كتب الأستاذ هلال عون:
هذه العبارة قالها أحد قتلة الشهيد «رفيق رزق سلوم» ، الذي أعدمه العثمانيون في مثل هذا اليوم ( السادس من أيار عام 1916 ) ، وكان عمره 25 عاما .
فمن هو رفيق رزق سلوم ؟
هو شاب ومفكر وحقوقي وأديب وشاعر ، من مواليد
مدينة حمص عام 1891 .
شنقه الأتراك بوشاية من عميل من عملاء الداخل بتهمة العمل على تحرير العالم العربي من الاحتلال العثماني .
كان رفيق رزق سلوم فرحاً بتقديم دمه شرط أن يصبح جسراً للعبور نحو الاستقلال والتحرر من الاحتلال العثماني الغاشم.
ألقي القبض عليه في دمشق في 27 أيلول عام 1915 وسيق إلى مدينة «عاليه» في لبنان ليُعدم مع كوكبة من أحرار العرب صباح 6 أيار في بيروت على يد جمال باشا السفاح .
لحظة تنفيذ الإعدام
واجه الإعدام شنقا برجولة وإباء .
وعن تلك اللحظة قال « فالح رفقي آتاي» مدير مكتب جمال السفاح في كتابه «جبل الزيتون» : «كان مثالياً حقيقياً، وقد قابل الموت بوجهٍ ضاحكٍ بسَّام .. كان آخر من سِيْقُوا إلى المشنقة».
«ستة رجال كانوا قد سبقوه إلى المشانق وتدَلُّوا جثثاً هامدة، وعندما وصل إلى رأس الميدان ورأى المشنقة فارغةً قال مبتسماً : يظهر أن مكاني هناك».
أما الجنرال علي فؤاد أردن (رئيس أركان الجيش الرابع التركي) الذي حضر تنفيذ أحكام الإعدام فقال : «سار إلى المشنقة بخطوات ثابتة سريعة، فما إن تلقاه المأمور الذي تولّى شنقه حتى رمى طربوشه إلى الأرض، فصاح به غاضباً ردّوا الطربوش، لا يحق لكم أن ترموه إلى الأرض، فأذعنوا لطلبه ووضعوه على رأسه.. ولم يلحظ آنئذ أن الطربوش تلطّخ بالتراب، ثم صاح بهم نظفوا طربوشي من الغبار.. كنت أمعن النظر في هذا الشاب الذي أبدى من الشجاعة ورباطة الجأش ما يُحيّر العقول».
آخر رسائله لأهله
قبل شهر من إعدامه وصف العذابات الشديدة التي تعرض لها على يد سجانيه الأتراك في سجن عاليه ..
ورد ذلك في الرسالة التي كتبها إلى أهله قبل استشهاده بشهر أي في 5 نيسان 1916.
وفي هذه الرسالة شرح الشهيد سلوم لأهله كيف أُلقي القبض عليه، وما قاساه في سجن عاليه، ولحظات انتظاره للإعدام.
وفيها أيضاً طلب من أهله ألا يحزنوا لموته، لأنه يكره الحزن والحزانى ، حيث قال : «ثقوا بأن روحي ترفرف دائماً فوقكم فأرى كل حركة من حركاتكم ولا ترونني .. فإذا حزنتم أهرب من عندكم، وإياكم أن تغيروا ثيابكم أو عادةً من عاداتكم».
ومن شعره الذي يبعث الهمة في نفوس العرب:
ولا تقنطوا يا عُرب من فضل ربكم ..
فللــــــدهر حـــــالاتٌ تمـــر وتــعبرُ
وقال في قصيدته الوداعية الأخيرة:
لا العُرب أهلي ولا سورية داري ..
إن لـــم تـهبُّوا لأخـذ الحق والثارِ
قُتِلْتُ ظلــماً وعــدواناً وتضحــيةً ..
عنكم بأيدي وحوشٍ كلها ضاري
ومن أشعاره :
[ قبَّلت حد السيف قبلة عاشقٍ ..
وهتفت يا سلمى افرحي وتهللي
إن كان في موتي حياة ترتجى ..
للعرب أقبل يا حِمامُ وعجِّلِ ]
كان شديد الاعتزاز بانتمائه لعروبته ، وظهر ذلك في الكثير من قصائده.
يقول في إحداها:
الفخر بالجِد لا بالجَدّ والحسبِ ..
والفضل للعلم ، ليس الفضل للنسبِ
تُرى يعيد لنا التاريخ رونقنا ..
وننقذ المجد من خطبٍ ومن نُوَبِ
عن وزارة الثقافة السورية صدرت فيما بعد الأعمال الكاملة لرفيق رزق سلوم وضمت كتبه ومقالاته.
وقد حقق الكتاب الأستاذ الدكتور عبد الإله أحمد نبهان وأفرد مقدمة عن حياة رفيق سلوم القصيرة.. ويقع الكتاب في 936 صفحة من القطع الكبير.
دُفِن الشهيد رفيق رزق سلّوم في المقبرة الأرثوذكسية بدمشق .
• يعيد التاريخ ، اليوم ، نفسه ، فيعلن عملاء الداخل ، في سورية وفي كل الوطن العربي ، جهرا عمالتَهم .. ويعملون حميرا وبغالا يركبهم العدو الاخونجي العثماني . يعملون أيضا ذئابا وضباعا تنهش اللحم الآدمي ، وتَلِغُ في دماء الاطفال والنساء على مساحة وطنهم .. ويستخدمهم سهاما ورماحا مسمومة في صدور وقلوب وأرواح مَنْ تربوا معهم وجلسوا وإياهم تلاميذ على مقاعد الدراسة ، واقتسموا معهم رغيف الخبز .
لكن تقديم عشرات الاف المناضلين العرب ارواحهم دفاعا عن حرية اوطانهم في سورية والعراق واليمن وفلسطين وليبيا .. يؤكد أن هذه الامة عصية على الاستلاب والتدجين والتفتيت ..