إسقاط اتفاق 17أيار كان مقدمة لإسقاط مشروع الشرق الأوسط الجديد
مقالات
إسقاط اتفاق 17أيار كان مقدمة لإسقاط مشروع الشرق الأوسط الجديد
عدنان علامة
17 أيار 2024 , 22:03 م


*عدنان علامه / عضو الرابطة الدولية للخبراء والمحللين السياسيين*

*إنطلقت شرارة تصعيد التحرك الشعبي ضد اتفاق 17 أيار بعد إستشهاد الشهيد محمد نجدي أثر تطويق قوات الجيش اللبناني مسجد الأمام الرضا عليه السلام في بئر العبد والمواجهات مع الجيش اللبناني بالقبضات المرفوعة وصيحات الله أكبر. وجري تشكيل جبهة واسعة من الأحزاب الوطنية ضد جبهة التطبيع المتمثلة برئيس الجمهورية والأحزاب اليمينية وتحديدًا الكتائب والأحرار.*

*ونتيجة لرفض القوى الوطنية تحويل لبنان إلي محمية إسرائيلية قامت القوى الظلامية وبناءً علي توجيهات صهيو-أمريكية لإفتعال فتنة داخلية وهذا أهمها:-*

*كان لتوقيع الاتفاقية تداعيات على مستوى الداخل اللبناني أبرزها نشوب الاقتتال الداخلي وانقسام المشهد السياسي بين الحكومة والرئيس أمين الجميل المتمسكين بالاتفاق من جهة وجبهة الإنقاذ الوطني ومن ورائها سوريا الرافضين له من جهة ثانية. فمنذ ذلك التاريخ، بدأت المتاعب الفعلية في لبنان. ففي 19 أيار/مايو اندلعت حرب الجبل التي انتهت في 19 أيلول/سبتمبر 1983 بسيطرة الحزب التقدمي الاشتراكي على كل القرى الجبلية، تلتها انتفاضة 6 شباط/فبراير 1984 في بيروت وسيطرة القوى الرافضة لاتفاق 17 أيار على القسم الغربي من العاصمة.*

*وفي الفترة التي شهدت تصاعدًا لوتيرة استهداف القوات الأسرائيلية والأجنبية داخل لبنان، خاصة بعد حادث مقتل عدد كبير من قوات المارينز والمظليين الفرنسيين، اتجه الرئيس أمين الجميل إلى إعلان إلغاء اتفاق 17 أيار مع إسرائيل، وتحت ضغط الرفض الشعبي قامت الحكومة اللبنانية ومجلس النواب اللبناني باعتبار هذا الاتفاق باطلًا وقاموا بإلغائه بعد أقل من عام على اعتماده وبالتحديد في 5 مارس 1984.*

*وإليكم مواد الإتفاق وما خفي منه كان أعظم:-*

*1- إلغاء حالة الحرب بين لبنان وإسرائيل.*

*2- الإنسحاب الإسرائيلي الكامل من لبنان في فترة 12-8 أسبوع.*

*3- إنشاء منطقة أمنية داخل الأراضي اللبنانية تتعهد الحكومة اللبنانية بأن تنفذ ضمنها الترتيبات الأمنية المتفق عليها في ملحق خاص بالاتفاق.*

*4- تكوين لجنة أمريكية - إسرائيلية - لبنانية تقوم بالإشراف على تنفيذ بنود الإتفاقية وتنبثق من تلك اللجنة لجنة الترتيبات الأمنية ولجان فرعية لتنظيم العلاقات بين البلدين.*

*5- تكوين مكاتب الإتصال بين البلدين والتفاوض لعقد اتفاقيات تجارية.*

*6- امتناع أي من إسرائيل ولبنان عن أي شكل من أشكال الدعاية المعادية للبلد الأخرى.*

*7- إلغاء جميع المعاهدات والبنود والأنظمة التي تمنع تنفيذ أي بند من بنود الإتفاقية.*

*وأَمام مشاريع العدو الصهيوني بإلحاق لبنان بالكيان الغاصب؛ تصاعدت عمليات المقاومة ضد العدو الصهيوني الذي أجبر على الإنسحاب من العاصمة بيروت؛ وأنشأ العدو الحزام الأمني، واطلقت عليه فصائل المقاومة "الشريط الَمحتل".*

*وارتفعت وثيرة العمليات وتم إستغلالها إعلاميًا الأمر الذي أجبر أيهود باراك على الإنسحاب المذل في 25 أيار 2000 ولم تبلغ إسرائيل عملاءها بالإنسحاب مما خلق وضعًا مربكا لهم.*

*لم تنسَ الدولة العميقة في أمريكا وإسرائيل إفشال مشروعهما في لبنان منذ إتفاق 17 أيار وحتى الإنسحاب المذل في 25 أيار من العام 2000.*

*لذا أوعزت الدولة العميقة في أمريكا للرئيس كلينتون والرئيس مبارك والدول التي تنفذ الإيحاءات الأمريكية بعقد مؤتمر شرم الشيخ بتاريخ 14 آذار/ مارس 1996 للهجوم على المقاومة في لبنان وكانوا ينتظرون الذريعة؛ ومن أهداف المؤتمر المعلنة:-*

