يفرض علينا الوضع السياسي الفلسطيني الكارثي المشاركة و كلٍ من موقعه و إمكانياته الوقوف أمام ذلك الإنحطاط الشامل لمختلف جوانب حياتنا و وجودنا الوقوف و المبادرة لإستئصال ذلك السرطان الذي لا يمكننا التغاضي عن إنتشاره القاتل بالضرورة.
منذ نشأة م.ت.ف عام 1964 بقيادة أحمد الشقيري و إنتقال الزعامة لياسر عرفات بعد فترة قصيرة و حتى مماته و بعدها تحت زعامة محمود عباس نلاحظ أنها إنحرفت و بشكل متسارع عن كونها منظمة و تحولت إلى منظومة ذات مهمات مرحلية متبدلة و متغيرة و حتى متناقضة بحيث إنتقل هدف التحرير إلى التحريك و التشكيك و التفتيت و التبهيت و التبديد و التنديد وصولاً للتنسيق مع المحتل ضد الأخ و الرفيق و الصديق مع تغييب و حتى خنق كلمة فلسطين ليصبح الحدّ و السقف الأعلى و الهدف الأسمى هو "إسرائيل الكبرى" بأيادٍ فلسطينية تعمل كحارسٍ وحامٍ لها عبر شركة أمنية مستأجرة و مقرها هو مقاطعة رام الله ترفع شعار التنسيق الأمني المقدس !!!
أمّا لماذا و كيف حصل و نزل ذلك البلاء الوطني و القومي و الإنساني فهذا ما يجب علينا فهمه و الإجابة عليه.
لقد كان الغليان الثوري الفلسطيني جزأً أساسياً من الغليان الشعبي العربي و لكنه أشدّ و أقوى بحكم المعاناة المباشرة و إرتفاع المستوى التعليمي لدى الفلسطينيين و كان ذلك مدعاة قلق لدى الأنظمة العربية بشقيها القومي المتمثل بمصر عبد الناصر و سوريا و العراق بشكل أساسي و المحور الخليجي الرجعي المتصهين بقيادة السعودية.
تلقف عبد الناصر الورقة الفلسطينية لمواجهة الرجعية العربية و المشروع الصهيوني و لكنه أرادها له و حسب منظوره و رؤياه و كان له ذلك تماماً حتى كارثة حزيران 1967 حين تسللت سطوة مال الفساد و الإفساد السعودي الخليجي إلى جيوب و نفوس قيادة م.ت.ف ذات الجذور الإخونجية المكيافيلية نشأة و فكراً و سلوكاً التي تحولت إلى وكيل سعودي دوغمائي المضمون و غوغائي الإنتماء و غجري السلوك و الأداء !!
ترافق ذلك مع ظهور قوى أسمت نفسها يساراً و كانت تنوس و تتأرجح بين الإنتماء لتنظيرات تروتسكوية مبهمة و تطلق عليها صفة الماركسية اللينينية و بين م.ت.ف مالياً و ليس أكثر حيث كان كل فصيل يقوم بتشكيل منظماته التي أطلقوا عليها زوراً و بهتاناً إسم منظمات جماهيرية و واقع الحال أنها كانت أثقالاً مكبِّلة للكفاح المسلح !!
كانت منظماتنا الجماهيرية تمثل إرادة أنظمة رجعية و خارجية أكثر بكثير من تمثيلها للشعب الفلسطيني لأن صوتها لم يكن مسموعاً و مؤثراً و مستقلاً و كانت مهمته الأبرز هي توصيات تؤيد خطى و نهج القيادة التي كانت بدورها تابعة للسعودية بدرجة أولى و لأوربة الشرقية المتصهينة ثانياً !!
ملاحظة: عشتُ في قلب و وسط أوروبا الشرقية و تشيكوسلوفاكيا مدة 32 سنة و كانت مهمتي الوحيدة التي ألزمت نفسي بها و دون تكليف من أية جهة هي دراسة هذه الدول التي أوهمونا و حشوا رؤوسنا بأنها صديقة !!
و للمقال بقية ...
جاسر خلف
[email protected]