كتب البروفيسور الدكتور محمد كاظم المهاجر:

_ يقول كيسنجر في كتابه الأخير( النظام العالمي 2018) أن الرسول الكريم (ص) عندما جاء برسالته كانت هناك امبراطوريتان عظيمتان ممتدتان تحيطان جغرافيا برقعة وجوده ، الامبراطورية البيزنطية و الامبراطورية الساسنية ، ورغم ذلك وبامكانات بشرية محدودة جدا وبفترة زمنية وجيزة استطاع أن يبث رسالته وينشرها في أصقاع العالم .

يقول كيسنجر: لو اخضعنا هذا الحدث إلى قياسات استراتيجية حسية فلن نجد مطلقا ما يفسر تعاظم هذه القوة ولا بأي قياس معياري استراتيجي ، فقط لا يمكنني أن أعيد ذلك إلا إلى الروح الايمانية التي بثها ألرسول الكريم في نفوس المسلمين الأوائل _( طبعا كان يهدف في وقتنا المعاصر إلى تنبيه أنظار الغرب الانكلوسكسوني إلى وجوب قتل الروح الايمانية في العالم العربي والإسلامي لتحقيق الهيمنة وباساليب شريرة في التجويع وتفكيك وتحليل المجتمعات وتشويه القيم .....الخ ) _

كيسنجر توصل فعلا إلى حقيقة الروح الايمانية وان كان هدفه شريراً لكنه أصاب عمق الحقيقة في تحديد العلة الموجبة والمفضية إلى المعلول المنتصر .

_ في قراءتي للأحداث بالمنهج التركيبي والمترافق مع التحليل ، لا أتناول الحدث بمواضعه الجزئية والنسبية ، وإنما بمرتكزه الكلي الاستراتيجي بحيث أن حركة أو واقعة هنا او هناك لاتجعلني اتمايل بمفاعيلها أو تأثيراتها أو ردود الفعل عليها بل أضعها في سياق الرؤية الكلية الاستراتيجية ضمن حركتها في الإقبال والادبار ، وبالأخص عندما أتناول حدثا استراتيجيا عمقه الأساس يستند على الإيمان وعقائد مترسخة ، لتصبح بالتالي نتائجها محسومة لدي وهي خارج تناول أو إدراك من يتناولها بمنهج تحليلي حسي تجريبي، نتائجها محسومة لدي و متجاوزة التوقعات المحسوبة؛ وللدلالة على صحة ما ذهبت اليه ، كمثال لاعلى سبيل الحصر، قبل عام2000عام التحرير في لبنان وفي السنوات السابقة،أعدادمحدودةمن المجاهدين وبإمكانيات عسكرية محدودة أيضا يهزمون القوة العسكرية الصهيونية الغاشمة المزودة بأحدث التكنولوجيا العسكرية وأعلى مستوى تدريبي ، ويحررون لبنان.

نفس السياق التفسيري الذي اتبعه كيسنجر ينسحب على هذه الظاهرة، لم نجد علة هذا النصر سوى في الروح الايمانية العالية المغروسة في نفوس المجاهدين في المقاومة الإسلامية.

_ وبنفس السياق أرى في المنهج العقلي الإيماني الذي استعرضته ما يجري في غزه ، صحيح التضحيات عالية جداً والنفوس الطاهرة التي أُزهقت أكثر من المتوقع ، وأساليب الإجرام والهمجية التي تسود الروح المتوحشة الصهيونية هزت العالم؛ ولكن دائما في البصيرة العقلية الإيمانية أقول: ( قد تدمي الضربات رأسي لكن الروح الايمانية ترفعه،أي رأسي، عالياً شامخا)

ولأنني أعرف وباليقين أن الروح الايمانية العالية التي تسود نفوس المجاهدين في فلسطين ولبنان واليمن ....أقول: إنّ النتائج ستتجاوز التوقعات في النصر وتعلو عنها إنْ شاء ألله.