عندما يتحدث العبد الفقير فليصمت الجميع!!
مقالات
عندما يتحدث العبد الفقير فليصمت الجميع!!
د. محمد سيد أحمد
10 كانون الثاني 2024 , 21:31 م


ليست المرة الأولى التي نتحدث فيها عن سماحة السيد حسن نصر الله، سيد المقاومة الإسلامية اللبنانية وقائدها، ولم نكن نبالغ حين أكدنا أنه المتحدث الرسمي باسم محور المقاومة، وأن العدو الأمريكي وحليفه الصهيوني يعملون له ألف حساب، وحين انطلقت عملية طوفان الأقصى في ٧ أكتوبر الماضي والتي أوجعت العدو وأذلت جنوده وضباطه، مما اضطر العدو لحفظ كرامته المهدورة لشن عدوانه الفاجر على قطاع غزة، كان الجميع دون استثناء سواء بين صفوف العدو الصهيوني، أو الداعمين له، أو من يعارضه، ينتظر ظهور سماحة السيد ليقول كلمته، فهو صاحب الكلمة الفصل في مثل هذه المواقف.

وعندما خرج في المرة الأولى بعد شهر كامل من انطلاق العملية، كانت كلماته واضحة خاصة فيما يتعلق بالجبهة الشمالية لفلسطين المحتلة، وهي الجبهة الجنوبية للبنان والتي تسيطر عليها المقاومة الإسلامية اللبنانية التي يقودها سماحته، ورغم الحديث بالأرقام حول مشاركة المقاومة اللبنانية في الحرب منذ اليوم الثاني للعملية ٨ أكتوبر، إلا أن المشككين لازالوا يتهمون المقاومة اللبنانية بعدم المشاركة الحقيقية في الحرب، وانهم يقفون متفرجين كغيرهم والآلة العسكرية الصهيونية المجرمة تبيد الشعب والمقاومة الفلسطينية البطلة والشجاعة في قطاع غزة، وتعالت تلك الأصوات المتبجحة بعد استشهاد صالح العاروري نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في الضاحية الجنوبية اللبنانية، وهنا خرج سماحة السيد مرتين خلال ٤٨ ساعة، وكان حديثه في المرة الثانية حاسماً ومحدداً ودقيقاً ومزيلاً لكل لبس، بل ومخرساً لكل الجاهلين والمتبجحين والمتصهينين الذين يتطاولون على المقاومة الإسلامية اللبنانية التي تعمل في صمت وتكبد العدو خسائر هائلة يومياً وتجبره ومعه العدو الأمريكي على عدم التفكير في توسيع دائرة الحرب وإلا ستكون الخسائر باهظة.

وفي خطابه الأخير أوضح سماحة السيد وهذا لقبه نسبة إلى نسل آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، أو سماحة العشق كما يحلو لأنصار محور المقاومة حول العالم أن يلقبوه، أو العبد الفقير كما يحب أن يصف هو نفسه، أن جبهة المقاومة الإسلامية اللبنانية مظلومة إعلامياً، وهو ما جعل هناك رأي عام يهاجمها ويتطاول عليها بجهل، ولإزالة هذا الالتباس أو الجهل وجب التأكيد على " أن الجنوب اللبناني أو الجبهة الشمالية لفلسطين المحتلة والتي تبلغ ما يزيد عن ١٠٠ كيلو متر من الناقورة إلى مزارع شبعا وكفر شوبا قد اشتبكت مع العدو منذ اليوم الثاني لعملية طوفان الأقصى ٨ أكتوبر الماضي، وعلى مدار ثلاثة شهور كاملة تم استهداف كل المواقع الحدودية، وعدد كبير من المواقع الخلفية، وعدد من المستعمرات الصهيونية".

