كتب الأستاذ حليم الشيخ: على عتبة اللاعودة
مقالات
كتب الأستاذ حليم الشيخ: على عتبة اللاعودة
حليم الشيخ
4 نيسان 2024 , 04:32 ص

كتب الأستاذ حليم الشيخ: 

الوزير وئام وهاب لا يريد الحرب..

الاعلامي رفيق نصرالله كذلك...

مشكلة كل هؤلاء أنهم يعرفون أن قرار الحرب موجود في واشنطن...

يعرفون أن وراء واشنطن، تقف لندن وبرلين وباريس ومجموعة عواصم...

نعرف من هو العدو، ولا نريد ضرب مصالحه...

هما يقولان بهذا.. وقد قالا ذلك أكثر من مرة...

لماذا إذا لا يتوقف الجميع عن إظهار الهلع من هذه الحرب...

حزب الله، أو على الأقل، الكثيرون من جمهور حزب الله لا يريد الحرب...

هؤلاء أيضاً يعرفون طبيعة إسرائيل...

من يعرف طبيعة إسرائيل لا يستطيع أن يدعو ضد الحرب لسبب بسيط جداً،

اسرائيل تريد كل شيء بما في ذلك الهواء الذين نتنشق...

عندما يعتب عليّ قريب أو صديق لأني أدعو للحرب، ويقول لي اني بعيد وأولادي ليسوا في لبنان، ولذلك لا يهمني إذا وقعت الحرب؛ عندما يعتب هؤلاء، أتفهم بغصة... لكني أتفهم من منطلق أن الخوف من الموت والدمار هو طبيعة بشرية عند هؤلاء...

عندما يقول السيد حسن أنه يتمنى أن لا تقع الحرب، ولكن إن وقعت فهو سوف يخوض غمارها حتى النصر أو الشهادة، فهذا لأن السيد يخاف الله ويخشى تحمل مسؤولية آلاف وربما ملايين الشهداء...

السيد حسن يريد استنفاذ كل الطرق التي قد تعيد العدل إلى منطقتنا قبل اللجوء إلى الحرب...

آلاف أو ملايين الشهداء يسقطون على ذمة قرار؛ هذا أمر صعب...

لكن الذي يعتقد أن هناك حل آخر، واهم إلى أبعد حدود الوهم لأنه ببساطة ما بعدها بساطة:

ألف باء الكيان هو قتلنا جميعاً...

نحن الغوييم...

نحن الحيوانات التي خلقها الله على شاكلة البشر لخدمة شعب الله المختار دون أن يكون لنا أية حقوق إنسانية...

بعض العربان يحمّل حركة حماس المسؤولية...

"لو لم تقم حماس بهجوم السابع من أكتوبر، ما كانت اسرائيل ترتكب الإبادة التي تجري الآن في فلسطين"، يقول هؤلاء...

هؤلاء ليسوا جميعاً عملاء لأميركا؛ الكثير من بين هؤلاء بما في ذلك الكثير من الفلسطينيين وجمهور المقاومة يعتقدون بذلك...

أحد لا يريد الاعتراف أنه كان على حماس كسر الخوف والرعب الذي تسيطر به اسرائيل علينا جميعا...

السابع من أكتوبر كسر هذا الخوف...

"كلفة هذا عالية جداً"، يقول هؤلاء...

هذا صحيح لكن البديل اسوأ...

سنة ٨٢ تجاوز عدد شهداء الحرب الثلاثين ألفا...

هل كان ياسر عرفات مغامرا هو أيضاً آنذاك؟

لقد تدرج الكيان من مشروع شيمون بيريز بتزويج العقل "الاسرائيلي" إلى رأس المال العربي، ليصل إلى مشروع كاهانا وسموتريتش وبن غفير لإبادة الشعب الفلسطيني اولا قبل الانتقال الى الجميع بطريقة أو بأخرى...

قد تُفرح هذه الإبادة اليمين المسيحي في لبنان، أو بعض المخنثين في الخليج، أو النظام الرسمي العربي...

لكن الذي يعتقد أن اسرائيل قادرة على مساواتنا بالبشر هو مجرد غبي لا يفهم ألف باء الصهيونية...

لن يكون هناك هدوء إلا إذا قبلنا بالهزيمة...

لقد تعلمت اسرائيل من حرب ٢٠٠٦...

قررت اسرائيل تحويل مأساتها في ٧ أكتوبر من السيء إلى الجيد (نظرية ماو تسي تونج ينفذها الاسرائيلي بينما تنام الأمة)...

قررت اسرائيل تسريع الخطى لتنفيذ مشروع التهويد الكامل أو الإبادة الكاملة...

يقول العداد أن عدد الشهداء في غزة حتى مساء أمس وصل إلى قرابة ال ٣٣ ألفا...

كان العدو يقتل ما بين مئتين إلى خمسمائة في اليوم...

يعتقد الناس أن وتيرة القتل خفت...

