يوضح هذا الكتاب كيفية التواصل معهم بطريقة تجعلهم يغيِّرون من أنفسهم، وذلك عن طريق شرح أنماط السلوك، والدوافع الخفيَّة والقوى المؤثرة التي تجبر الناس على صعوبة التعامل معهم، وما الأساليب الفعَّالة والناجحة للتعامل مع هؤلاء الأشخاص،
وبهذا ستصبح من القلائل الذين يستطيعون استخراج أفضل ما لدى معظم الناس حتى في أسوأ أحوالهم!
1 - ذوو الطباع الصعبة
إن أولى خطوات تغيير موقفنا تجاه الأشخاص ذوي الطباع الصعبة هو أن نغيِّر موقفنا الذهني تجاههم، وذلك من خلال تفهُّمنا للأهداف أو النوايا التي يستجيب بها الناس للمواقف،
فلكل سلوك غاية أو هدف رئيس يحاول تحقيقه، وهناك أربعة أهداف عامة تقرِّر الكيفية التي يستجيب بها الناس في أي موقف، وهي: الرغبة بإنجاز المهمة، أو الرغبة بإنجاز المهمة على نحو صحيح، أو الرغبة بالانسجام مع الآخرين، أو الرغبة في كسب التقدير.
فعندما تتعرَّض تلك الرغبات أو الأهداف للمقاومة أو التهديد، حينها يحدث رد الفعل المتطرِّف، فيؤدي إلى ظهور سلوكيات صعبة مزعجة، نستطيع اختصارها في عدد من الأنماط السلوكيَّة، تكون مرتبطة بكل هدف من الأهداف.
2- هدف إنجاز المهمة
عندما تحتاج أن تنجز مهمة سيكون تركيزك كله عليها، فتزيد من سرعة الأمور، وتركِّز على عملك، وستكون حاسمًا، بل قد تصبح عدوانيًّا ومندفعًا وغير مبالٍ بأحد، وتتكلَّم بلا تفكير، وستهمِّش الناس من حولك،
في هذه الأوقات يزيد هدف إنجاز المهمة قوَّةً وشدَّة ويصبح السلوك المترتب على ذلك أكثر ميلًا إلى التسلط والسيطرة، ومن هذا الدافع تخرج ثلاثة أنماط سلوكية، وهي: الدبَّابة والقنَّاص الخبيث والعلَّامة.
نمط الدبَّابة لا يكون قادرًا على إبطاء إيقاعه، ويمكن أن يسحقك في أثناء تأديته للمهمة، أما القنَّاص الخبيث فهو الشخص الذي إذا لم تتم الأمور بالصورة التي يرضى عنها، سيحاول السيطرة عليك من خلال الإحراج والتحقير والسخرية،
أما العلَّامة فهو يسيطر على الأشخاص والأحداث عن طريق الهيمنة على المحادثة، ويتخلَّص من المقاومة أو المعارضة عن طريق العثور على نقاط الضعف التي تكون كفيلة بتشويه وجهات النظر الأُخرى ورفضها.
3- أنجز مهمتك على نحو صحيح
عندما يكون إنجاز المهمة بالشكل الصحيح هو أولى أولوياتك، فإنك تتأمَّل التفاصيل أولًا، فعندما تحدث مقاومة أو تهديد للهدف، يبدو حينها أن كل شيء عشوائي ومهمل، ومن هذا الهدف يتفَّرع ثلاثة أنماط سلوكية.
النمط الأوَّل هو الشخص الشكَّاء الذي يعتقد أنه عاجز تمامًا عن صنع أي تغيير في هذا العالم، كما أنه مُحمَّل بالشكوك فيزايد شعوره باليأس، والنمط الثاني هو اليائس، فهو لا يشعر بالعجز في مواجهة الأمور وإنما يشعر باليأس، فهو واثق بأن الخطأ لا يمكن تصحيحه أبدًا،
والنمط الثالث هو الصامت، فهو ينسحب كُليًّا من الأحداث.
4- الانسجام مع الآخرين
عندما يكون هناك أشخاص ترغب في الانسجام والتآلف معهم، قد تعد أن احتياجاتهم واهتماماتهم أهم من احتياجاتك واهتماماتك، والمشكلة أن الأشخاص في هذه الحالة يبدؤون بالشك في مشاعر الآخرين تجاههم،
فيميلون إلى أخذ ردود أفعال، أو استجابات تكون على المحمل الشخصي، ويكون توجُّههم نحو كسب الاستحسان وتجنُّب الرفض، وأصحاب سلوكيات هذا الهدف هم: الموافق دائمًا والمتردِّد غير الحاسم، والصامت.
5- كيف تكسب تقدير الآخرين؟
إن الرغبة في الحصول على التقدير من أكثر الدوافع قوَّة، وبها يسعى الشخص أكثر لجذب الانتباه، وسلوكيات هذا الهدف هي القنبلة الموقوتة والقنَّاص والمتعالم.
فالقنبلة الموقوتة هو الشخص الذي يشعر أنه لا يحصل على أي تقدير أو احترام،
فإنك ستسمع منه "لا أحد يُبالي!" فهو سلوك يائس يولِّد انتباهًا سلبيًّا واستياءً، أما القناص الودود فهو مختلف عن القنَّاص الخبيث، فهو معحب بك ولكنَّه يستخدم أسلوب السخرية والتهكُّم لا لإضعاف مكانتك بل لجذب الانتباه إليه، وأما المتعالم فهو شخص متخصِّص في المبالغة،
ويستخدم لغة فنية مبهمة، ويقدِّم آراء لم يُطلب منه رأيه فيها، وإذا تجادلت معه فسيبدأ برفع صوته، ويرفض التراجع إلى أن يستفزُّك وتبدو أحمق مثله.
6- حتى لا تكون من ذوي الطباع الصعبة!
إذا سألنا أنفسنا ما الذي يجعل الارتباط ببعض الناس غاية في السهولة والارتباط بالبعض الآخر ضربًا من المستحيل؟ إننا نزعم أن الصراع في العلاقات يحدث عندما يكون التركيز على الاختلافات بدلًا من أن يكون منصبًّا على المتشابهات،
لذا كان التقليل من الاختلافات ضروريًّا عند التعامل مع الأشخاص، وذلك من خلال العثور على أرضية مشتركة، نحاول إعادة توجيه التفاعل نحو نتيجة جديدة، وذلك من خلال مهارتي "التآلف وإعادة التوجيه".
فقم ببناء ببعض الحميمية والمودَّة مع الطرف الآخر من خلال التآلف معه، وبعدها تستطيع إعادة توجيه التفاعل وتغيير المسار نحو نتيجة إيجابية، ويأتي الإنصات هنا بدوره المهم، فالبشر بطبيعتهم يميلون إلى من يستمع إليهم، فبعد أن يُنهي المرء حديثه معك كرِّر ما قاله،
واسأله للاستيضاح وإظهار الاهتمام، ثم لخِّص ثم أكِّد، هنا سيدرك الشخص أنك سمعته وفهمته بالفعل.