بيروت؛ ١٦/١٢/٢٠٢٣
ميخائيل عوض
في حرب غزة وانخراط المحور لإسنادها والضغط لوقف تدميرها وتجويعها تظهر مفارقات كثيرة، وهذا امر منطقي في زمن اللامعقول والعجائبية وغير المسبوقات.
امريكا حشدت اساطيلها ومسؤوليها وانذرت حزب الله وسورية وايران بالتدمير الشامل اذا دخلت الجبهات ثم بعد ان جرى تشغيل جبهة لبنان واعلن السيد نصرالله ان دورها اسناد واشغال وعلى جاهزية للحرب الطاحنة اذا طلبت غزة فانتصارها وانتصار حماس التزام للمحور لا حياد عنه ولا موانع ولو ذهبت الامور اي مذهب.
اعلن بايدن اثناء عودته من اسرائيل انه ابلغ نتنياهو بان امريكا لن تقاتل معه اذا انفجرت جبهة الشمال ودأب الامريكيون على ضبط ردود فعل اسرائيل وجيشها في جبهة الشمال، باستثناء عنتريات نتنياهو وغالانت وتهديداتهم الفارغة.
اعلن الحوثي وفعل في فرض الحصار على اسرائيل بحريا، وناشد نتنياهو بايدن والغرب لتشكيل تحالف لتولي الحرب على اليمن ولم يستجب احد ولم يرتهب اليمن بل زاد من وتائر استهدافه للسفن المتجهة الى مرافئ اسرائيل.
العمليات ضد القواعد الامريكية في سورية والعراق ازدادت معدلاتها بأكثر من ٤٥% بحسب التقارير الامريكية اي ان الفصائل العراقية لم ترتدع او تتهيب التهويل الامريكي والتهديدات.
في لبنان يعلوا الصراخ والتهديد والانذارات في الاعلام ووسائط التواصل ويحدثونك عن الفرنسي والامريكي والخطوط الحمر والضغوط لانسحاب الرضوان الى الليطاني وتطبيق ال١٧٠١ وتعديله. ويخرج الكثير من الافواه عن صمتهم وينتقدون فتح الجبهة والعمليات التي يصفونها بانها لا تغني ولا تزبد سوى تعطيل وخسائر للبنانيين ولبنان. ويذهب بعض من في بطانة المقاومة وقاعدتها الاجتماعية والمحسوبين عليها بسرد القصص والمعطيات والقدرات التي تمتلكها امريكا واسرائيل ويرسمون مستقبلا مظلما للبنان وحزب الله والمحور اذا ما تطورت الحرب، وزادت المقاومة واو المحور من جهود الاسناد والاشغال ويحذرون بشدة وارتهاب من خطر ان تتحول الى حرب طاحنة، اصلا لا يريدها الحزب ولا يسعى لها المحور واستراتيجيته الحرب الطويلة وترصيد النقاط ونزع فتائل الحرب الطاحنة ما دام تحرير فلسطين جار على نار حرب خفيفة فلماذا الحرائق؟؟؟
ويشيعون بان ايران المأزومة والمرتهبة من الامريكي تأدبت وخفضت منسوب تدخلها ودورها وبأنها باتت قوة ضغط على حزب الله للجمه وضبطه عند حدود دور شكلي في العمليات العسكرية لحفظ ماء الوجه.
تسأل ومن اين لأمريكا القدرة على التهويل والترهيب وما الدافع لحزب الله والمحور ان يخضع ويقبل الهزيمة الاستراتيجية بمجرد التهديد والتخويف وقبل ان يجرب الحرب مهما كانت الاثمان.
تسأل ما الجديد الذي جعل امريكا المهزومة بإذلال من افغانستان، والموجودة في العراق بإرادة ايرانية كما في لبنان، ولرغبة في ابتزازها وجعل قواعدها ومصالحها رهائن لا اكثر، والمسألة في تصفية وجودها مسألة قرار لا اكثر...
وما الذي يفرض على امريكا ان تخوض حرب نتنياهو الخاسرة حكما والتي تسببت بها عنجهية وشخصانيته وخوفه من المحاسبة والعقاب؟! وهل امريكا باتت بلا عقل او بلا مصالح ولا تعرف ما يجب فعله لتقع فريسة انتحارية نتنياهو وفريقه المقامر بإسرائيل وباليهود في العالم بحسب تصريح بايدن....
في المعطيات المادية والملموسة وفي الواقع لا نجد سببا لتنخرط امريكا بحرب طاحنة ستكون نتيجتها مهما كان الدمار والتضحيات تصفية وجودها في الشرق واسيا وافريقيا وجنوب اوروبا.