عدد ال ٣٣ ألفا هو مجرد وهم...

وتيرة حوالي المئة شهيد يوميا هي أيضاً وهم...

طلب بايدن من الصهاينة ليس تخفيف عدد الشهداء؛ طلب فقط أن تتم الإبادة على "السكيت"...

أمس قررت اسرائيل التخلص من اخر منبر إعلامي في فلسطين...

سوف يتم إغلاق قناة الجزيرة...

قريبا لن يبقى من الإعلام إلا من يتبنى السردية الاسرائيلية في كل شيء..

بعد العمل على طرد الأونروا مع ما تمثل من موقع شاهد عيان، ها هي تقتل عمداً فريق المطبخ العالمي...

أعلنت الشركة أنها توقف عملها في فلسطين...

تقوم اسرائيل بإقفال الأبواب والنوافذ وإسدال الستائر...

تنفيذ الإبادة سوف يستمر خلف تلك الأبواب..

علنا، سوف يطلع العداد على البطيء بحيث لا يعلم العالم بما يحدث داخل المعتقل الفلسطيني الكبير...

سوف نستيقظ يوما على أعداد فوق الخيال من الشهداء...

ثم يجري تحميل المسؤولية لبضعة أفراد، نتنياهو، بن غفير سموتريتش وغيرهم...

النكبة الثانية بدأت...

النظام الرسمي العربي موافق على ما يحدث...

تم توجيه رسالة إلى إيران عبر تدمير القنصلية...

الاميركيون كانوا على علم...

الأميركيون لم يقوموا بمنع تدمير القنصلية وقتل قيادات من مستوى سليماني...

هذا يعني أن الأميركيين مستعدين لدخول الحرب إلى جانب اسرائيل في حال ردت إيران بشكل مباشر...

بصراحة... دون "لوفكة"...

محور المقاومة يجب أن يلحق بالحوثيين...

على قيادات المحور تحديد الأسلوب...

لكن الحرب لا يمكن أن تستمر بالشكل الذي تجري به بينما الإبادة مستمرة...

هل هناك احتمال حرب شاملة؟

اسرائيل تحصل على ما تريد من خلال الإبادة دون أن تتعرض إلى حرب شاملة...

أميركا تخطط؛ إسرائيل تنفذ؛ ومحور المقاومة يرفع وتيرة الحرب دون إشعال النار...

من المؤكد أن المحور يعرف أنه لا بد من الحرب الشاملة إذا أراد ايقاف الإبادة؛ لكنه يمتنع عن مصارحة الناس...

الإبادة جارية على قدم وساق...

بدأت القصة مع المستشفى المعمداني...

كان ذلك فظيعا...

لكن الناس تعودت الآن...

ما حصل في مجمع الشفاء الطبي هو إبادة بكل ما في الكلمة من معنى...

ما جرى في الشفاء سوف يجري في كل بقعة من بقاع غزة...

بعد ذلك في كل فلسطين...

خرج على شاشة الميادين أحد المحللين الأميركيين وشرح القصة بالعربي "المشبرح"...

قال إنه إذا اندلعت الحرب بين محور المقاومة وإسرائيل، قد يكون صعباً على أميركا الدخول في الحرب؛ لكن إذا دخلت إيران الحرب، من المؤكد أن تدخل اميركا هذه الحرب...

في الحقيقة اميركا دخلت الحرب ومعها بريطانيا ضد الحوثيين...

يعني الحرب واقعة واقعة إلا إذا وافقنا على الاستسلام...

الهزيمة من ورائكم، والعدو أمامكم...

أميركا موجودة في قلب الحرب، وإن بشكل خفي...

السلاح، الفضاء، الاستخبارات، المستشارون على الارض، التخطيط...

حوالي ستة آلاف أميركي مزدوج الجنسية، حوالي أربعة آلاف فرنسي، نفس الاعداد من بريطانيا وألمانيا وبقية أوروبا...

هناك حرب كونية ضد الفلسطينيين...

لتحييد الشارع الشعبي الغربي، قامت اسرائيل بتخطيط مع الأميركيين والأوروبيين بتنفيذ الإبادة بدون شهود...

ما حدث في الشفاء هو صورة مصغرة عن هذه الإبادة...

لم يعد لإيران ترف الوقت في ديبلوماسية حياكة السجاد...

القنصلية هي أرض إيرانية...

التنفيذ اسرائيلي، والرخصة أميركية...

"يا ليتنا كنا معكم"...

اليوم، العالم كله يعرف ماذا يجري في غزة...

العالم يرى نماذج عما يحصل في الضفة...

لذلك لا يحق لأي كان أن يقول مستقبلا بأنه لم يكن يعرف...

الكل يعرف...

الجميع يعرف...

لكن، بكل اسف، لم يرتق الرد على الإبادة بعد إلى ما يجب أن يكون عليه هذا الرد...

حليم الشيخ

المصدر: موقع إضاءات الإخباري