مع نهايات المشهد ! ..
مقالات
مع نهايات المشهد ! ..
حازم قشوع
15 شباط 2024 , 12:01 م

تضيق الدائرة السياسية والعسكرية على نتنياهو مع ازدياد الضغط الميداني في "صفد ورفح" وتتنامى مسألة كشف الغطاء السياسي عند حكومته من قبل دول المركز، التي بعثت برسالة امتعاض من سياسة حكومته نتيجة عدم انصياعها للقنوات التفاوضية، وتهربها من المسوغات التوافقية التي عكف على صياغتها وإعدادها (وليم بيرنز) مدير المخابرات الأمريكية في باريس ومحطة القنوات في الدوحة والقاهرة.

وهذا ما يعني ان صفد "مركز" آلة الحرب الاسرائيلية ستكون مستهدفة إذا ما استهدف محور رفح حيث "مركز" بيت القرار في غزة، وأن دول المنطقة دون استثناء ستكون في مواجهة سياسية مع السياسة الإسرائيلية، قد تصل لدرجة المقاطعة في حال ارتكبت اسرائيل جريمتها باجتياح رفح وقامت آلة الحرب الاسرائيلية بشن عدوانها على خان يونس بعد الحصار القائم بالطوق الناري.

هذه النتائج الميدانية المهمة عكست بظلالها على أجواء (الكابيتول) مركز التشريع في واشنطن، الذي راحت عناوين الحزب الديمقراطي في ارجاءه ترفض تقديم العون المالي / العسكري من دون شروط تقيد حكومة الحرب الإسرائيلية، وتجبرها على الدخول في البرنامج الأمريكي للحل القائم على برنامج الهدنة الموصلة لوقف إطلاق النار، وإدخال الجميع في برنامج التفاوض والتسوية الذي يجب ادخال الجميع عبره في هذه المرحلة من أجل برنامج بايدن الانتخابي، لاسيما وأن التسوية باتت أحد أهم الروافع الانتخابية التي يمكن بناء الفوز عليها.

تضارب بوصلة التوجهات بين المقتضيات الانتخابية الامريكية والبرنامج الامريكي للمنطقة الذى يتم تنفيذه بأدوات إسرائيلية جعل من نتنياهو وحكومته يقفون عند مفترق طريق حاد، فإما القبول بالجملة التوافقية الإقليمية ودعم توجهات بايدن الانتخابية، وهذا يتطلب وقف إطلاق النار ويستدعي عملية جراحية عسكرية في رفح متفق عليها، وأخرى داخلية في بيت الحكومة قد تكلف نتنياهو الخروج من البيت السياسي، أو عدم القبول بهذا الطرح والذهاب تجاه إدخال المنطقة بحرب اقليمية لكن ذلك سيجعل إسرائيل مكشوفة كونها ستكون من دون غطاء سياسي من دول المركز حتى لو بقي بايدن مؤيدا لخطوات نتنياهو، هذا لأن صفد ستكون مستهدفة هذه المرة مقابل رفح وهو ما يعد محذورا استراتيجيا عميقا.

تلك هي الخلاصة التي وصل إليها معظم المتابعين والسياسيين على حد سواء من النتائج الميدانية ومن الحركة الدبلوماسية النشطة التي قادها الملك عبدالله الثاني في أمريكا ولقاءه الهام مع الرئيس الكندي (جاستن ترودو) في أوتاوا الذي أيد برنامج الملك عبدالله للحل السلمي وإعلان الهدنة الموصلة لتسوية وهو التحرك الدبلوماسي الذي جاء مؤيدا بتحرك دبلوماسي على المستوى الإقليمي الذي حمل الرئيس التركي (أردوغان) للعاصمة المصرية القاهرة، لوقف الحرب ولمناصرة الموقف العربي والشروع ببرنامج الترتيبات الإجرائية للهدنة للحيلولة دون إدخال المنطقة بحرب إقليمية بعناوين "صفد - رفح"، لاسيما بعد موافقة حماس الدخول بالإطار الفلسطيني الجامع عبر حكومة تكنوقراط تسمح بوحدة الصف الفلسطيني بما يوحده ويجعله أكثر قوة ومناعة في مواجهة هذا المنعطفات الخطيرة التي تعصف بهويته النضالية الجامعه.

قبول الحكومة الاسرائيلية بهذا الطرح يعني اعترافها الضمني بنظام الضوابط والموازين الجديد الذي سيجعلها جزءا في المنطقة لكن ليس وصياً عليها ويجعل دورها مقبولاً لكن من دون أهلية شرطية ... وهذا يتطلب منها إنهاء برنامجها التوسعي والتخلي عن دورها الوظيفي الذي يقوم على "صياغة المشاكل واستثمار التناقضات" لتحقيق أهداف كامنة لكنه يجعلها جزءاً طبيعياً في المنطقة و سيجعل المجتمع الإسرائيلي يعيش كما بقية مجتمعات المنطقة بحالة أمنة ومستقرة ..

فهل تقبل إسرائيل بهذا الدور الوظيفي الجديد أم ستقود حالة تنمر اخرى.، هذا ما سيجيب عنه بيت القرار في تل أبيب وهو يقف على مفترق طرق في معركة الموازين المشتعلة لنظام ضوابط جديد الذي أعاد توظيف حماس وسيقوم بإعادة توظيف إسرائيل حتى يتم قبولها ويسدل الستار عن هذا المشهد الدموي الصاخب.