لماذا أتت عملية التموضع العسكري
مقالات
لماذا أتت عملية التموضع العسكري"الإسرائيلي" في القطاع..؟؟
راسم عبيدات
7 نيسان 2024 , 20:09 م


بقلم :- راسم عبيدات

يبدو بأن المأزق الكبير والأزمات المتعددة عسكرية وسياسية واقتصادية واجتماعية التي تمر بها حكومة الإحتلال ونتنياهو شخصياً مضافاً لها،عدم تحقيق أية انجازات او انتصارات عسكرية وميدانية،وحتى صورة نصر، بعد دخول هذه الحرب لشهرها السابع،،في ظل حالة صمود اسطوري للمقاومة الفلسطينية وبيئتها الشعبية الحاضنة،هذه الحرب التي لم تحقق سوى المزيد من القتل في صفوف المدنيين،وبالذات الأطفال والنساء،فحسب ما قالته منظمة "اليونسيف" العالمية،بأنه إستشهد أكثر من 13 الف طفل فلسطيني و9560 إمرأة،نتيجة القصف والإستهداف" الإسرائيلي"،ناهيك عن حرب التجويع والتدمير الممنهج لكل البنى والهياكل والمؤسسات المدنية من قطاع صحي ودور عبادة (مساجد وكنائس) ومؤسسات تعليمية جامعات ومدارس ..ومراكز ايواء وحتى مقرات لمؤسسات يفترض ان تكون محصنة قانونياً ودولياً،مثل وكالة الغوث واللاجئين " الأونروا" ،منظمة الصحة العالمية،برنامج الغذاء العالمي ،و"اليونسيف" وأطباء بلا حدود وغيرها من المؤسسات الدولية،وبنى تحتية من خطوط المياه والكهرباء والصرف الصحي والطرق والشوارع...

هي من العوامل التي دفعت بحكومة الإحتلال لإعادة تموضع جيشها في قطاع غزة،عبر انسحاب شبه شامل بإخراج الفرقة 98 بألويتها الثلاث والإبقاء على لواء الناحال،لكي يسيطر على ممر صلاح الدين وشارع الرشيد،اللذان يفصلان شمال القطاع عن جنوبه،لمنع عودة النازحين الى الشمال ...نتنياهو وضعه الداخلي بحاجة لمن ينقذه وينقذ حكومته، اهالي الأسرى يوسعون من دائرة احتجاجاتهم،ويسقط عدد من المصابين في هذه الإحتجاجات والمعتقلين،واهالي المعتقلين يهددون بحرق البلاد ،ويطالبون بإجراء انتخابات سياسية مبكرة واسقاط حكومة نتنياهو ...والمعارضة "الإسرائيلية" وحتى اعضاء مجلس الحرب المصغر ،غانتس وايزنكوت يطالبون بإجراء انتخابات تبكيرية سادسة،ويصفون نتنياهو وخطته العسكرية من أجل اجتياح رفح بالكذب وبغير الواقعية،وبأنه يطيل أمد الحرب لخدمة مصالحه الشخصية،والتشديد على استحالة القضاء على المقاومة الفلسطينية...وامريكا باتت غير واثقة بنتنياهو،وهي تدرك بأن صبيانيته السياسية وتهوره، قد تغرق بايدن معه ويخسر الإنتخابات الرئاسية الأمريكية،حيث التهم توجه لأمريكا وله بالشراكة والتماهي مع الموقف الإسرائيلي في العدوان على قطاع غزة ..ولذلك أوعزت لمندوبها في مجلس الحرب الإسرائيلي المصغر غانتس،بتصعيد لهجته ضد نتنياهو وحكومته،بعد الزيارة التي قام بها لأمريكا بدعوة من الإدارة الأمريكية من خلف ظهر نتنياهو،وكذلك ها هي تدعو زعيم المعارضة لبيد لعقد لقاءات مع إدارتها،مع وزير الخارجية ومستشار الأمن القومي وزعيم الأغلبية للديمقراطيين في مجلس النواب ومسؤول العلاقات الخارجية في الكونغرس وغيرهم من اعضاء جمهوريين وديمقراطيين...

