كتب الدكتور علي حجازي: قصة قصيرة بعنوان.. قلم
ثقافة
كتب الدكتور علي حجازي: قصة قصيرة بعنوان.. قلم
د. علي حجازي
29 حزيران 2024 , 15:41 م

قصّة قصيرة: "قلم"

عند تلك اللحظة التي كنتُ أبحثُ فيها عن ذلك القلمِ الذي أودعته حضن أوراق قصّة جديدة كتبتها ، وخبّأتها في المكتبة ، معتقداً أنّ أيدي الأحبّة الأحفاد لا تطوله، اعترتني ابتسامة ضبطتها زوجي التي سارعت في السؤال عن سرّ هذه الابتسامة التي لم تعتدها في حال بحثي عن أمور تهمني فقالت:

- خير إن شاء الله!

- - تذكّرت السناجب الآن

- ما بها السناجب ؟

- تقطف ثمار البلوط والكستنا ، وتدفنها في التراب لوقت الحاجة ثمّ تنسى تلك الأماكن التي أودعتها أمانتها، فتنمو الثمار وتصير غابة.

- وأنت ما الذي خبّأته ؟

- أنا لم أخبىء قلمي ، ولكنّني رغبت في أن يكون في متناول يدي بسرعة لتسجيل فكرة قصَّة ما .

- غريب ، لأوّل مرّة أراك مبتسماً وأنت تفقد شيئًا عزيزاً عليك .

- بل أضحك ممن يخبّؤون أقلامهم لوقت الحاجة ثمّ ينسونها ، فتصدأُ بدلاً من أن تُصبِحَ غابةَ أفكار.

وهل هناك حاجةٌ أهمُّ من حاجتِنا إلى هذهِ الأقلامِ لنُسجِّلَ سرِقةَ العصرِ التي حصلت في بلدنا، مع تلك البطولات النادرة لأبطال المقاومة، ولتصوّر المشاهد الموجعة والمغرقة في الحزن والكمد التي نبصرها في العيون الدَّامعةِ في غزّةَ والضفَّةِ وجبل عاملةَمن لبنان،ويمن الإيمان،وسوريّةَ قلبَ العروبةِ النّابض، والعراق، عقل العرب المفكِّر، وغير مكان من هذا العالم التاعس الذي تتحكّمُ بِه أفاعٍ سامّة.

إنّ الأقلامَ المُخبّأةَ عقيمةٌ،لن تُنتِجَ سوى الخيبةِ المريرة.

- وما الذي تقوله في من يخبِّيءُ سلاحَهُ في اللحظات العصيبة؟

- إنّها المصيبةُ التي لا تُنتِجُ سوى التخاذلِ والهزيمة .

- جدّي جدّي...

- ما بك يا حبيبي؟!

- تفضّل بقراءة ما كتبت بالقلم الذي رأيتُك تُخَبِّئُهُ هنا، في المكتبة.

أحسستُ أنَّ كلمات حفيديِ دَلوٌ من فرحٍ ينسكبُ عليَّ، بل قارورةُ طيبٍ تغمرُ نفسي،وتُنعِشُ رُوحي بِانتِشاءٍ عجيبٍ في لحظةٍ مُشتهاةٍ تتوالدُ فيها من القصص والكتابات أفكارٌ جديدةٌ يُسَجِّلُها الأحفادُ أيقوناتٍ جديدةً رائعة ... 

المصدر: موقع إضاءات الإخباري