كتب الأستاذ حليم الشيخ محمد: ماذا عن اليوم التالي...
مقالات
كتب الأستاذ حليم الشيخ محمد: ماذا عن اليوم التالي...
حليم الشيخ
15 كانون الثاني 2024 , 10:17 ص

كتب الأستاذ حليم الشيخ محمد:

سنة ٨٣، خرجت القوات الاسرائيلية من بيروت وهي تتوجه إلى أهالي بيروت راجية عدم إطلاق النار عليها لأنها تنسحب (دون أي قيد أو شرط)...

سنة ٢٠٠٠، هرب العدو الاسرائيلي إلى ما وراء الخط الأزرق لا يلوي على شيء بما في ذلك العملاء الذين تركهم كما فعلت اميركا مع عملائها الفيتناميين...

جرى هذا تحت وقع ضربات المقاومة الإسلامية...

اندحر جيش الاحتلال من معظم الأرض اللبنانية المحتلة دون قيد أو شرط أيضاً...

حاول كثيراً الحصول على مكسب؛ أي مكسب...

لكن حزب الله أجبره على الانسحاب وهو يأمل، مجرد أمل... أن يرضى اللبنانيون بهذا الإنسحاب مستعيناً لذلك بأم الإرهاب، أميركا...

حاولت وزيرة خارجية اميركا، الصهيونية مادلين أولبرايت؛ حاولت الضغط على الرئيس إميل لحود لتمرير صفقة القبول بالخط الأزرق حدوداً دون جدوى...

هكذا كانت مواقف لبنان الذي استند إلى قوة رجال وقيادة حزب الله... إجبار العدو على الانسحاب دون تحقيق أي مكسب...

هذا ما يجب أن تكون عليه الأمور دائماً...

من أجل هكذا مواقف مبدئية، لا يستطيع المرء التعويل على السلطة الحاكمة في لبنان...

فؤاد السنيورة ليس إميل لحود...

وبكل أسف، حتى ميشال عون لم يكن إميل لحود...

لقد جرب حزب الله الوقوف خلف السلطة في لبنان وقت مفاوضات الترسيم البحري...

الى ماذا انتهت الأمور؟

دون الدخول في تفاصيل كررها كاتب هذه الأسطر أكثر من مرة...

انتهت الأمور إلى كارثة لم يخسر لبنان بموجبها حوالي ١٤٠٠ كلم٢ من المياه الاقتصادية، ومعها حصته في غاز كاريش فحسب...

بل خسر كل الضمانات التي أعطيت له في وعود التنقيب وجر الكهرباء من مصر والأردن وغيرها من السموم المغمسة بالعسل...

من استمع الى الحوار الذي أجرته الإعلامية سمر ابو خليل مع الكاتب سركيس ابو نعوم، كان هذا الحوار كفيلا بإعطاء صورة واضحة عما تخطط له الولايات المتحدة الأمريكية لهذه المنطقة...

الجماعة ببساطة يريدون بيعنا مواقف فارغة، وجعلنا ندفع الثمن من كيسنا أيضاً...

لا أحد ينكر، بما في ذلك الاستاذ سركيس نعوم نفسه، أن الرجل يملك شبكة علاقات مع رجال في الإدارة الأميركية تجعله يعرف ويطرح مخططات هذه الإدارة في مقالاته أو مقابلاته...

تبيعنا اميركا موقف أنها تقبل بأن تكون إيران إحدى ركائز الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط إلى جانب تركيا وإسرائيل...

يغضب الأستاذ نعوم استنادا إلى غضب الأميركيين لأن إيران لا تقبل هذه الصيغة...

يخرج على لسان الاستاذ سركيس شبه تهديد لإيران بأن أميركا لن تقبل بأن تتزعم إيران صيغة الأمن والهدوء والإستقرار رغم أن الغضب الأميركي والجنون الغربي العام ناتج بالأساس من أن السابع من أكتوبر أطاح بإمكانية أن تكون إسرائيل إحدى أضلع مثلث الاستقرار هذا...

اميركا تريد من الجمهورية الإسلامية العودة إلى لعب دور شرطي المنطقة لصالح الإمبريالية الأميركية إلى جانب تركيا وإسرائيل كما كان الوضع ايام الشاه...

يذكر الأستاذ نعوم في المقابلة أن الإيرانيين يعتقدون أن زوال إسرائيل حتمي وان عمر الكيان سوف ينتهي قبل ٢٥ عاماً من هذه الأيام...

طبعا، الأستاذ سركيس غير واثق من أمر زوال الكيان الصهيوني... ربما الكثيرون غيره أيضاً...

