كتب الأستاذ حليم الشيخ: العدو فقد رشده. متى نقطع رأسه؟
مقالات
كتب الأستاذ حليم الشيخ: العدو فقد رشده. متى نقطع رأسه؟
حليم الشيخ
2 نيسان 2024 , 10:12 ص

كتب الأستاذ حليم الشيخ: 

اشتهر العرب بجملة الزمان والمكان المناسبين...

من الظلم وصم الموقف الإيراني بالعدوى من قلة الحيلة عند النظام الرسمي العربي...

ينظر العالم إلى ردة فعل روسيا على الصلف الأميركي في أوكرانيا فيترحم على وضع الذلة الذي يغرق فيه هذا النظام...

ينظر الناس إلى ردات فعل الصين على تجرؤ أميركا على تحدي الصين في كل شاردة وواردة... يترحم على أيام (ماو تسي تونج)؛ يوم كانت الصين تتحدى اميركا وبريطانيا على كل مفترق طرق...

لكن أن تصل عدوى الزمان والمكان المناسبين إلى إيران...

في هذا، ظلم كبير لإيران...

يسأل المرء نفسه، "هل أخطأت إيران حين ابتلعت اغتيال الشهيد قاسم سليماني، واكتفت برمي دزينة من الصواريخ على قاعدة عين الأسد بعد توجيه تحذير عبر العراقيين حرصا على عدم سقوط قتلى في القوات الأميركية...

كيف يمكن فهم هذا الأمر؟

طويلاً تحدث محور المقاومة عن ديبلوماسية حياكة السجاد في الثقافة الإيرانية...

عفواً، لكن اربعة عقود من انتظار أن تتم حياكة تلك السجادة قد تؤثر، بل هي تؤثر فعلا على معنويات جمهور المقاومة القادر وحده على مد هذه المقاومة بالقوة الشعبية اللازمة لاستمرار حرب التحرير...

قصف قنصلية إيران في دمشق ليس قمة الصلف الصهيوني...

اغتيال كوادر الحرس الثوري أو قوة القدس لم يكن يحدث للمرة الأولى، ولن يكون المرة الأخيرة...

قد تجيب إيران أنها ترد كل يوم في فلسطين، وهذه حقيقة؛ فلولا إيران، لكان العرب باعوا فلسطين منذ دهر...

قد يقول حزب الله إنه يرد كل يوم عبر استهداف المستوطنات حتى مل الناس من كريات شمونة، وما يجري في كريات شمونة...

صارت حدود رد حزب الله تتراوح بين كريات شمونة، وميرون...

لم يعد تبرير تخبئة المفاجآت إلى أن تقع الحرب الكبرى يكفي...

عندما قال العميد حنا على الجزيرة إن محور المقاومة مردوع، رفض جمهور هذه المقاومة هذا الاستنتاج...

لكن الحقيقة هي أن المحور يمشي في حرب التحرير خطوة إلى الأمام، ثم يتوقف دهرا قبل أن يخطو الخطوة التالية...

لا يستهين أحد بقوة اسرائيل، ولا بقوة أميركا...

لكننا جميعا مقتنعون أن اسرائيل أوهن من بيت العنكبوت...

لسنا نحن من قال ذلك...

هو قول سيد المقاومة، وهو قول حق...

ليس ما حدث في السابع من أكتوبر هو الدليل الوحيد على هشاشة اسرائيل...

كل حرب اسرائيل في غزة؛ كل جرائم الحرب، كل ارتكابات الإبادة دليل لا يقبل الرد أن اسرائيل أوهن من بيت العنكبوت...

الخاسر والضعيف والمهزوم في الميدان هو من يفقد رشده...

لكن حتى متى يسمح لهذا الجنون بالتمادي دون رد...

لقد أثبت التاريخ أكثر من مرة أن الإمبريالية الأمريكية نمر من ورق...

هرب الأميركيون من فيتنام، هربوا من لبنان، هربوا من العراق، هربوا من أفغانستان...

أليس هذا دليل واضح على أن هزيمتهم هي مجرد قرار...

عندما يطلب نائب أميركي مختل عقلياً بتحويل غزة إلى هيروشيما أو ناكازاكي أخرى، لا يدفعنا هذا إلى الخوف...

بل يدفعنا كل هذا إلى المزيد من الغضب...

