بقلم: محمد سعد عبد اللطيف،مصر ،،
لم نسمع ونحن أطفال في قريتنا يوماً شخصاً يصرخ،ويقول نحن الفلاحين لاندخل الجنة، إن ثقافتنا واخلاقنا وقيمنا تتعرض للخطر من هذه التغييرات في المجتمع الريفي ، لأنها قيم راسخة وعميقة ومتجذرة وشعب تربى على ثقافة وعادات وتقاليد وعرف ،لا يحتاج لقانون ،،
ماذا حدث لفلاحي اليوم مع نهاية كل موسم حصاد وبداية تجهيز الأرض لمحصول جديد ..؟
نحن نعيش زمن ملتبس، في طريقي اليوم الي زيارة أخي الكبير كعادتي كل يوم جمعه ، استوقفني صديق
في حديث وكان جاراً لي منذ سنوات الطفولة ،سألني هل الفلاح يدخل الجنة وهو يصرخ في وجهي ..؟ فقال :-الفلاح منذ سنوات يتعرض للسرقة
إذا زرع علي حدود الأرض (المساقي والمصافي) وشطوط الترع بعض الخضروات يحدث جريمة النهب والسرقة و سرقة ماكينات الري ،ويقطع الأشجار والطرق ويتعدي علي حقوق جاره التي جاءت في وصايا الرسول/ والصحابه /عمر وابي بكر
لاتقطعوا شجرة واعطوا الطريق حقه،وقال ادعوك لحل مشكلتي مع اولاد عمومتي،حيث يوجد خلاف علي حدود الأرض ،لم ينتهي من حديثة حيث انضما الينا صديق آخر وفي أثناء الحديث رن هاتف صديقي الذي انضم لحديثنا، طلب منه المتصل بالحضور فوراً لحضور حل مشكله فذهبنا الي الجلسة العرفية فوجدنا نفس الخلاف علي حدود الأرض،ومعدية بين الأرضين،، خلافات تافه انتشرت بصورة كبيرة ووصلت الي المحاكم بقضايا ضرب وقتل ،،رغم وصية الرسول عن الجار وحق الجار / والآذان الذي يرفع خمسة مرات في اليوم (حي علي الفلاح ) حي علي الخير والعمل والكفاح ،، ويقول الرسول : من كان يؤمن بالله
واليوم الآخر فلا يؤذي جاره ، وفي روايةٍ أخرى: فليحسن إلى جاره، وفي الرواية الثالثة: فليكرم جاره، فالواجب إكرام الجار، والإحسان إليه، وكف الأذى عنه. .، وللآسف في كل الخلافات يغيب عن القائمين في لجان العرف وصايا الرسول وما جاء في القرأن الكريم "-من وصية الله في حق الجار. ؟ فعتقد الكثير أن حق الجار جارك في المنزل فقط،وهي اوسع في المفهوم ،جارك في القرية من قريتي حيث نقول القري المجاورة ،ونقول من محافظتي ،ثم تتسع الي الدوله والدول المجاورة ..!
قال الله تعالى عن الجار..؟
(الجار ذي القربي) أي: الجار القريب الذي له حقان حق الجوار وحق القرابة، فله على جاره حق وإحسان راجع إلى العرف. كذلك الجار (الجُنب)
أي: الذي ليس له قرابة. وكلما كان الجار أقرب بابًا كان له حقاً
ينبغي للجار أن يتعاهد جاره بالهدية والصدقة والدعوة واللطافة بالأقوال والأفعال وعدم أذيته بقول أو فعل.،،لذلك اوصانا الله تعالى بحب الجار ،،، وفي سياق الموضوع ،تعلمنا
أجمل ما قيل في حق الجار؟
الجار قبل الدار، والرفيق قبل الطريق.أكرم الجار ،وراع حقه،إن عرفان الفتي الحق كرم،من كان جار السوء يوماً جاره عدت فضائله من الأوزار. من كان له جار ممتاز، فإنه يملك كنزاً ثميناً.،،لذلك نحتاج الي المعرفة أن كلمة فلاح تعني النجاح والسعادة والصحة والخير ،فالفلاح عمود الاقتصاد ،ولكن عبر التاريخ كان الفلاح في المرتبة الاخيرة في المجتمع وليس له حق هو وابناءة في تولي بعض المناصب السيادية .. . وتشير كلمة الفلاح في السياق الإسلامي وبناء على ما جاء في القرآن الكريم عن الأعمال الصالحة التي تتفق مع أوامر الله .انة زمن ملتبس"
هذا اذا تبقى من قيمنا غير حفنة قيم تقاوم في محيط الابتذال وشرائح شريفة تقاوم كل لحظة السقوط في الهاوية.
في عصور غابرة يعيش هؤلاء..؟ هناك دائماً،اتذكر الكاتب والفياسوف / ميلان كونديرا / حمقى يقولون كل شيء لان الحمقى يعرفون كل شيء.
لا يظن أحد أن هذا نموذج فريد بل هو ظاهرة منتشرة،في مجتمع اصبح مستهلك ، وفوضي عارمة تهدد" قيمنا" علي حافة الأرض دون أن يتعرض كما تتطلب تقاليد النقد والاخلاق الثقافية لهذا المجتمع وتحليله وتفكيكه نحتاج فعلاً (لصرخة في البرية ) نعيد للقرية قيمها الآخلاقية ونحاري المصطلحات الغريبة المتداولة الآن ،،
ونعلن حالة الطوارئ في مجتمع يعيش فوضي في الشوارع من التكاتك والموتسكلات، أي قتل بلا دم، ونحذر من الظواهر الغريبة التي دخلت علي القرية بأسم الحداثة ونحن مازلنا نسقي الزرع بالطرق البدائية ، نحن نعيش في زمن ملتبس، والملتبس ليس الغامض، بل التافه، كن سعيداً في منتبذك في أقاصي الآرض"....!!
يوميات كاتب في الآرياف ،،
محمد سعد عبد اللطيف ،كاتب وباحث مصري في الجغرافيا السياسية ،،