لكن كل الدلائل تشير إلى أن هذا الزوال ليس حتميا فحسب، بل وكما ذكر السيد نصرالله في إحدى المقابلات، هو سوف يحصل قبل هذه المدة بكثير...

يرجح المؤرخ الإسرائيلي التقدمي إيلان پاپيه أن يحصل هذا الزوال ما بين عقد إلى ثلاثة عقود على الأكثر إذا لم تتخل إسرائيل عن الحلم الصهيوني، أو حتى إذا ذهبت إلى القبول بحل الدولتين...

في نظر المؤرخ... الحل الوحيد الممكن هو دولة ديمقراطية واحدة يتساوى فيها كل المواطنين ويتم تنفيذ قرار الأمم المتحدة ١٩٤ القائم على حق العودة أو التعويض... حيث يجب أن تعاد كل الحقوق إلى الفلسطينيين من دون رمي اليهود إلى البلدان التي أتوا منها...

عودة إلى البحث في اليوم التالي...

كل ما يستطيع كاتب هذه الأسطر قوله هو الرجاء أن لا تقع المقاومة الفلسطينية في أي ترتيبات تقبل بأي شكل من أشكال عدم عودة كل الحقوق كاملة إلى الشعب الفلسطيني...

أما بالنسبة إلى المقاومة الإسلامية في لبنان، كل ما نعرفه أن هذه المقاومة أجبرت العدو على الانسحاب دون قيد أو شرط سنة ٢٠٠٠...

لنتجاوز غلطة الترسيم البحري...

عاموس هوكشتاين يأتي إلى حزب الله حصرا يحمل التهديد والترغيب بصفتيه الأميركية والإسرائيلية...

اميركا وإسرائيل مجبرتان على الخضوع الى صمت الحزب، وقوته...

كل المطلوب من حزب الله هو الاستمرار في المقاومة والقتال كما فعل طيلة أيام ما قبل تحرير ال ٢٠٠٠...

الحديث عن مهلة ثلاثة أسابيع أو أربعة كي يتلقف لبنان عودة كل أرضه المحتلة يجب أن تعيره المقاومة الاذن الصماء...

على العدو أن ينسحب دون قيد أو شرط... تماما كما حصل الأمر سنة ٨٣ وسنة ٢٠٠٠...

طالما نحن أقوياء سوف يأتي هوكشتاين مرة واثنتين وألف، دون أي تحديد زمني...

نحن لسنا على عجلة...

شرط وقف قتل اهلنا في غزة هي الكلمة التي يجب تسمعها كل الوفود...

ما قاله السيد نصرالله في تأبين القائد الحاج جواد هو أن محور المقاومة يعرف كيف يدافع عن نفسه...

اليمن خير دليل...

القصف الأميركي البريطاني على اليمن لا يعني سوى شيئ واحد فقط...

الإمبريالية الأميركية دخلت طور الجنون، ومعها الخبيث البريطاني...

دعهم يموتون في جنونهم...

صحيح أن كل ثانية تحمل معها مزيدا من الشهداء، ومزيدا من الدمار و أشلاء الاطفال والنساء...

لكن تذكروا أن أجدادنا أبطال الثورة الفلسطينية ضد الانتداب البريطاني رفضوا التقسيم الأول الذي أعطى ٢٠٪ للدولة اليهودية لأن هذا كان سوف يؤدي إلى تهجير ثلث السكان الفلسطينيين...

ثم رفضوا خطة التقسيم الثانية التي أعطت ٥٥٪ للدولة اليهودية سنة ٤٧... ببساطة لأن كل مشاريع التقسيم لا تحمل صفات العدل...

إن اي كان سوف يقبل بحدود ٦٧ والتخلي عن حق العودة والقبول بالتطهير العرقي سوف يسقط في مزبلة التاريخ...

على الشعب الفلسطيني أن لا يقبل بأن تذهب دماء الشهداء على مدى أكثر من قرن من الزمن هدراً...

فلسطين من البحر الى النهر...

لبنان محرر بالكامل من الهيمنة الغربية...

سوريا حرة، وعراق حر...

وتاج العرب يمن سعيد...

اطردوا هوكشتاين، أو على الأقل لا تجيبوا على طلباته...

لا مفاوضات، لا صلح ، لا اعتراف... لا مساومة...

المسألة تختص بحياة وطن وليس صفقة تجارية في السوق...

نحن، ونحن فقط أسياد حاضر المنطقة ومستقبلها... دون أي هيمنة من أي قوة عظمى...

الحياة، وقفة عز...

طعم الكرامة لا يعرفه الا الاحرار...

وحدهم الاحرار من يملك القول الفصل في اليوم التالي لبلادنا...


المصدر: موقع إضاءات الإخباري