*1- إنقاذ عملية السلام.*

*2- مكافحة الإرهاب (دون تحديد مفهوم أممي ودولي للإرهاب).*

*3- توفير الأمن في المنطقة.*

*وكان كلينتون أكثر وضوحًا ووقاحة فقال :"سننهي على عناصر الحقد.".*

*وكشفت كونداليزا المستور والهدف في من العدوان الذي نفذته إسرائيل لصالح المشروع الأمريكي. فوصفت وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس حرب تموز 2006 في لبنان بأنها «آلام مخاض لولادة شرق أوسط جديد»، فيما قدمت الولايات المتحدة «مشروع الشرق الأوسط الكبير»بتاريخ (13 شباط/فبراير 2004) بعد عشرة أشهر من سقوط بغداد بأيديها، وكان من الواضح آنذاك أن هذا المشروع هو جدول الأعمال، سياسياً وثقافياً واقتصادياً وأمنياً، لما قالت واشنطن بأنه «إعادة صياغة المنطقة» بوصفه الهدف من غزو العراق على حد تصريح وزير الخارجية الأميركي كولن باول قبيل أسبوعين من بدء ذلك الغزو.*

*ويوحي تصريح رايس بأن هناك إعادة اعتبار للدور الاسرائيلي في المنطقة (يذكّر بما كانت عليه الأمور بين صيفي 1967 و1982) وإلى مراجعة دور «الوكيل».*

*وقد أفشلت المقاومة مشروع الشرق الأوسط الجديد ودفنته حين انتصرت المقاومة على المؤامرة الدولية والأممية وانتصرت المقاومة نصرًا ألهيًا بفضل الله سبحانه وتعالى، وسيحتفل لبنان المقاوم بذكرى هذا الإنتصار الإلهي بعد إسبوع بإذن الله.*

*والدولة العميقة لم تيأس من حياكة المؤامرات فعاودت طرح مشروع الشرق الأوسط الجديد وتبناه نتنياهو؛ واختار إنعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 23 أيلول/ سبتمبر 2023 لطرح المشروع هناك، ليكون بمثابة علم وخبر وحجة للمستقبل بانه لم يتم التعليق على طرحه من أي دولة على الإطلاق.*

*وخطورة المشروع تكمن في امرين:-*

*1- الخريطة التي رفعها نتنياهو لا يوجد أي ذكر لفلسطين او غزة أو الضفة الغربية.*

*2- نشر نتنياهو بُعيد إلقاء خطابه في الأمم المتحدة تغريدة على حسابه على موقع إكس وكتب: "إن أعظم إنجاز في حياتي هو أن أقاتل من أجلكم (الدول المُطَبِّعة) ومن أجل بلدنا."*

*واستبطنت تغريدة نتنياهو الحرب وأعتبرها "أعظم إنجاز في حياته". وهذا يؤكد بأن 8 ٨المشروع مكتمل الأهداف والمراحل ويستبطن القضاء على الفلسطينيين لإنشاء الوطن القومي اليهودي الموعود؛ الذي يقتصر على العرق اليهودي فقط.*

*حللت القيادات الفلسطينية مضمون الخطاب والخريطة التي عرضها نتنياهو، ومضمون تغريدته. فقررت توجيه ضربة تأديبية للكيان تعيد نتنياهو إلى رشده؛ وبدل من ذلك أكد على المؤامرة وأعلنها حربًا توراتية واستدعى النصوص التوراتية لإبادة العماليق كما أمرت النصوص التوراتية. ونفذ ولا يزال حرب الإبادة الجماعية والتطهير العرقي في غزة ورفح.*

*وقال صموئيل لشاول: إياي أرسل الرب لمسحك ملكا على شعبه إسرائيل. والآن فاسمع صوت كلام الرب:-*

*هكذا يقول رب الجنود : إني قد افتقدت ما عمل عماليق بإسرائيل حين وقف له في الطريق عند صعوده من مصر*

*فالآن اذهب واضرب عماليق، وحرموا كل ما له ولا تعف عنهم بل اقتل رجلا وامرأة، طفلا ورضيعا، بقرا وغنما، جملا وحمارا.*

*َوكشفت أمس الدولة العميقة في امريكا عن حقيقة نواياها العدوانية بإستكمال عمليات الإبادة الجماعية والتطهير العرقي في غزة ورفح؛ وذلك بإعطاء الاوامر لمجلس النواب بالأفراج عن شحنة القنابل ذان التدمير العالي التي جمدها بايدن سابقًا؛ ومنع أي عرقلة للإمداد بالسلاح والعتاد الذي يحتاجه أمن إسرائيل.*

*وقد أثبتت الدولة العميقة في أمريكا بأن الأسرى الإسرائيليين هو آخر هما ولا يعنون لها مطلقًا؛ فهي سابقًا أمرت نتنياهو بقتل المحتفلين في مهرجان سوبر نوفا الموسيقي ولم يرف لها جفن.*

*فقتل نتنياهو 364 من المحتفلين اليهود وأدعى بأن حماس قتلتهم؛ ليعترف بعد شهر بأنهم قتلوا بنيران صديقة وفق رواية ضعيفة جدًا ومشكوك بصحتها ومصداقيتها*

*فالتصعيد الذي تشهده وستشهده الجبهات غي غزة َرفح والجليل يثبت بأن العدوان سيستمر؛ وعمليات الإبادة سترتفع وتيرتها لتتحول إلى حرب وجود. فأما نحن وإما نحن ولا حل بديل عن ذلك.*

*النصر حتمي لدماء الشهداء*

*وإن غدًا لناظره قريب*

*17 أيار/مايو 2024*

المصدر: موقع إضاءات الإخباري