ناموس الحياة والعزلة العاطفية والإنفعالات...!!
مقالات
ناموس الحياة والعزلة العاطفية والإنفعالات...!!
محمد سعد عبد اللطيف
21 كانون الثاني 2024 , 10:33 ص


بقلم: محمد سعد عبد اللطيف .،مصر،

العزلة‭ ‬العاطفية‭ ‬التى ‭ ‬اصبحت ‬ناموس‭ ‬الحياة.‏‭

لا بد من تأمل الظواهر المرتبطة‭ ‬بوسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعى‭ ‬من‭ ‬حب‭ ‬الظهور‭ ‬وإظهار‭ ‬التجارب‭ ‬العاطفية‭ ‬والانفعالية‭ ‬على‭ ‬الملأ،‭ ‬ورغبة‭ ‬فى‭ ‬لفت‭ ‬الأنظار‭ ‬والشهرة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تصوير‭ ‬كل‭ ‬لحظة‭ ‬مميزة‭ ‬يمر‭ ‬بها‭ ‬الإنسان ‬، في اي مكان في فرح أو عزاء قبل أن تصل الي منزلك يعلم الجميع بحضورك اي مناسبة، انها "ثقافة الفرجة" ‬حيث‭ ‬صارت‭ ‬حياتنا‭ ‬الحميمة‭ ‬مكشوفة‭ ‬للجميع، ‬وهذا ما أشار الية:- الفيلسوف الايطالي اومبرتو جالمبيرتي: في كتابة " ‬تسليع‭ ‬الحميمية‭ ‬والمشاعر"،‭ ‬التى‭ ‬أصبحت‭ ‬سلعة‭ ‬متداولة‭ ‬فى‭ ‬الأسواق.، ‬الفرح‭ ‬صار‭ ‬تظاهرًا‭ ‬بالفرح‭ ‬لجلب‭ ‬المتابعين، كذلك سرادق العزاء تظاهرًا‭

للإلتقاط الصور ‬فأصبح‭ ‬كل‭ ‬إنسان‭ ‬سلعة‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬غيره،‭ ‬وصار‭ ‬جميع‭ ‬المستخدمين‭ ‬سلعة‭ ‬لدى‭ ‬أصحاب‭ ‬الفيسبوك‭ ‬وتويتر،‭ ‬تباع‭ ‬اتجاهاتهم‭ ‬وتفضيلاتهم‭ ‬للمعلنين‭ ‬من‭ ‬منتجى‭ ‬السلع‭ ‬المختلفة‭.‬،،

‏‭ ‬ومن‭ ‬الاستخدامات‭ ‬الخطرة‭ ‬كذلك‭ ‬للمشاعر‭ ‬والعواطف‭ ‬استفاد من هذا الوضع ‬الخطاب‭ ‬الشعبوى‭ ‬الذى‭ ‬يكتسح‭ ‬العالم‭ ‬الآن‭،،. ‬

إن‭ ‬التظاهر‭ ‬على‭ ‬شبكات‭ ‬التواصل يتصف‭) ‬بـالزيف المتقن‮‬ ) الذى‭ ‬يجعلنا‭ ‬نظن‭ ‬أن‭ ‬التعبير‭ ‬عن‭ ‬عواطفنا‭ ‬هو‭ ‬المساحة‭ ‬الوحيدة‭ ‬التى‭ ‬تتجلى‭ ‬فيها‭ ‬حقيقتنا،‭ ‬بيد‭ ‬أننا‭ ‬لَاحقًا

‬ندرك‭ ‬أننا‭ ‬لم‭ ‬نعد‭ ‬نملك‭ ‬هذه‭ ‬المساحة‭ ‬وأنها‭ ‬صودرت‭ ‬منا مع‭ ‬ظهور شيكات التواصل الاجتماعي مع بداية الآلفية الجديدة ‭ ،‭

إن الانفعالات‭ ‬لم‭ ‬تزل‭ ‬شأنًا‭ ‬غامضًا‭ ‬ومنطقة‭ ‬مجهولة،‭ ‬نظرًا‭ ‬لأنها‭ ‬تضرب‭ ‬بجذور‭ ‬عميقة‭ ‬فى‭ ‬الجزء‭ ‬الأقدم‭ ‬من‭ ‬عقولنا،‭ ‬كما‭ ‬تظهر‭ ‬آثارها‭ ‬فى‭ ‬الجزء‭ ‬الأكثر‭ ‬ نبلًا ‬فى‭‬نفسيتنا‭ ‬وفى‭ ‬مشاعرنا‭ ‬وحياتنا‭ ‬وعلاقاتنا‭ ‬الاجتماعية‭ ‬بل‭ ‬ أَيضًا فى‭ ‬تركيبنا‭ ‬العقلى‭ ‬الذى‭ ‬أعطته‭ ‬ثقافة‭ ‬الحقب‭ ‬الماضية‭ ‬سلطة‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬الانفعالات‭ ‬وقمعها بالقوة ‭،،. ‬فظهور سماء مفتوحة عبر شبكات التواصل مخرج للكثير للتعبير عن الانفعالات ،

ولاكتشاف‭ ‬هذه‭

الظواهر الجديدة علي

الأرض‭ ‬التى‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬نواح‭ ‬منها‭ ‬مجهولة‭ ‬،‭ ‬ينبغى‭ ‬النظر‭ ‬إلى‭ ‬الانفعالات‭ ‬من‭ ‬زوايا‭ ‬متعددة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ) ‬علم‭ ‬الأعصاب‭ ‬وعلم‭ ‬النفس‭ ‬وعلم‭ ‬التربية‭ ‬وعلم‭ ‬الاجتماع‭

( وصُولًا

‬إلى‭ ‬تكوين‭ ‬التفكير‭ ‬المنطقى‭ ‬العقلانى‭ ‬والذى‭ ‬يتخذ

أشكالًا ‬شتى‭ ‬تتغير‭ ‬بتغير‭ ‬الثقافات‭.‬

إن واقع‭ ‬الانفعالات‭ ‬فى‭ ‬الوقت‭ ‬الراهن‭ ‬الذى‭ ‬تطغى‭ ‬فيه‭ ‬باطراد‭ ‬العقلانية‭ ‬التقنية‭ ‬والتى‭ ‬تفرض‭ ‬ازدواجية‭ ‬عاطفية،‭ ‬فمن‭ ‬ناحية‭ ‬تجرى‭ ‬محاولة‭ ‬محو‭ ‬الانفعالات‭ ‬والإيغال‭ ‬فى‭ ‬العقلانية،‭ ‬ومن‭ ‬ناحية‭ ‬أخرى‭ ‬يوجد‭ ‬رد‭ ‬فعل‭ ‬ضد‭ ‬هذه‭ ‬العقلانية‭ ‬ويتمثل‭ ‬فى‭ "‬العزلة‭ ‬العاطفية"‭ ‬التى‭ ‬تصبح‭ ‬ناموس‭ ‬الحياة.‏،أصبح الحب والكراهية والخلافات والخ..،، علي الملأ مكشوفة وتجرح خصوصية المواطن بدون وعي فكشفت انفعال الشخص من كتابتة علي الفيسبوك ،

فرحة وحزنة ومرضة ،

وكشفت عن ثقافات التفاهات في المجتمعات،،

محمد سعد عبد اللطيف كاتب وباحث مصري .في الجغرافيا السياسية ..!

[email protected] 

المصدر: موقع إضاءات الإخباري