أسست الولايات المتحدة حلف الناتو مع حلفائها الغربيين في واشنطن في 4 أبريل عام 1949، بهدف معلن يتمثل في حماية أوروبا من التهديد السوفيتي.
انهار الاتحاد السوفيتي واختفى من الوجود، لكن حلف شمال الأطلسي لم يبق مكانه فقط بل وتوسع حتى الوقت الراهن سبع مرات مقابل 3 مرات في فترة الحرب الباردة، والمواجهة بين المعسكرين الرأسمالي والاشتراكي.
الآن بعد مرور 75 عاما من تأسيس الحلف، زاد عدد الأعضاء بانضمام السويد في 7 مارس الماضي إلى 32 دولة. 30 دولة أوروبية إضافة إلى الدولتين الأمريكيتين الشماليتين، الولايات المتحدة وكندا. في القارة الأوروبية لم يتبق من دول أوروبا الغربية خارج الحلف إلا ثلاث دول فقط هي سويسرا والنمسا وإيرلندا.
بعيدا عن الصياغات الرسمية التي دبجت بها وثائق تأسيس حلف شمال الأطلسي، بنت الولايات المتحدة الحلف كي تتمكن من نشر قواتها وقواعدها العسكرية وقنابلها النووية وصواريخها في الدول الأعضاء.
بعبارة أخرى، توفر عباءة حلف الناتو للولايات المتحدة الأساس القانوني لحركة قواتها وأسلحتها، كي يبدو الأمر كما لو أنها شراكة بين دول متساوية لا تمس فيها سيادة الدول الأعضاء الوطنية.
الدول الأعضاء في الناتو في نفس الوقت تشعر بأمان وهمي وهي تفتح أراضيها باسم الشراكة في الناتو، للقوات الأمريكية، متناسية أنها تجازف بجعل أراضيها منطقة الصدمة لتلقي الضربة الأولى في أي حرب محتملة مع خصوم الولايات المتحدة، فيما أراضي هذه الدولة بعيدة خلف المحيط.
جرى تأسيس حلف شمال الأطلسي عمليا من أجل تأمين تمدد النفوذ الأمريكي في أرجاء الأرض، وكي تتقدم القوات الأمريكية بحرية في أراضي الغرباء لمحاصرة خصومها وخاصة روسيا في الوقت الحالي، إضافة إلى محاولة "ردع" الصين.
الناتو كان قال في بيان شديد اللهجة خلال قمته التي عقدت في فيلنيوس عاصمة ليتوانيا في يوليو 2023، إن "الصين تتحدى مصالحه وأمنه وقيمه "بطموحاتها وسياساتها القسرية".
الولايات المتحدة ليست فاعل خير، ولا يمكن أن تكون كذلك. هي تحشد الدول الحليفة لمواجهة خصومها، والحد من حركتهم أولا قبل الانقضاض عليهم متى سنحت الفرصة. لهذا السبب تنفق واشنطن، بحسب بيانات عام 2020، على الحلف 3.5 ٪ من إجمالي ناتجها المحلي!
الأدهى أن الولايات المتحدة تعمل على توسيع الحلف من دون أي حدود. المرشحون للانضمام إلى هذا التحالف العسكري والسياسي العدواني في المستقبل القريب هم، البوسنة والهرسك وأوكرانيا وجورجيا.
للحلف نشاطات توسع بمستوى آخر، مثل خطط الشراكة الفردية التي تنفذ مع أذربيجان وأرمينيا وكازاخستان ومولدوفا وصربيا، علاوة على ما يسمى ببرنامج الشراكة من أجل السلام مع النمسا وأذربيجان وأرمينيا والبوسنة والهرسك وجورجيا وايرلندا وأوزبكستان وسويسرا وعدة دول أخرى!
ما يؤكد طبيعة حلف الناتو العدوانية التي تغلف دائما بدعاية قوية براقة أن الاتحاد السوفيتي الذي تلصق به كل الشرور، كان تقدم في مايو عام 1954 بطلب للانضمام إلى الحلف، في خطوة كان الهدف منها أن يتوقف هذا الحلف عن كونه رابطة عسكرية مغلقة لمجموعة محددة من الدول.
الغرب رفض هذا المقترح قائلا إن عضوية الاتحاد السوفيتي في الحلف لا تتوافق مع القيم الديمقراطية والأهداف الدفاعية لحلف الناتو.
كل المؤشرات بما في ذلك تفريغ دول حلف الناتو لمخازنها العسكرية ونقل محتوياتها إلى أوكرانيا في محاولة للإضرار بروسيا، تدل على أن حلف الأطلسي لا يسعى للسلام بل يستعد للحرب وعلى أكثر من جبهة.
العالم بالنسبة للولايات المتحدة رقعة شطرنج، وحلف الناتو قطعها في لعبة الهيمنة. الحرب من الناحية العملية لم تتوقف. هي تجري على قدم وساق بصور متنوعة، بعضها بسرية تحت الأرض، وبعضها فوق الأرض في هذه الدولة أو تلك، ترافقها دعاية قوية صباح مساء، تقسم العالم قسمين فقط، أبيض أو أسود!