وذلك معطوفا على مؤشرات الهزيمة في اوكرانيا!! فاين المعقولية بانها جادة ولها حوافز لتستعجل حرب مدمرة للمنطقة ولوجودها ولمصالحها؟؟؟
فالحرب ان تحولت الى طاحنة ستستعجل انحسارها لجزيرتها لتنفجر على ازماتها وتنتحر في بيئتها....
ما الذي يدفع امريكا لخوض حرب طاحنة نتائجها كيفما احتسبت لن تكون لصالحها؟!.
هل حقا تجرؤ امريكا على تدمير بيروت ودمشق وبغداد وطهران ولماذا؟! ما المصالح التي ستحققها؟..
اما القول ان نتنياهو واللوبي الاسرائيلي يحكم امريكا ويديرها ويلعب بها وسيلزمها بالحرب الطاحنة لإنقاذ نفسه فهو كلام هراء لا يقبله عاقل ولا مؤشرات عملية تصادق عليه.
قد يقول قائل لأمريكا مصلحة بتدمير ايران وتركها في فوضى... وتدمير سورية والعراق واليمن ولبنان المدمرون اصلا بهدف تعطيل النفط من الخليج والمتوسط، كي تكسب وتتفرد بتمويل الاسواق الاوروبية من نفطها وغازها الصخري الاكثر كلفه من نفط الخليج والمتوسط الاحفوري. وقد يسانده قائل ان تعطيل صادرات النفط والغاز من الخليج والمتوسط يعيق تقدم الصين والهند ويرفع كلفة منتجاتها ما يوفر لأمريكا فرص لإنقاذ اقتصادها والعودة الى القطاعات الاقتصادية التقليدية، الا ان الحقائق تنفي قطعا امكانية تحقيق غايات من هذا القبيل.
فاسيا باتت تمول من نفط وغاز روسيا القريب والرخيص ولدى روسيا مصلحة وقدرة على زيادة انتاجها لتمويل الصين والهند وهما في حرب تعطل انتاج النفط والغاز من الخليج لن تكونا مضطرتين لنفط وغاز الخليج فلديها بدائل. اما اوروبا والاطلسي وحلفاء امريكا فهم من سيتضرر من انقطاع واردات النفط والغاز من الخليج والمتوسط بعد ان الزمتهم امريكا في حرب اوكرانيا بمقاطعة روسيا ونفطها وغازها الرخيص ونسفت انابيب النقل.
لم تحصل امريكا على اية ميزات اضافية منذ هزيمتها في افغانستان، والعراق وفشل مشاريعها وحروبها في سورية واليمن ومحاولات تأزيم لبنان.
لم تتقدم قدرات او امكانيات او فرص امريكا والاطلسي بناتج حرب اوكرانيا بل على العكس.
لم يعد لأمريكا حلفاء مسلمين وعرب مستعدين للقتال معها او عنها وقد تمظهرت المواقف في حرب غزة واتضح حجم انحسار الهيمنة الامريكية فبينما ترفض ثلاث حكومات متعاقدة مع اسرائيل عقد قمة مع بايدن، استقبلت السعودية والامارات بوتين بحفاوة وبصدر رحب ووجوه باسمة.
الزمن تغير ولكل زمن دولة ورجال
ليس لأمريكا من مصلحة لإشعال حرب يوم القيامة والانخراط بالحرب التدميرية والعاصفة....
وكل ما يقال تهويل مفهوم من قبل حلفاء امريكا ومثقفيها وإعلاميها الخائفين من غدهم، لكنه غير مفهوم البتة من المحسوبين على خيار ومحور وقوى المقاومة وخاصة في بطانة حزب الله.
التخويف من امريكا وانذاراتها ودمارها ما هي الا محاولات ضغط وابتزاز وتهويل لدفع المقاومة الى تقديم تنازلات والتفريط بالفرصة وان استجابت فاليوم الثاني دورها ودور لبنان بالتدمير الشامل.
فإسرائيل المرتهبة من جبهة الشمال اذا تركت تنتصر في غزة ستستأسد وتنقلب الى لبنان والمقاومة وعندها لا ينفع الندم.
نصرة غزة وتحقيق انتصارها خطوة وجولة حرب مفتاحية في تقرير لمن يكون الزمن في اليوم الثاني للحرب....
لتربط السنة السوء والتهويل ولتبقى الكلمة والعين على الميدان.
فالميدان اصدق انباء.