حل مجلس الحرب…ومأزق نتنياهو يتفاقم
مقالات
حل مجلس الحرب…ومأزق نتنياهو يتفاقم
نضال بركات
19 حزيران 2024 , 11:25 ص

كتب الأستاذ نضال بركات:

بعد ثمانية أشهر ونصف الشهر من طوفان الأقصى والمأزق الإسرائيلي يتفاقم لعدم القدرة على تحقيق النصر الذي وعدت به حكومة نتنياهو والقضاء على المقاومة في قطاع غزة مع تخبط سياسي وإخفاق ميداني وشرخ داخلي عميق , وعلى وقع التآكل الداخلي أعلن نتنياهو حل مجلس الحرب في وقت تتفاقم الخلافات المستعرة بين أطراف العدوان من مسؤولين سياسيين وأمنيين وعسكريين , مع استمرارعمليات المقاومة في غزة بوتيرة عالية بمساندة جبهات الإسناد التي تمثل استنزافاً حقيقياً ليس لـجيش الاحتلال وحسب وإنما للقيادة السياسية الإسرائيلية.

قرار نتنياهو حل مجلس الحرب هو لتسويق نفسه على أنه غير متطرف و وسطي في محاولة منه لاسترضاء الغرب والولايات المتحدة بشكل خاص بعد رفضه دخول وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش لمجلس الحرب، وذلك بعد أيام من استقالة الوزيرين بيني غانتس وغادي آيزنكوت لعدم رغبتهما بان يكونا شريكين بالهزيمة خلال الحرب الحالية على جبهات عدة واتهامهما لنتنياهو بعرقلة قرارات استراتيجية مهمة لاعتبارات سياسية ومنها إجراء انتخابات بأسرع وقت ممكن وتشكيل لجنة تحقيق مستقلة, وهذا ما رفضه نتنياهو.

ومن المعروف بأن مجلس الحرب هيئة سياسية وأمنية معنية باتخاذ القرارات السياسية في وقت اندلاع الحرب , وكان يتألف هذا المجلس الذي تشكل بعد طوفان الأقصى من نتنياهو، ووزير الحرب يوآف غالانت، ورئيس هيئة الأركان السابق، بيني غانتس كما تضم، بصفة مراقب، قائد الأركان السابق، غادي آيزنكوت، ووزير الشؤون الاستراتيجية، رون ديرمر, وفيما كانت الخلافات بين ألأعضاء متفاقمة يرى الخبراء على أنها تعكس صراعا على النفوذ بين نتنياهو والجنرالين غالانت وغانتس، ويمثل الثلاثة معا ثقل القرار الذي يحدد المشهد السياسي في “إسرائيل”, ولكن بعد استقالة بيني غانتس وغادي آيزنكوت وقرار نتنياهو حل هذا المجلس زاد الوضع سوءا حيث من المتوقع أن تزيد من حجم التظاهرات الرافضة لحكومة نتنياهو وعدم قدرتها على تحقيق النصر الموعود , بينما المقاومة تزيد القلق والخوف ليس لدى الإسرائيليين وحسب وإنما أيضا للدول الداعمة لكيان الاحتلال خاصة الولايات المتحدة القلقة جدا على عدم قدرتها على تحقيق أي اختراق لدى المقاومة مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية والمرشح فيها الرئيس بايدن لمواجهة الرئيس السابق ترامب , ولهذا يسعى بايدن لتحقيق اختراق يكون داعما له في الانتخابات , وهذا ما لم يتحقق إلى الآن …فهل كان قرار نتنياهو خطوة في الاتجاه الصحيح وعدم تأجيج الخلاف مع الادارة الأمريكية؟

إن قرار نتنياهو قد يكون رسالة للبيت الأبيض لتسويق نفسه على أنه وسطي وغير متطرف بعد رفضه دخول بن غفير وسموتريتش لمجلس الحرب, ولكن في حقيقة الأمر لم يكن قرار نتنياهو مفاجئا نظرا للمأزق الحكومي الكبير وعدم القدرة على تحقيق النصر الذي وعدوا به بعد السابع من أكتوبر وتحرير الأسرى من المقاومة , بينما هم من مأزق إلى آخر كبير مع انكشاف حقيقتهم الإجرامية أمام الرأي العالمي رغم دعم  الولايات المتحدة للكيان المحتل مع ازدياد الشرخ الداخلي الرافض لهذه الحكومة المتطرفة برئاسة نتنياهو الذي يحاول حماية نفسه للتمسك بالحكومة خشية انهيارها لأنه يعرف أن مصيره سيكون السجن.

بعد قرار حل مجلس الحرب فإن نتنياهو سيتحمل وحده مسؤولية القرارات التي ستتخذ في المرحلة القادمة بعد ان كان وجود غانتس وايزنكوت يشكل غطاء وحماية لأي قرارات , بينما المرجح خلال المرحلة المقبلة أن تزيد سطوة بن غفير وسموتريتش على نتنياهو من خلال ابتزازه لاتخاذ إجراءات أكثر شدة مما سيفقده الكثير من هوامش المناورة وخصوصا بما يرتبط باتفاقية وقف إطلاق النار وصفقة الاسرى.

وقال موقع “إسرائيل هيوم” إنّ نتنياهو سيواصل التشاور في القضايا الحساسة مع منتدى مقلّص سيُسمى “مطبحون” (المطبخ)، وسيضم وزيري الأمن يوآف غالانت والشؤون الاستراتيجية رون دريمر، ورئيس حركة شاس، عضو “الكنيست” آرييه درعي.

وعلى الرغم من إعلان نتنياهو أنه سيواصل التشاور عبر منتدى مقلص يسمى بالمطبخ إلا أن المعارضة رفضت هذه الخطوات وأكدت أن حكومة نتنياهو هي ما كان ينبغي حلها وليس مجلس الحرب , ولهذا من المتوقع أن تبدأ المعارضة بممارسة مزيد من الضغط على نتنياهو وهو ما سيزيد من حجم الانقسام الداخلي ويؤثر على مسار الحرب وفق ما أكد زعيم المعارضة الإسرائيلي يائير لابيد في منشور مقتضب، على حسابه الشخصي على موقع (إكس) .

وبالتوازي مع قسوة الأخبار الواردة من الميدان ليس في قطاع غزة وحسب وإنما في جبهات الإسناد خاصة مع المقاومة اللبنانية  , فقد انفجرت ملفات عديدة في وجه نتنياهو لتزيد مأزقه ليس مع السياسيين وإنما أيضا مع جنرالات الجيش الذين يقودون المعركة في الميدان , مع تفاقم الخسائر وقتلى جنود الإحتلال ،وهذا يعد مؤشرًا واضحًا على بوادر انقسام عميق بين المستويين السياسي والعسكري.

المصدر: موقع إضاءات الإخباري