوفان تم الإعلان عن تأسيس حزب الاستقلال في إيطاليا، صرح قادته أن الإستقلال عن الهيمنة الأمريكية، ليس حكراً على إيطاليا فقط بل لكل شعوب العالم،
فضح الطوفان مواقف الدول الغربية، الداعم لجرائم الكيان، في الوقت ذاته ولّد حالة من التخبط في مواقف حكومات الغرب،
إنفجار الغضب في شوارع الغرب، ليس فقط نتيجة التعاطف مع نضال الشعب الفلسطيني، وإنما أيضاً نتيجة الاحتقان الداخلي في هذه المجتمعات، حيث تسارع وتائر التضخم والبطالة والفقر الحقيقي، وتهتك شبكة الأمان الاجتماعي، نتيجة الدعم اللامحدود للحرب الأوكرانية، ودعم نازي أوكرانيا في الحرب على روسيا، خدمة لمصالح الطغمة المالية العالمية والمجمع العسكري الأمريكي، التي تهدف لتفكيك الاتحاد الروسي والإستحواذ على ثرواته ومقدراته،
عبر تمويل هذه الحرب على حساب مصالح الدول ذاتها وعلى حساب لقمة عيش مواطني هذه الدول ، بهدف أن تنتج في الوقت ذاته إنزياحات اجتماعية في أوربا لصالح إعادة إحياء النازية والفاشية،
تتضح من خلال تنامي المد اليمني في دول الغرب مترافقاً مع قمع الحريات العامة عبر قوانين عالمثالثية، وممارسات قمعية وصلت حد الحبس لمن يعلن تعاطفه مع الشعب الفلسطيني
يبدو أن النخب الغربية التقدمية قد تلمست ان الطغمة المالية العالمية تعمل على إعادة إنتاج نازية وفاشية جديدة في الدول الأوروبية، من أجل مجابهة تصاعد قدرات ومكانة روسيا على الصعيد العالمي، تماماً كما حصل بعد الحرب العالمية الأولى، بعد تنامى دور القوى الاشتراكية في الدول الغربية، مما أرعب المركز الرأسمالي فكان لابد لمواجهة القوى الاشتراكية من اسيلاد قوى نازية وفاشية لتلعب دور المواجهة، فتم دعمها من قبل الشركات العملاقة في ذلك الوقت: مرسيدس وبيرن وفورد،
وكما حصل في إفغانستان، حيث تم استيلاد ودعم قوى الاسلام السياسي ، لمواجهة الحكومة الوطنية التقدمية المدعومة من قبل الاتحاد السوفيتي، وفي الوقت ذاته خدمة لهدف إضعاف الاتحاد السوفيتي وصولاً الى تفكيكه،
هذه التجارب لا تزال مختزنة في ذاكرة النخب الغربية التقدمية، وقد تشكل مسار الاحداث اليوم طريق إجباري للتخلص من الظلم والإضطهاد والاستغلال والحروب، التخلص من علة وسبب هذه الحالة، التخلص من بنية النظام الرأسمالي العالمي ذاته،
قد يتوج هذا المسار في المدى المنظور ثورة اجتماعية عالمية تطيح بنظام الطغمة المالية العالمية
ويبدو أن المقاومة الفلسطينية كلما ازدادت صموداً كلما تصلب هذا الحراك العالمي وكلما تحولت الى حركة تحرر قد تفجر شرارة ثورة عالمية
دعم المقاومة الفلسطينية بكافة الإمكانات واجب حركات التحرر في العالم