كتب الأستاذ حليم الشيخ محمد :
مقالات
كتب الأستاذ حليم الشيخ محمد : "اتفاق الإطار"، مشروع حرب يفتش عن أبطال؟
حليم الشيخ
9 شباط 2024 , 18:24 م


كتب الأستاذ حليم الشيخ محمد : 
لم تهاجم حركة حماس مسودة اتفاق الإطار التي تم تحضيرها في باريس من قبل المخابرات المركزية الأمريكية والموساد وتم الإيحاء أن مصر وقطر شاركتا في الصياغة...

لجأت الحركة إلى التشاور مع كافة فصائل المقاومة الفلسطينية الموجود على الأرض، ومع أطراف محور المقاومة في لبنان واليمن والعراق قبل ارسال الرد...

رد حماس كان باختصار يشبه حرباً ناعمة ناجحة تواجه وحشا متعجرفا يستند إلى قوة دولية أكثر وحشية وأكثر تعجرفا...
رد ناعم لكن له أسنان وأظافر...

لفهم موقف حماس، ومن خلفها محور المقاومة الذي سلمها قيادة هذه الحرب حتى الأفق الذي تحتاجه من أجل نزع أية أوهام حول اليوم التالي؛ يتوجب العودة إلى ذلك اليوم المجيد... السابع من أكتوبر...

ماذا فعل السابع من أكتوبر؟

حتى ذلك اليوم، كان كل شيء يبدو سهلاً ممهدا لإقامة الشرق الأوسط الجديد على الروزنامة الإسرائيلية...

اتفاقات إبراهيمية مع حفنة من الدول الهامشية التابعة في قراراتها للمخابرات المركزية الأمريكية: 
الإمارات، البحرين، السودان بعد تدميره وتهشيم مقومات السلطة فيه، المغرب الذي يبيع حتى ورقة التوت مقابل وعود وابتزاز أميركي فيما يخص الصحراء الغربية، وصولا الى تشاد التي يريد ابن الرئيس ديبي الحصول على شرعية ورثها عن والده المقتول بعد توالي اغتصاب السلطة في هذا البلد منذ الاستقلال وحتى اليوم...

بدأ للجميع أن كل شيء يسير كما تريد واشنطن وتل أبيب...

بعد التيقن من موت الأمة السريري، بدأ العمل على استكمال حلقة التآمر على القضية الفلسطينية عبر تطويع كبرى دول الجزيرة العربية، السعودية...

كان محمد بن سلمان يحمل أكثر من هم...

تكريس وراثته لعرش المملكة...
ومن ثم الإنطلاق في مشروع ٢٠/٣٠ الذي يهدف في ما يهدف، إلى تحويل المملكة من البداوة التي لا تزال تسيطر على الكثير من نواحي الحياة فيها إلى مظاهر الحداثة المستوردة التي لا يبدو حتى اليوم أنها تحمل فكراً تطويريا ينقل أهل الجزيرة من أفكار ومنطق القرون الوسطى إلى مراحل علم ومعرفة القرن الواحد والعشرين بحركة سحرية لا تمت إلى واقع التطور الطبيعي بشيء... 

من هنا نرى السعودية التي تمشي على خطى الإمارات في شراء الحداثة بدل تطويرها عبر تطوير المجتمع...
اختصر السعوديون التطور في اليسا وأحلام وغيرهم من فناني الدعارة الثقافية وغناء الماعز والغنم والبقر الذي يجب أن يترافق مع تشريع الخمرة وحفلات فقدان الحواس...
بالإضافة إلى نثر المال على ظواهر لا تبني مجتمعات ولا رياضة كما العقد مع رونالدو...

بدأت مملكة بني سعود تسير في طريق تسليم الأمور إلى الأميركيين والإسرائيليين خطوة خطوة...

تم فتح المجال الجوي أمام شركة العال الإسرائيلية إلى أن وصلت الأمور إلى استقبال وزراء وموفدين صهاينة تمهيدا لتسليم شركات الكيان مفاتيح البلد...

