عدنان علامه -عضو الرابطة الدولية للخبراء والمحللين السياسيين
من جديد يطل نتنياهو ومعه ترامب بوجه سافر متحدّيين كل القوانين الدولية، ومحوّلين لغة السياسة إلى منطق المافيا والابتزاز.
فتهديد قطر بضرورة طرد قادة حماس أو تسليمهم تحت طائلة العدوان العسكري، ليس سوى إرهاب دولة مكتمل الأركان، يعكس عقلية العصابات أكثر مما يعكس سلوك دولة يفترض أنها عضو في الأمم المتحدة. هذا التهديد يتجاوز السيادة الوطنية لقطر ويضرب في عمق ميثاق الأمم المتحدة الذي يحظر التهديد باستخدام القوة ضد الدول المستقلة.
وبحسب القانون الدولي، فإن إسرائيل تبقى قوة إحتلال في الضفة الغربية والقدس وغزة. ووفقًا لإتفاقيات جنيف، يحق للشعوب الخاضعة للإحتلال مقاومته بكافة الأشكال المشروعة. لكن ما يجري اليوم يتجاوز الاحتلال التقليدي: في غزة نشهد سياسة تجويع وحصار خانق وعمليات تطهير عرقي وإبادة جماعية موثقة، تدخل في صلب تعريف "جرائم ضد الإنسانية" كما نصّ نظام روما للمحكمة الجنائية الدولية. وفي الضفة الغربية، يعلن نتنياهو ضمًّا زاحفًا للسيادة الإسرائيلية، عبر المستوطنات والتطهير المكاني، محولًا السكان الأصليين إلى مجرد "أرقام" في مجمعات أشبه بمعازل عنصرية، وهو خرق فاضح للقانون الدولي الإنساني.
أما لبنان، فيبقى شاهداً على إستخفاف إسرائيل بقرارات مجلس الأمن، وعلى رأسها القرار 1701 الذي أنهى حرب 2006؛ وأعيد الإتفاق على تنفيذه بتاريخ 27 تشرين الثاني/ نوفمبر 2024، ولكن إسرائيل لم تنفذ إلتزاماتها ، بل واصلت إنتهاك الأجواء والسيادة اللبنانية، حتى تخطت الإعتداءات 4500 إعتداء منذ الإعلان عن بدء تنفيذ وقف إطلاق النار وتصرّ على التلويح بالعدوان باستخدام القوة العسكرية.
هذا السلوك يضعها في مواجهة مباشرة مع المنظومة القانونية الدولية، ويؤكد أنها كيان مارق وخارج عن القانون.
فالأمم المتحدة ومجلس الأمن سبق أن أصدرا عشرات القرارات التي تُدين إسرائيل منذ النكبة وحتى اليوم، لكنّ المشكلة ليست في النصوص بل في غياب آليات الردع والتنفيذ. وهنا، يظهر تحالف نتنياهو – ترامب كتحالف يشرعن شريعة الغاب ويقلب مبدأ "قوة القانون" إلى "قانون القوة".
وإن تماديهم لن يُوقف إلا بإرادة دولية صارمة تُجرّمهما كمنظومة مافيوية تهدد الأمن والسلم العالميين.
إن ما يفعله نتنياهو ليس مجرد سلسلة من الانتهاكات المتفرقة، بل هو ترجمة عملية لمشروع "إسرائيل الكبرى" القائم على التوسع والهيمنة، وإبادة كل من يعترض طريقه. من قطر إلى غزة والضفة ولبنان، يظهر الوجه الحقيقي لدولة خارجة عن القانون تفرض منطق الإحتلال والعدوان، متحالفة مع رئيس أمريكي، ذو نرجسية مضطربة ويشرعن الإرهاب الدولي.
إن ترك هذه الجرائم بلا عقاب يعني ترسيخ نظام عالمي جديد تحكمه شريعة المافيا، وتنهار فيه القوانين الدولية تحت أقدام المستعمرين الجدد.
وإنَّ غدًا لناظره قريب
11 أيلول/سبتمبر 2025