كتب الأستاذ حليم الشيخ محمد:

دخلت معلمة اللغة الإنجليزية، مس كاي، إلى الصف بعد انتخاب سليمان فرنجية الجد سنة ١٩٧٠ رئيساً لجمهورية لبنان، وسألت التلامذة اللبنانيين الصغار:

"من هو رئيس جمهورية لبنان؟"

"جمال عبد الناصر." أجاب معظم التلامذة...

جُن جنون المعلمة الانجليزية؛ لكنها سيطرت على أعصابها وحاولت اخفاء كرهها لعبد الناصر والعرب إلى أن وصلت في الأخير لمحاولة إقناع هؤلاء التلامذة أن لا شيء يجمع بين لبنان ومصر وبقية بلاد العرب..

اللغة ليست هي نفسها في هذه البلاد...

"اللبنانيون يقولون كلمة "خبز"، بينما يقول المصريون كلمة "عِيش"... قالت الخبيثة دون أن تعلم أن معظم هؤلاء التلامذة كبروا وصاروا أعلاما وهم أكثر إيمانا وتصميما على وحدة المصير أمام هذه الأمة...

تذكرت مس كاي البشعة رغم جمالها، وانا اتابع تلك المذيعة "العربية" البشعة على الBBC...

تلف تلك المرأة وتدور حول نفسها محاولة التذاكي رغم كل الغباء الذي ظهر على وجهها، وهي تحاور القيادي اليمني محمد علي الحوثي...

"ما لكم، وما لغزة وانتم على بعد آلاف الأميال؟"

"كل ما يفعله الحوثي هو جعجعة بلا طحين.."

"إذا لم تستح، لا تموت"، يقول المثل في بلاد الشام...

نفس المذيعة، وعلى نفس الشاشة عادت إلى التذاكي على النائب حسين الحاج حسن من حزب الله...

كأن جماعة أميركا في لبنان بحاجة إلى دعم...

زيادة على ١٤ آذار وصبيان وبنات عوكر، حتى داخل ٨ آذار، يتحفنا بين الحين والآخر بعض العباقرة في اعادة صياغة تهديدات الصهاينة لشعب لبنان بغباء منقطع النظير...

"ما يفعله حزب الله على الحدود لا يساهم في تخفيف الضغط عن غزة.."

أو

"لماذا ينكش حزب الله في وكر الدبابير؟"...

تكثر التعليقات والنتيجة واحدة...

تسير القافلة والكلاب تنبح...

لا أنا، ولا حضرات المعلقين يتمتعون بالخبرة العسكرية الكافية والمعطيات لرسم الاستراتيجية ووضع خطط التكتيك؛

لكن هل يستطيع هؤلاء الجهابذة الإجابة على نفس التساؤل حول "الجعجعة بلا طحين"...

كما أجاب القيادي في أنصار الله،

"لماذا إذا، تأتي الأساطيل وتحاول اميركا وبريطانيا بناء الأحلاف في البحر الأحمر لحماية الكيان المصطنع، إذا كان ما نفعله هو جعجعة بلا طحين!!؟"

نفس الإجابة إلى جماعة اميركا في لبنان...

لماذا تهدد اسرائيل كل يوم ثم تبتلع تهديداتها، ثم تعود وتهدد، ثم تعاود التهديد...

ثم... تعود وتهدد...

ثم تعود وتبتلع التهديد...

أنها تعرف ببساطة أن ما سوف تلقاه في لبنان هو يوم القيامة بكل تأكيد...

يريد بعض التافهين أن نصدق أن أميركا وبريطانيا يحبان لبنان الى درجة نصحه والخوف عليه من غضب الوحش الصهيوني المجنون...

أو أن فرنسا عادت الأم الحنون التي تخاف على لبنان...

يوم السابع من أكتوبر هرع كل زعماء الاستعمار للوقوف إلى جانب كلب هذا الاستعمار في المنطقة...

لم تقصّر الرجعية العربية، ولا قصرت ادوات الاستعمار في الخارج والداخل عن الوقوف إلى جانب الوحش، سارق الأرض، ومنتهك العرض...

يقدمون العروض تلو العروض...

ساعة، يعدون لبنان بالانسحاب الكامل من جميع ما يحتل الكيان الصهيوني من ارض لبنانية...

يعدون لبنان بالنفط والغاز في موسم الكمون...

يعدون حزب الله بتقديم لبنان له على الصينية... سمير جعجع يعرف اكثر من غيره رغم جعجعة أمثاله...

يعدون أنصار الله برمي كل كلاب اليمن من "مجلس جنوب" أو طارق صالح في البحر والاعتراف بسلطة أنصار الله على كل اليمن...

ساعةََ يهددون، وساعة أخرى يقدمون الوعود...

"المطلوب هو فقط خروج السنوار والضيف من غزة!!"

يقترح جماعة أميركا على المقاومة الفلسطينية...

يقترحون إرسال قوات "ردع!" عربية إسلامية إلى غزة...

يعني ارسال قوات كلاب أميركا إلى غزة...

بعد كل هذا يريدون اقناع المقاومة أنها في مأزق، وان العدو مرتاح وان الراعي الأميركي وأتباعه من غرب وعرب مرتاحون ٢٤ قيراط...

صحيح أننا نألم...

لكنهم يألمون كما نحن نألم...

صحيح انهم يقتلون كل يوم منا المئات...

لكنهم يعرفون أنهم بقتل شعبنا يزداد الوعي والتصميم...

مع سقوط كل شهيد، ينبت مئات، وآلاف المقاومين...

في الماضي كانت شعوبنا تهرب إلى اللجوء والنزوح وتترك الأرض بلا مقاومة...

اليوم ينزح الأطفال والنساء والشيوخ، ويبقى الرجال يقاتلون... حتى نساء فلسطين...

بتن في أول صفوف المقاومة..

لقد دخلت غزة في كتب التاريخ...

كذلك أنصار الله...

حزب الله على الدرب وكذلك بقية محور المقاومة...

المهم أن الوقت يقترب، وقد نجد أنفسنا وقد صار شعار طلب وقف إطلاق النار خلفنا، ورفعنا بدلا عنه شعار التحرير من النهر الى البحر...

فلسطين حرة...

دعوهم يموتون في غيظهم...

شعوبنا أقوى...

كما أجابت الشاعرة السودانية نزار قباني و المجموعة،

أجراس العودة بدأت تقرع...

حليم الشيخ محمد