تم تسريب خبر سفر محمد بن سلمان إلى فلسطين المحتلة في خضم حملة زيادة عيار تهويد القدس والوصول حتى إلى تدنيس المسجد الأقصى...

بدأ وكأن محور المقاومة دخل في مرحلة خسارة المواقع وأن القضية الفلسطينية صارت قصة من الماضي...

خرج بن غفير يعد الفلسطينيين بنكبة ثانية قوامها هذه المرة تخلي الدول العربية رسميا عن أي التزام تجاه الفلسطينيين والتحالف مع اسرائيل في مواجهة المد الشيعي الإيراني...

كان العالم العربي وربما لا يزال أكثره يغط في نوم أهل الكهف...

محور المقاومة يتعرض للضرب اليومي في سوريا والعراق وهو أعجز من أن يرد...
حزب الله في لبنان مطوق بعملاء وخونة يعملون ليل نهار على تطويق بيئة المقاومة تمهيدا لخنقها...

تراوح العملاء في لبنان من أغبياء الشارع المذهبي وصولا إلى مقامات دينية بيدها سلطات كنسية وشريعة إسلامية متخلفة مرورا بما سمي مجتمع مدني من جماعات سوروس وثورات رفعت شعارات التغيير فيما هي تتبع المركز الذي يدير الدولة العميقة من الخارج...

وجد الفلسطينيون أنفسهم على شفير الانهيار وخسارة كل شيء بينما محور المقاومة يستمر في عمليات مراكمة القوة إلى ما بدا أن لا نهاية لأمر المراكمة هذا...

قرر الفلسطينيون تخريب الديكور على الأقل...

قرروا المقاومة ولو بإشعال عود ثقاب كما دعاهم يوما جمال عبد الناصر...

كان كل ما أرادوا هو عملية تحريك الوضع عبر القيام بعملية أسر محدودة للضغط من أجل الأسرى ومحاولة حماية الأقصى من الاعتداءات السافرة التي كبر حجمها وكل العرب والمسلمين نيام...

في السابع من أكتوبر، لم يرم الفلسطينيون... لكن الله رمى...

أرادوا، فزاد لهم الله العطاء... فتح الله كل الابواب والبوابات لشعب غزة حتى فاق كل ما 
حلموا بتحقيقه في ذلك اليوم...

جن جنون أميركا...
انتقل الجنون إلى كل دول أوروبا حين بدأ موسم حج زعماء الغرب كما الماعز والغنم إلى فلسطين المحتلة تضامنا مع الوحش لأن الضحية تجرأت على "الخربشة"...

رداً على عملية كان يمكن أن لا يكون لها تلك الأبعاد لو أن الكيان قبل منذ البدء بعملية مبادلة الأسرى...

لكن الصهاينة الذين وجدوا كل دول الإستعمار إلى جانبهم...
ورأوا معظم شبكات الإعلام الدولية وحتى جزء مهم من النظام الرسمي العربي بما في ذلك سلطة محمود عباس تدين عمل ذلك اليوم المجيد؛ قرر هؤلاء الصهاينة تنفيذ الحلم القديم /الجديد... توجيه ضربة قاضية للقضية الفلسطينية عبر ارتكاب كل انواع جرائم الحرب وصولا إلى التهجير الكامل لعرب فلسطين حتى لو اضطر الأمر إلى القيام بحرب إبادة...

تم تأمين غطاء حماية أميركية غربية لحرب الإبادة تلك عبر توجيه تهديدات إلى محور المقاومة حدّت كثيرا من فعالية وحدة الساحات...

لكن الله لم ينس هؤلاء المظلومين وأرسل لهم من حيث لا يحتسبون جمهورية جنوب إفريقيا من جهة...
وبعض الشجاعة الذي دب في محور المقاومة...

أتى الفعل الأعظم من  أنصار الله في اليمن الذين تجاوزوا كل الحسابات في نصرة المظلوم انطلاقاً من إيمان قرآني لم يصل مسامع المغرب العربي والمشرق...