ويشير سماحته في إحصاء بسيط " أن المقاومة اللبنانية نفذت ما يزيد عن ٦٧٠ عملية من العيار الثقيل في الثلاثة أشهر، حيث وصل عدد العمليات ٢٣ عملية في بعض الأيام، وقد وصل المعدل الوسطي من ٦ إلى ٧ عمليات عسكرية يومياً، وقد وصلت المواقع الحدودية المستهدفة ٤٨ موقع ولعدة مرات، أما عدد الاستهدافات للمواقع فقد وصل إلى ٤٩٤ استهداف، وقد وصلت المواقع الخلفية المستهدفة ١١ موقعاً، هذا إلى جانب ٥٠ نقطة حدودية لجأ إليها الجنود الصهاينة استهدفت أكثر من مرة، إضافة إلى المواجهات التي خاضها الدفاع الجوي للمقاومة مع صواريخ وطائرات ومسيرات العدو، أما المستوطنات المستهدفة فقد وصلت ١٧ مستوطنة، وفي المرحلة الأولى تم استهداف كل المواقع الحدودية لأن قوات العدو كانت متمركزة بها، وسقط عدد كبير من جنود وضباط العدو في هذه المواجهات الحدودية، ولم تكتفي المقاومة بذلك بل استهدفت التجهيزات الفنية والاستخباراتية في كل المواقع وقد شاهدنا أفلاماً مصورة من قبل المقاومة بذلك، وتتكلف هذه التجهيزات مئات الملايين من الدولارات، وكانت تسيطر هذه التجهيزات على جزء كبير من لبنان وليس فقط المناطق الحدودية، وقد تم تدميرها بالكامل ولم يتمكن العدو من تعويضها واستعاض عنها بالمسيرات والأقمار الصناعية الأمريكية ".

وأكد سماحته أن نتائج المرحلة الثانية كانت أعظم " حيث هرب الجنود الصهاينة من المواقع إلى محيطها وإلى المستوطنات التي خلت من سكانها، وإذا كانت المواقع محصنة بنقاط ودشم يهرع إليها الجنود ليحتمون بها، فإن محيط المواقع مكشوف لنيران المقاومة فكان جنود العدو صيداً سهلاً ويسيراً، وقد كانت نتائج المواجهة تدمير عدد كبير من الدبابات والآليات، وقتل وجرح عدد كبير من جنود العدو وضباطه، لكن العدو لا يعترف بقتلاه وجرحاه ويمارس تعتيماً إعلامياً كبيراً، ولكن يسقط هذا التعتيم أمام الإصدارات المصورة التي تقدمها المقاومة، حيث قدمت ما يزيد على ٩٠ فيلماً من الجبهة لدبابات وآليات تدمر وتنفجر وفوقها جنودها، هذا إلى جانب القصف الصاروخي للخيام والبيوت التي يختبئ بها الجنود الصهاينة، لكن هذا التكتم والتعتيم أحد سياسات العدو في التعامل مع الجبهة اللبنانية ".

وأشار سماحته أن هناك تناقض فاضح في وسائل إعلام العدو يمكن كشفها بسهولة " فقد تحدث بعض الخبراء الصهاينة أن الأعداد الحقيقية هي ثلاثة أضعاف الأعداد المعلنة، فإذا كان جيش العدو يؤكد أن هناك ٢٠٠٠ جريح فقط، فإن منظمة رسمية للمعاقين تقول أنه تم تحويل ٣٠٠٠ جندي مصابين بإصابات معيقة، وأكدت مؤخراً بعض مصادر جيش العدو أن عدد الجنود المصابين قد وصل إلى ١٢٠٠٠ جندي، وتذكر تقارير في وزارة صحة العدو ومن ٨ مستشفيات في الشمال فقط أن هناك أكثر من ٢٠٠٠ إصابة في محور الشمال، وهناك عدد كبير منهم في وضع خطير جداً".

