دولتين ولكن ....
مقالات
دولتين ولكن ....
ابراهيم ابو عتيله
26 آذار 2024 , 17:46 م


بعد إنجاز المقاومنة الفلسطينية عملية طوفان الأقصى وما تلاها من عدوان صهيوأمريكي وحشي على قطاع غزة وما يقابله من صمود ومقاومة أسطورية من قبل المقاومة الفلسطينية والشعب الفلسطيني في غزة تعالت الأصوات لحل القضية الفلسطينية على قاعدة حل الدولتين وفق قرارات الشرعية الدولية وهو أمر لم تستطع كل تنازلات عباس وسلطته من تحقيق شيء منه ..

وقبل الخوض في هذا الموضوع الشائك لا بد من التوقف عند بعض الحقائق ووفق ما يلي :

أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة في نوفمبر/تشرين الثاني 1947 قراراً يقضي بتقسيم فلسطين إلى دولتين، عربية ويهودية، وذلك بموافقة 33 دولة ورفض 13 دولة وامتناع 10 دول مع غياب دولة واحدة حيث مثلت الدول العظمى ومن سار في فلكها الأغلبية الموافقة على القرار... كما نص القرار على أن يكون للقدس وضعاً خاصاً .. ولقد منح القرار الدولة اليهودية حوالي 56 % من المساحة والدولة العربية 44 % علماً بأن عدد السكان اليهود وأغلبيتهم من المهاجرين لم يكن يتعدى ال 20 % من السكان فيما يمثل العرب الغالبية العظمى من السكان وأما ملكية الأراضي حينذاك فلم يكن لليهود أكثر من 7% من الأراضي ... وبموجب القرار تم قبول " إسرائيل " في عضوية الأمم المتحدة فيما لم يتم أي ذكر للاعتراف بالدولة العربية رغم أن القرار قد أشار إلى وجودها بشكل صريح وواضح ... وقد رفض الفلسطينيون ذلك القرار كونه يؤدي إلى نزع ملكيتهم ومنحها لمن ليس لهم حق بها كما رفض العرب هذا القرار أيضاً .. إلا أنه يبقى قراراً دولياً صدر بأغلبية صريحة ونص صريح لإنشاء دولتين.

نتيجة لقيام الصهاينة بمحاربة الفلسطينينن وتهجريهم وابتلاع أراضيهم سنة 1948 فقد ابتلع الصهاينة النسبة الكبرى من أرض فلسطين بعد قيامهم بتهجير الفلسطينيين قسراً وارتكاب كل أنواع العنف والتقتيل بحق أصحاب الأرض ولم يتبقى للفلسطينيين سوى 22% من أراضيهم الأصلية .

قام النظام الرسمي العربي بإنشاء منظمة تحت مسمى " منظمة التحرير الفلسطينية " سنة 1964 هدفها الأساسي والأول تحرير الأراضي المحتلة من فلسطين.

قامت " إسرائيل " في عام 1967 بالعدوان على الدول العربية المجاورة " مصر وسوريا والأردن" احتلت نتيجتها ما تبقى من أرض فلسطين" الضفة الغربية وغزة واللتين تمثلان 22% من فلسطين " إضافة لاحتلال الجولان السورية وسيناء المصرية .

أصدر مجلس الأمن الدولي التابع لمنظمة الأمم المتحدة في 22 نوفمبر / تشرين الأول سنة 1967 القرار رقم 242 والذي جاء في أعقاب عدوان 1967 المذكور أعلاه وقد جاء هذا القرار كحل وسط بين عدة مشاريع قرارات طرحت للنقاش بعد الحرب. وورد في المادة الأولى الفقرة أ: «انسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضي التي احتلت في النزاع الأخير». وقد حذفت «أل» التعريف من كلمة «الأراضي» في النص الإنجليزي بهدف المحافظة على الغموض في تفسير هذا القرار. وإضافة إلى قضية الانسحاب فقد نص القرار على إنهاء حالة الحرب والاعتراف ضمنا بإسرائيل دون ربط ذلك بحل قضية فلسطين التي اعتبرها القرار مشكلة لاجئين. ويشكل هذا القرار منذ صدوره صُلب كل المفاوضات والمساعي الدولية العربية لإيجاد حل للصراع العربي الإسرائيلي

كان الهدف الرئيسي من إنشاء منظمة التحرير الفلسطينية هو تحرير فلسطين عبر الكفاح المسلح. إلا أن المنظمة تبنت فيما بعد وفي بداية السبعينات فكرة إنشاء دولة فلسطينية ديمقراطية ثم عادت وتراجعت عنه في عام 1974 ونادت بإنشاء دولة فلسطينية على أي جزء يتم تحريره من فلسطين عندما تبنت البرنامج المرحلي ( برنامج النقاط العشر ) والذي عارضته بعض الفصائل الفلسطينية وقتها مشكلة ما سمي حينذاك جبهة الرفض.