اعادة التموضع قد يكون لها أيضاً علاقة بجولة المفاوضات التي ستجرى في القاهرة والتي سيحضرها مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية وليم بيرنز،بالإضافة لرئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري الشيخ محمد عبد الرحمن ومسؤول المخابرات الأمريكية اللواء عباس كامل،ورؤوساء الموساد والشاباك،برنياع وغونين ورئيس لجنة الأسرى والمفقودين نيتسان الون ... وحماس والمقاومة ارسلت وفد عنها للقاهرة،مؤكدة على مواقفها بوقف دائم لاطلاق النار وانسحاب شامل وعودة النازحين الى الشمال كنقطة تتقدم على بقية المطالب،بما فيها صفقة تبادل الأسرى،ولعل اعادة التموضع الإسرائيلي،تأتي لكي لا يتحمل نتنياهو فشل تلك المفاوضات،ويضعه في مواجهة شرسة مع أهالي الأسرى وامريكا،وبالتالي توجيه الضغط على حركة حماس من قبل مصر وقطر ...وهي تاتي كذلك في إطار حالة الغضب التي اجتاحت العالم بعد قتل الجيش الإسرائيلي لسبعة من عمال الإغاثة في " المطبخ المركزي العالمي" ،تلك الحادثة التي عرت " اسرائيل" ،كما وصفها العديد من قادة العالم بأنها ترتكب اعمال ابادة جماعية وتستخدم التجويع في الحرب والتطهير العرقي ...وهذا فاقم من عزلتها سياسياً واقتصادياً على الصعيد الدولي،بل ووصل الأمر الى حد فرض عدم تصدير السلاح الى "اسرائيل" ،كلمة المندوب الروسي في مجلس الأمن وكذلك قرار مجلس حقوق الإنسان،واتخاذ البرلمان الكندي لقرار بمنع تصدير السلاح ل" اسرائيل" وأيضاً ايطاليا والدعاوي المرفوعة على الحكومتين البريطانية والألمانية من مؤسسات حقوقية ومحامين لمنع تزويدها اسرائيل بالسلاح لخرقها القانون الدولي ..

وقد تكون اعادة عملية التموضع تلك مرتبطة بخدعة عسكرية، لكي يجري إنكشاف وظهور قادة المقاومة الفلسطينية،وعودة الإنقضاض مجدداً على مدينة خانيونس ،كما جرى في مستشفى الشفاء،الذي جرى اقتحامه مرتين،وخلفت عمليات الإقتحام مئات الجثث المتفحمة والمتتحللة،وجثث دفنت وايديها مقيدة للخلف،ودمار غير مسبوق في المجمع الطبي،وعمليات تخريب وهدم طالت الكثير من اقسام المجمع وأجهزته الطبية.

"اسرائيل" تبرر عملية اعادة التموضع بأنها أتت بعد استكمال الجيش لمهامة في خانيونس،ومن أجل التهيئة والإستعداد للمعركة البرية على رفح ،ولو كان الطرح صحيحاً ،لما شاهدنا الكمين المزدوج الذي وقعت به قوات الإحتلال في منطقة "الزنة" في شرق خانيونس وفي منطقة شارع الأمل غرب خانيونس،واللذان أوقعا عشرات جنود الإحتلال قتلى وجرحى حسب ما قالته حركة حماس.

وهناك سبب جوهري أخر، ربما دفع للقيام بهذه العملية،وهو يرتبط بالتهديدات من ايران ومحورها بتوجيه رد قاس ل" اسرائيل"،على استهداف قنصليتها في دمشق وما نتج عن ذلك من قتل لعدد من قادة الحرس الثوري الإيراني...هذا الرد الذي بات محسوماً،على لسان قادة ايران من المرشد الأعلى الأمام على خامينائي الى الرئيس الأعلى للحرس الثوري الإيراني ورئيس هيئة الأركان وقائد فيلق القدس ،وكذلك ما قاله السيد نصر الله في ذكرى يوم القدس العالمي، وقت الرد ومكانه وحجمه بيد المرشد الأعلى،والرد أت لا محالة،هذا الرد أيضاً أكدت عليه الإدارة الأمريكية،والتي طلبت منها ايران أن تنأى بنفسها عن نتنياهو حتى لا يطالها الرد،فهي شريكة في عملية استهداف القنصلية الإيرانية،وإن حاولت تبرئة نفسها.

الجبهة الداخلية الإٍسرائيلية والجيش والحكومة في حالة من الإستنفار والإرباك،حيث طلب فتح الملاجىء في غوش دان وتل ابيب وفي المدن الكبرى،وتم تشغيل جهاز تشويش تحديد الأماكن "GBS"،وتم نقل بطاريات الصواريخ للدفاع والإعتراض الجوي الى المنطقتين الشرقية والشمالية،المتوقع قدوم الصواريخ منها،والتهافت على تخزين المواد الغذائية،حيث نفذت رفوف المحلات منها،وايضا التهافت على شراء المولدات الكهربائية،وقد نفذت نقاط البيع منها،والتسابق على سحب النقود من ماكنات الصرف الآلي،والتي نفذت منها النقود،مما اضطر الناطق بلسان الجيش "الإسرائيلي" لمخاطبة الجمهور بعدم الدخول في حالة هستيريا، وتقنين عمليات تخزين المواد الغذائية وعدم الإسراف في سحب النقود من الصرافات الآلية.

لا شك بأن كميني "الزنة" وشارع الأمل شرق وغرب خانيونس،وما نتج عنهما من خسائر عسكرية كبيرة في صفوف جيش الإحتلال ومعداته،تثبت بأنه بعد دخول الحرب العدوانية شهرها السابع،بأن المقاومة الفلسطينية تمتلك من القدرات والإمكانيات العسكرية الشيء الكثير،وكذلك من المفاجأت التي لا يتوقعها جيش الإحتلال،كميني "الزنة" وشارع الأمل النوعيين بعثرا الأوراق العسكرية والأمنية "الإسرائيلية".

فلسطين – القدس المحتلة

7/4/2024

[email protected]

المصدر: موقع إضاءات الإخباري