وأرجع سماحته أسباب تكتم العدو على خسائره على الجبهة اللبنانية إلى أنه " جزء من الحرب النفسية حتى لا يمنح المقاومين معنويات عالية لمزيد من العمليات العسكرية، يؤدي التكتم إلى فتح المجال للنقاش والكلام حول جدوى استمرار القتال على هذه الجبهة، ولو عرف المتحدثون بجهل حجم خسائر العدو في آلياته ومعداته وجنوده ما تسألوا أصلاً عن جدوى الحرب والقتال على هذه الجبهة، وهو يتكتم أيضاً حتى لا يحرج العدو أمام مجتمعه الصهيوني، وهو يتكتم كذلك حتى لا يطالب بالذهاب لحرب مكلفة تفجر المنطقة كلها، لقد وصف أحد وزراء الحرب الصهاينة السابقين أن ما يحدث لقوات العدو على الجبهة اللبنانية هو إذلال حقيقي لجيش الاحتلال".

وأكد سماحته أن الخسائر غير المباشرة كانت كبيرة أيضاً ويتم التعتيم عليها " فالمهجرون من الجبهة الشمالية نتيجة العمليات العسكرية للمقاومة قد ذكرت مصادر العدو في البداية أنها من ٣٠ إلى ٤٠ ألف، ثم بين ٦٠ و٧٠ ألف، ثم ذكر بنيامين نتنياهو أنهم ١٠٠ ألف، ثم ذكرت صحيفة أمريكية نقلاً عن مصادر صهيونية أنهم ٢٣٠ ألف، وأخيراً ذكر أحد مسؤولي مجالس المستعمرات أنهم ٣٠٠ ألف مهجر، والحقيقة أن الرعب جعل أغلب المستوطنين الصهاينة يهاجر، وقد أدى ذلك لتعطيل الزراعة والصناعة والتجارة والسياحة مما سبب خسائر هائلة على المستوى الاقتصادي، ويؤدي تشريد المستوطنين الصهاينة إلى تشكيل ضغط نفسي ومعنوي واقتصادي وسياسي وأمني على حكومة العدو، إضافة إلى حالة القلق الدائم من الشمال".

وطرح سماحته سؤال حول الهدف من فتح هذه الجبهة على العدو الصهيوني، وجاءت إجابته بأن هناك هدفان " الأول هو الضغط على حكومة العدو واستنزافهم شعباً وجيشاً وإيلامهم لوقف العدوان على غزة، والثاني هو تخفيف الضغط الميداني عن المقاومة في غزة، فقد اضطر العدو أن يأتي بما يزيد عن ١٠٠ ألف جندي، وهناك من يقول ١٢٠ ألف جندي وضابط لجبهة الشمال وفرق أولوية بكاملها على الحدود اللبنانية، وهؤلاء منعوا من الذهاب إلى غزة، وقد اضطر العدو أن يحضر نصف سلاح الجو والبحر والدفاع الصاروخي لجنوب لبنان".

لقد جاء حديث العبد الفقير سماحة السيد حسن نصر واضحاً وكاشفاً وصادقاً كما عودنا دائماً، فقد وعد الرجل وهو صادق الوعد، أن هذه الحرب مع العدو الصهيوني في الجبهة الشمالية "انتجت تثبيت موازين ومعادلات الردع مع العدو الصهيوني، وبعدما كانت المقاومة تدافع أصبحت تهاجم، وبعدما كان التهجير يقوم به اللبنانيين أصبح يقوم به الصهاينة، وبعدما كان العدو يقيم الأحزمة الأمنية داخل الأراضي اللبنانية، أصبح يقيمها داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة"، وأكد سماحته "أنه بعد وقف العدوان على غزة سوف تتجه المقاومة اللبنانية لتحرير كامل الأراضي اللبنانية المحتلة"، لذلك نقول عندما يتحدث العبد الفقير فليصمت الجميع، اللهم بلغت اللهم فاشهد.

بقلم / د. محمد سيد أحمد

المصدر: موقع إضاءات الإخباري