شيئا فشيئا بدأ قيد التهديد الغربي يتحطم في جنوب لبنان، وتزداد وتيرة التفاعل بين الساحات...

بدأ العراق يؤذي الأميركيين للضغط من أجل غزة...

لكن الذي غير كل المعادلات بشكل جذري كان الدم الفلسطيني الذي حرك كل العالم فانتصر على سيف اسرائيل ومن خلفه سيوف بريطانيا وفرنسا وألمانيا وغيرها من دول الإستعمار الهمجي...

بدا وكأن ضمير العالم استيقظ فجأة بعد سبات طويل...

كما العادة منذ ٤٨...
لجأ الصهاينة، ومعهم الاميركيون إلى طلب الهدنة من أجل إعادة تنسيق الإبادة...

هدنة من أجل سحب اوراق القوة من ايدي الفلسطينيين عبر استعادة الأسرى المستوطنين من جهة، وتخطي مهلة الشهر من المحكمة الدولية عبر الإيهام بإنسانية الإحتلال والرعاة...

لكن الهدنة جاءت في صيغة تحويل هزيمة العدو على الأرض إلى انتصار وهمي لا أثر له...

كتب رئيس الموساد برنياع كل بنود مسودة "اتفاق إطار" اريد لها الظهور بمظهر إجماع دولي ترعاه  خماسية في باريس تضم إلى الكيان أميركا وفرنسا ومصر وقطر...
لم تكن هذه المسودة أكثر من وثيقة استسلام باكثر العبارات عنجهية وتصلف يشبه الإسرائيليين والأمريكيين والفرنسيين مع خنوع مصري قطري عاجز...

لم تتأخر حماس كثيراً...
جاء الرد هذه المرة يحمل توقيعا جماعيا من كل فصائل محور المقاومة...

لم يصل الرد إلى التهديد بالحرب الكبرى...
لكنه كان كافيا لإفهام الأميركيين والغرب أن الفلسطينيين ليسوا ايتاما بلا نصير...

كان الرد مؤشرا إلى أن الاسرائيلي سوف يرى مقاومة عنيدة لن تتوقف عن تدمير مئات أخرى من دباباته و الإجهاز على فرق أخرى غير الفرق التي خرجت من الخدمة...

قرر الفلسطينيون أن ثمن دماء اطفال وأهل غزة ليس رخيصا كي يتم نسيانه...

ليقف العالم ويتحمل مسؤولية الإبادة إذا أراد...

مئة ألف شهيد وجريح ومفقود في أربعة أشهر يمكن أن تتبعهم مئات الآلاف في الأشهر القادمة...
إنه الثمن الذي قرر الفلسطينيون دفعه مقابل الحرية...

مع ان المقاومة هي من يجب أن يرفض الهدنة ووقف النار قبل التحرير الكامل؛ إلا أن الفصائل...
كل فصائل محور المقاومة وكلت حركة حماس الذهاب إلى القاهرة وإفهام من لم يفهم بعد أن زمن الخوف من الموت عند الفلسطينيين انتهى...

لن تكون المقاومة في كل بلدان المحور مردوعة...

تم التأكيد على ثوابت مرحلية تقوم على تبييض السجون ورفع الحصار عن غزة وحماية الضفة عبر منع انتهاك الأقصى بعد اليوم...

ما كتبته حماس له معنى واحد...
الشعب الفلسطيني ومعه قوى المحور لن يقبلوا بأقل من هذا الحد الأدنى بانتظار أن يجد العالم حلا عادلا للقضية الفلسطينية لا يمكن أن يكون اقل من دولة فلسطينية واحدة من النهر الى البحر مع مساواة كاملة لكل السكان...

الشعب الفلسطيني مستعد لكل التضحيات من أجل الوطن مهما بلغت الأثمان من دماء وشهداء...
"عالقدس رايحين، شهداء بالملايين..."
               
المصدر: موقع إضاءات الإخباري