كتبت الأستاذة هبة دهيني,,
لا غروَ في أنّ تاريخ المقاومة الممتدّ على مدى تاريخ الصّراع مع العدوّ الإسرائيليّ والموادّ الأميركيّة المُستعمِرة في المنطقة، لم يُغلق عينَ ذاكرته أبدًا عن يومٍ عالميٍّ للقدس، يجدّد فيه محور المقاومةِ انتصارَهُ على أوجهِ الإمبرياليّةِ المتصاعدة بشكلٍ واهٍ في البلاد، بامتدادِ الكفاح بعيدًا عن أكذوبة الجغرافيا، ففي معجم المقاومة، كلّ الجهاتِ فلسطين. طوفان الأحرار، إنّما يعني تحدّيَ المستضعفينَ لِصَلَف الصّهيونيّة، وانتزاع حرّيّتهم من بين براثن المحتلّ، وخلعَ أقنعة الزّيفِ ومحاولاتِ إخفاء حمام الدّمّ الممتدّ على كلّ شبرٍ عانقتهُ البرجوازيّةُ الأميركيّةُ منذُ تقسيم بلاد الشّام وحتّى اللحظة الّتي يُرجع فيها البيت الأبيض، ويدًا بيدٍ مع تلّ أبيب، خطّة إعمار الشّرق الأوسط الجديد على دماء من استُشهدوا، وأجسادِ من بَقَوا. من هنا، فقد بزغت شمس يوم القدس من قلبِ طهرانَ يومَ قارَعت بوجهها الإسلاميّ الأصيل خبال أقنعةِ إسرائيل، وعاضدت فلسطين فأبدعت بصياغة يوم القدس في قلبِ الجمعة الأخيرة من شهر رمضان المبارك الممثّل لقداسة الزّمان، لأجل القدس بما تحمله من قداسةٍ للمكان، ومن قلبِ مقاومةٍ بوركَت بأيادي قادتها، فأَحيَت بذلك طوفانًا جارفًا يمتدّ من أقصىى بقاع الأرض إلى أدناها، وما خُلاصةُ عبقِ المباركة هذه سوى حرّيّةً جليّةً لمستضعفي الأرض، ليكون النّتاج.. طوفان الأحرار! وبذلك، يكونُ يومُ القدسِ مؤسّسًا لتحرير فلسطين وسائر بلاد المستضعفين في العالم، وشعلةً للجهاد وانعكاسًا لوجه وحدة الجبهات الممتدّةِ من غزّةَ حتّى جنوب لبنان، إلى بغدادَ وصنعاءَ ودمشقَ وصولًا لطهران، تأكيدًا على هشاشةِ بيت العنكبوتِ الإسرائيليّ الّذي تتغنّى به واشنطن، بعدما طُعنت بسيفِ القدس، وصُفعت بوحدة السّاحات، وإنّما الصّفعةُ كمصصطلحٍ يعني الرّدّ المباشر، بدون جداريّاتٍ تفصلُ بينَ المُستعمر والثّائر، فينسلخُ الأخيرُ من ثوبِ الإحلال الصّهيو-أميركيّ ويجمع أشلاءه ليقاتل. تأتينا الذّكرى اليوم وقد أبصرنا مقاومًا فلسطينيًّا تلقّى تدريبه العسكريَّ في سورية واستُشهد في جنوب لبنان، ثمّ رأينا المستضعف اليمنيّ الّذي زعموا تدمير قوّاته وتشويه وجه عروبته بعمليّات تجميلهمُ الزّائفة، فصارَت إيلات بوصلةَ صواريخ اليمنيّ الحافي، أمّا عن السّفن الإسرائيليّة فاصطيادها حتميٌّ لا محالة، إذ لا تُضيع صنّارةُ اليمنيِّ وُجهتَها، وصولًا إلى بغداد، بلونها البنّيّ الّذي ما لُطّخَت مقاومته بمحاولاتٍ أميركيّةٍ دميمة. ولأنّ من باع دمشقَ يبيعُ القدسَ وبغداد ومن ساواهُما، فمن عَطَّرَ بياسمين الشّام محور المقاومةِ فلن يتوانَ يومًا عن التّمسّك بطريقٍ واحدٍ لا تراجُع عنهُ أو هوان، طريقُ ذاتِ الشّوكة.