في عام 1988 تبنت منظمة التحرير رسميا خيار الدولتين في فلسطين التاريخية، والعيش جنبًا لجنب مع إسرائيل في سلام شامل يضمن عودة اللاجئين واستقلال الفلسطينيين على الأراضي المحتلة عام 1967 وبأن تكون القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية .

في عام 1993 قام ياسر عرفات رئيس اللجنة التنفيذية بمنظمة التحرير آنذاك بالاعتراف رسمياً بإسرائيل، في رسالة رسمية إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك إسحق رابين، في المقابل اعترفت إسرائيل بمنظمة التحرير كممثل شرعي وحيد للشعب الفلسطيني. نتج عن ذلك تأسيس سلطة حكم ذاتي فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، والتي تُعتبر من نتائج اتفاق أوسلو بين المنظمة وإسرائيل.

وهنا لا بد من طرح التساؤل الأهم وهو :

أين هي الشرعية الدولية التي يرددها الكثيرون ويبنون عليها موضوع حل الدولتين ؟ علماً بأن ما يسمى بالشرعية الدولية قد نزعت الأرض من أصحابها الأصليين وأصدرت قرارها رقم 181 لسنة 1947 المتضمن تقسيم فلسطين وإنشاء دولتين " عربية ويهودية " والذي لم تتحقق بموجبه إلا الدولة اليهودية متناسيةً تلك الشرعية إنشاء الدولة العربية ...

وهل يمكن اعتبار القرار 242 لسنة 1967 قراراً للشرعية الدولية غير كونه ينص على «انسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضي التي احتلت في النزاع الأخير». وقد حذفت «أل» التعريف من كلمة «الأراضي» في النص الإنجليزي بهدف المحافظة على الغموض في تفسير هذا القرار. وإضافة إلى قضية الانسحاب فقد نص القرار على إنهاء حالة الحرب والاعتراف ضمنا بإسرائيل دون ربط ذلك بحل قضية فلسطين التي اعتبرها القرار مشكلة لاجئين .. فأين هي الدولة الفلسطينية وأين هو حل الدولتين الذي تغطيه الشرعية الدولية ؟.

ومع قناعتي المطلقة بأن الحل المنطقي والمرتكز على الحق والعدالة والتاريخ والواجب التنفيذ هو تحرير فلسطين وإنشاء الدولة الفلسطينية على حدودها التاريخية ولو بعد حين وبحيث تكون تلك الدولة لسكانها الذين كانوا يقيمون فيها قبل إصدار قرار التقسيم لسنة 1947 على قاعدة المواطنة والمساواة في الحقوق والواجبات .

أما إذا عدنا إلى ما يسمى الشرعية الدولية ومع شديد التحفظ فإن الأولى بالتنفيذ من القرار 242 لسنة 1967 الذي يقضي بالإنسحاب من الااضي المحتلة هو القرار الأممي 181 لسنة 1947 الذي ينص صراحة على إنشاء دولتين أحداهما عربية وأخرى يهودية مشيراً بهذه المناسبة إلى ما أقرته بعض الأحزاب التي منحت سابقا الغطاء لإنشاء إسرائيل كالحزب الشيوعي الروسي والذي عاد في بياته الأخير للمطالبة بالعودة إلى قرار التقسيم كونه يمثل الشرعية !! الدولية الوحيدة.

**** فهل تعود منظمة التحرير والنظام الرسمي العربي إلى تبني تلك الشرعية المتمثلة بقرار التقسيم لسنة 1947 ..

أتمنى ذلك فهو بالمقارنة النسبية أفضل مما ينادون به .

ابراهيم ابو عتيله

عمان – الأردن

26/3/ 2024 

المصدر: موقع إضاءات الإخباري