تواصلت، أمس، العملية البرية "الإسرائيلية" في محافظة شمال قطاع غزة لليوم الثامن على التوالي. وفي الوقت الذي وسّعت فيه قوات الاحتلال حدود سيطرتها النارية، باستخدام طائرات الـ«كوادكابتر» وقذائف المدفعية والصواريخ التي تطلقها الطائرات المُسيّرة، لتستهدف كلّ مناطق مخيم جباليا ومنطقة جباليا البلد، تراجعت الدبابات "الإسرائيلية" من عمق المخيم، أي من البلوكات 2 و 4 و 5 ومناطق سوق المخيم المركزي، وتركّزت عملياتها في المناطق الشرقية وتحديداً أحياء السكة وتل الزعتر وشارع العجارمة، حيث يتوقّع جيش العدو أن يجد جثامين المزيد من جنوده في النقاط التي اغتال فيها قائد لواء الشمال في حركة «حماس»، أحمد الغندور (أبو أنس)، في حي تل الزعتر، وقادة آخرين في شارع الهوجا قبل أشهر
وفي مقابل ذلك، شهد اليومان الماضيان أعلى مستويات الضغط الميداني، وكان واضحاً أن المقاومين انتقلوا بالعمل المقاوم، من تكتيك «اضرب واختفِ» إلى أسلوب «اضرب واستمر» الأكثر نجاعة وتحقيقاً للخسائر البشرية، وهو ما تجلّى في عدد كبير من الكمائن القاتلة، التي نفّذتها كلٌّ من «كتائب القسام» و«سرايا القدس»، بشكل منفصل أو مشترك.
ويقوم الأسلوب الجديد على استمرار مراقبة مسرح الحدث بعد تنفيذ الضربة الأولى، للوقوف على سلوك العدو، ومتابعة وحدات النجدة، واستغلال ذلك لتوجيه ضربات جديدة. أيضاً، طوّرت الكتائب والسرايا، مستوى التنسيق في ما بينهما؛ إذ أعلنتا خلال اليومين الماضيين تنفيذ عدد من المهمات القتالية المشتركة، من بينها أربعة كمائن ميدانية تمّ فيها إيقاع عدد كبير من جنود العدو ما بين قتيل وجريح. كما واكبت المقاومة التصعيد الميداني بمواصلة إطلاق رشقات من الصواريخ من داخل مخيم جباليا، في اتجاه مستوطنات غلاف غزة وتحديداً سديروت وعسقلان.
وسُجّل أمس، تمكّن المقاومين من تنفيذ 13 مهمة، توزّعت ما بين تفجير دبابات وقنص وكمائن قتالية، فيما جرى، أول من أمس، تنفيذ 17 مهمة قتالية. وكان من أبرز تلك المهمات ما أعلنت «سرايا القدس» عن تنفيذه بالمشاركة مع «كتائب القسام»، حيث تمكّن الفصيلان من الإجهاز على قوة إسرائيلية خاصة تسلّلت إلى داخل أزقة مخيم جباليا بالقرب من مسجد الألباني، وكذلك ما أعلنت الكتائب عن تنفيذه بشكل مشترك مع السرايا، باستهداف دبابة «ميركافا» ثم الاشتباك مع قوة خاصة كانت تتواجد في محيطها خلف مسجد الشهيد عماد عقل، وإيقاع جميع أفرادها بين قتيل وجريح.
ووزّع «الإعلام العسكري التابع لكتائب القسام» مشاهد تظهر مقاتليها وهم يفجّرون دبابتين بقذائف «الياسين 105» في مخيم جباليا. وفي عملية أخرى، أكّدت «القسام» تفجير دبابة في شارع العجارمة شرقي المخيم، بالمشاركة مع السرايا التي قالت، من جهتها، إنها نفّذت، أمس، عمليات تفجير ثلاث دبابات، وإطلاق العشرات من القنابل المقذوفة على منزل كان يتحصّن فيه عدد من جنود العدو. أيضاً، أشارت السرايا إلى أن مقاتليها قتلوا ضابطاً إسرائيلياً في مخيم جباليا، فيما اعترف جيش العدو بمقتل ثلاثة جنود خلال معارك جباليا، ليرتفع عدد الجنود الذين اعترف العدو بمقتلهم منذ بداية العملية البرية في مخيم جباليا والزيتون إلى ثمانية.
وفي محور القتال في حي الزيتون، وزّع «الإعلام الحربي التابع لسرايا القدس» مشاهد أظهرت مراحل تنفيذ مقاتليها الكمين المحكم في خضم التوغّل في الحي، خلال الأسبوع الماضي، وأظهرت المشاهد عدداً من العبوات المستخدمة في الكمين، وقيام المقاومين بتشريك صاروخ «أف 16» غير منفجر. كما استعرض المقطع أجزاء من الدبابات المدمّرة، ومتعلّقات عدد من الجنود القتلى. وكان العدو قد اعترف بمقتل 4 من جنوده في حي الزيتون، فيما نشر «الإعلام الحربي» عدة مقاطع أظهرت تمكّن المقاومين من استهداف منزل تحصّن فيه عدد من الجنود في الحي ذاته، وإطلاق العشرات من قذائف الهاون.
أما في محور القتال في مدينة رفح جنوب القطاع، فلا تزال الكلمة العليا في مجهود المقاومة هي للكمائن القاتلة المدروسة، علماً أن العملية البرية في حدودها الحالية، لم تتجاوز المساحات المكشوفة والزراعية، ولم تدخل دبابات العدو سوى إلى شريط عمراني ضيق جداً شرق المدينة. وأعلنت «كتائب القسام»، خلال اليومين الماضيين، عن عدد من المهمات القتالية، من ضمنها الإجهاز على 15 جندياً بعد استهداف منزل في حي التنّور شرق رفح، تحصّن فيه عدد كبير من الجنود، بعبوة رعدية مضادة للأفراد. ووفقاً لبلاغ الكتائب، فقد اقتحم المقاومون المنزل واشتبكوا مع من تبقّى من الجنود من مسافة صفر. كذلك، جرى استدراج قوة راجلة إلى كمين في محيط مسجد التابعين شرق رفح، وقالت الكتائب إن المقاومين أكّدوا مقتل خمسة جنود "إسرائيليين" بعد تفجير عبوة مضادة للأفراد هناك.