غضب من جماهير الأمة النائمة في عالم عربي فقد كل احاسيس الكرامة ويكتفي في الحد الأقصى بمحاصرة سفارة فارغة في عمان، أو مسيرة يتيمة في المغرب أو تونس...

أما مصر...

رحم الله اطفال بحر البقر...

رحم الله عمال مصنع ابي زعبل قبل أن يبيع السادات مصانع مصر في سوق الخصخصة...

رحم الله أسرى مصر الذين دفنهم شارون احياء في رمال سيناء...

لكننا نعرف أن عبد الودود لا يزال يعيش في حي من أحياء القاهرة أو السويس أو ربما في أحد حقول الصعيد قبل أن يُسقِط من خلف حسني مبارك كما اسقط محمد مرسي صديق شيمون بيريز...

عندما انعقد مؤتمر كامبل في اوائل القرن الماضي كان على الطاولة ثلاث حضارات مستهدفة...

الحضارة الصينية،

الحضارة الهندية،

والحضارة العربية( الإسلامية)...

استطاع الحزب الشيوعي الصيني تحرير الصين من أيدي دول مؤتمر كامبل...

استطاع حزب المؤتمر تحرير الهند من مقررات مؤتمر كامبل ذاك، رغم أن غباء مودي وحزبه قد يضيف عوائق لأن الهند تدين بجزء كبير من تفوقها إلى المسلمين الهنود الذين أعطوا ذلك البلد قنبلته الذرية...

لم يبق غير الحضارة العربية/ الإسلامية...

وضعها بدا مستعصيا بسبب النظام الرسمي العربي الذليل من جهة، وشراسة الإمبريالية بكل فروعها الغربية على منع أية حركة تحرر عربية من اختراق الحصار...

ما رميت إذ رميت، لكن الله رمى...

أدى تراكم الثورات إلى إنتاج مقاومة فاقت كل التوقعات...

لم يكن الاتحاد السوفياتي نصيرا فعلياً لحركة التحرر العربية...

حتى الناصريون والبعثيون وغيرهم لم يكونوا على المستوى المطلوب...

لكن الله كان مع هذه الأمة منذ انطلاق الثورة الإسلامية في إيران...

كانت إيران خير سند...

في ٢٠٠٦، حقق حزب الله معجزة عبر منع الشرق الأوسط الأميركي الجديد من التحقق...

في السابع من أيار ٢٠٠٨، فرض حزب الله عصر المقاومة المسلحة وكرس ثلاثية جيش، شعب، مقاومة رغم أنف قوى الرجعية في الخليج وأدواته في ١٤ آذار...

في الحرب السورية هزم حزب الله من داخل محور واسع حلف الناتو رغم كل أدوات التكفير والجاهلية التي تم استثمارها...

استعاد المحور حركة حماس من بين براثن الرجعية العربية، وفرض انتصار غزة في ٢٠١١، ٢٠١٤، ٢٠١٧، ٢٠٢١، ٢٠٢٢ مع بروز نهج تحرير غير قابل للهزيمة...

تفجر هذا المخاض الطويل في ٧ اكتوبر٢٠٢٣...

نحن الآن في قلب العاصفة...

لا تَعِدوا الناس بأي هدوء...

لن يكون هناك هدوء إلا في حالتين:

إما أن تنتصر أميركا، وتضيع فلسطين قبل أن يلحق بها كل العرب النائمين...

أو ننتصر نحن، ونعود إلى حركة التاريخ على حصان أبيض...

لا حلول وسط...

كل قول آخر هو سراب...

على الأمة أن تعي أن التاريخ لا يرحم...

اليوم، جاءت فرصتنا لنلتحق بالصين والهند ونحطم كل مخططات مؤتمر كامبل...

هم يضعون الأمة بين اثنتين،

السلة أو الذلة...

الخيار في يد المقاومة وفي يد إيران...

انطلق القطار في اليمن وفي غزة...

لا نعد شعبنا بأقل مما جرى في غزة...

لا بل قد يزيد الخراب أشواطا كبيرة...

لكننا نعِد الأمة أن انتصارها سوف يكون مدويا...

سوف نربح ذواتنا، ونؤمن لهذه الأمة مكانا يليق بها تحت شمس الحرية والعدالة والتقدم بعد أن كاد يفوتنا القطار...

حليم الشيخ

المصدر: موقع إضاءات الإخباري