بقلم :- راسم عبيدات
في معادلة التوصل لصفقة تبادل الأسرى،هناك العديد من الأطراف الأساسية في رسم معالم تلك الصفقة ...في مقدمتهم نتنياهو،وهو العامل المقرر والأساسي في اتمام هذه الصفقة او عدم اتمامها ....وهو أيضاً الذي يلعب مع شركائه من الفاشية اليهودية دور الكابح لها،رغم كل المرونة التي ابدتها حماس،من أجل اتمام الصفقة،فهي لم تعد تشترط الوقف الدائم لإطلاق النار ولا الإنسحاب الشامل في المرحلة الأولى من الإتفاق ،وكذلك المقاومة الفلسطينية معنية بهذا الإتفاق،بالإستجابة للمطالب الشعبية وللهموم الناس واحتياجاتها، والعمل على رفع الحصار،واعادة ترميم قوتها وقدراتها،والإستفادة من فترة الراحة والهدوء،والسعي للقيام بعملية الإعمار...وكذلك الإدارة الأمريكية الحالية التي تريد اتمام هذه الصفقة،لكي توظفها في رفع رصيد مرشحها بايدن الإنتخابي،على ضوء الظهور الضعيف له في المناظرة الإنتخابية مع ترامب،والتي دفعت بالعديد من قادة الحزب الديمقراطي للمطالبة بإستبداله كمرشح رئاسي للحزب،وحزب الله اللبناني، الذي بات يمسك بورقة الشمال ومصير المستوطنين المهجرين،والذي يعتبر شرط عودتهم ،رهن بوقف الحرب على قطاع غزة.ولا ننسى كذلك المؤسستين العسكرية والأمنية "الإسرائيليتين" التي ترى بأن،الجيش بعد تسعة شهور وصل الى حد الإهتراء والإهتلاك وعدم القدرة على خوض الحرب بالطريقة السابقة،فهناك النقص الحاد في العنصر البشري ونقص الكفاءة والقدرات والقذائف،والتراجع في المعنويات وانخفاض الدافعية،والتمرد والإستقالات ورفض الإلتحاق بالخدمة ...
من الواضح بعد الرد الذي قدمته حماس على مقترح بايدن،والذي تنازلت فيه عن ان لا يكون هناك وقف إطلاق نار دائم ولا انسحاب " اسرائيلي" شامل في المرحلة الأولى ،على ان يجري التفاوض على تلك الشروط عبر استحداث مرحلة وسيطة بين المرحلتين الثانية والثالثة،بحيث لا يجري إطلاق سراح اي عسكري " اسرائيلي" دون الوصول الى اتفاق يتعلق بوقف إطلاق نار دائم وانسحاب " اسرائيلي" شامل وعودة النازحين الى أماكن سكناهم ،وكذلك الإنسحاب من مفرق "نتساريم" الذي يفصل شامل القطاع عن جنوبه، والإنسحاب من محور فلادلفيا ومعبر رفح...هذا الرد من حركة حماس باسم المقاومة الفلسطينية،شكل ضغط اضافي على نتنياهو وعمق من مأزقة،وخاصة بان المؤسستين العسكرية والأمنية تقفان الى جانب اتمام صفقة تبادل الأسرى،حتى لو كان الثمن بقاء حماس في السلطة،فالجيش لم يعد قادراً على الإستمرار في الحرب بالشكل السابق ،وكذلك الإحتجاجات الشعبية التي يقوم بها اهالي الأسرى تتصاعد يوماً بعد يوم،والتهديدات بأن تمتلىء الشوارع والساحات بأكثر من مليون متظاهر ،اذا لم يستغل نتنياهو هذه الفرصة ويوافق على صفقة التبادل ..ناهيك عن ان المعارضة السياسية ..هي الأخرى تقف الى جانب اتمام الصفقة ،وتتفق مع المتظاهرين على مطالب سياسية،إجراء انتخابات تبكيرية عامة سادسة،واسقاط حكومة نتنياهو ... نتنياهو في مأزق عميق،يفقد الشرعيتين السياسية والشعبية،ولكن هاجسه وخوفه من فقدان الشرعية البرلمانية، فعنق قراره السياسي بات ممسوكاً من قبل شركائه من الصهيونية القومية والدينية،بن غفير وسموتريتش،وبن غفير في اجتماع المجلس الأمني والسياسي "الكابينت" قال لنتنياهو،نحن لسنا بالمزهرية لديك ..واذا ما ذهبت لصفقة تبادل الأٍسرى وأوقفت الحرب على قطاع غزة،فيجب ان تعلم بأنك ستبقى لوحدك ،سنسقط الحكومة من داخلها ...إسقاط الحكومة يعني بالنسبة لنتنياهو ...الذهاب الى إنتخابات تبكيرية سادسة وتشكيل لجنة تحقيق، معروف بأنها ستحمله المسؤولية عن الفشل الأمني والإستخباري في السابع من اكتوبر /2023،بالإضافة الى الهزيمة التي حصلت في تلك العملية،مضافا لها التهم المنظورة ضده امام القضاء " الإسرائيلي"،الرشوة وسوء الإئتمان وخيانة الأمانة.وأيضاً الخلافات بين المؤسستين العسكرية والأمنية مع المؤسسة السياسية ستتصاعد ،وستزداد التشققات والتصدعات والإستقالات ورفض الإلتحاق في الخدمة في المؤسسة العسكرية..ولذلك نتنياهو في ظل تلك الأزمات هو ملزم بالسير على حبل رفيع ،لكي لا يسقط وينتهي مستقبله السياسي والشخصي ويقضي بقية حياته في السجن،ولذلك يبقى خياره المماطلة والتسويف والمراوغة وإطالة أمد المفاوضات وتحميل حماس المسؤولية عن عدم الوصول الى اتفاق وصفقة تبادل أسرى،سيبقى يراقب نتائج الإنتخابات الإيرانية الرئاسية من سيفوز فيها،وكذلك هو تابع المناظرة الرئاسية الأمريكية بين العجوز المتلعثم بايدن وبين ترامب الوقح ،وبات على قناعة تامة بأن اطالة امد بقاءه السياسي واطلاق العنان لجموحه الإقليمي،سيتحقق فقط من خلال فوز ترامب في تلك الإنتخابات،وبفوز ترامب يتحدد شكل المرحلة الرابعة من الحرب وخطورتها ومدى توسعها ...ولذلك خيار نتنياهو لكي لا يذهب للسجن بسقوط حكومته من داخلها، شن حرب شاملة على الضفة الغربية والقدس لحسم الصراع والسيادة عليهما ..و"المطمطة" والمراوغة وإطالة امد التفاوض لحين قدوم ترامب ،فهناك قضايا خلافية سيطول حولها التفاوض ،الإنسحاب " الإسرائيلي" من محوري صلاح الدين " فلادلفيا" ومحور نتساريم الذي يفصل شمال الضفة عن جنوبها،ومعبر رفح،وكذلك التفاوض حول اسماء وهوية واعداد الأسرى من اصحاب الأحكام العالية والمؤبدات،الذين سيطلق سراحهم في تلك الصفقة،ومكان الإفراج ،هل سيعودون الى أماكن سكناهم،ام يتم ابعادهم الى قطاع غزة،او الى الخارج ..هي قضايا سيطول حولها التفاوض،واستمرار الحرب سيشكل طوق النجاة لنتنياهو.
فلسطين – القدس المحتلة
5/7/2024