عرف الخبراء من فترة طويلة أهمية التمارين الرياضية لصحة الدماغ، فهي تحسن الإدراك والمزاج وتقلل من خطر الأمراض التنكسية العصبية، حيث أظهرت العديد من الدراسات الجديدة التأثير العميق للتمرين على الأنظمة البيولوجية المختلفة، مما يفسر قدرته على تعزيز الصحة ومحاربة الأمراض، وفي هذا المقال الخاص نستعرض أحدث الأبحاث حول كيفية حماية الرياضة لصحة الدماغ مع تقدم العمر.
يرتبط التمرين بزيادة قوة العضلات، وتحسين صحة القلب، وخفض نسبة السكر في الدم، والعديد من الفوائد الصحية الأخرى.
تأثيرات التمرين المختلفة
تقدم الأنشطة مثل الجري على جهاز المشي، وركوب الدراجة على تلال شديدة الانحدار، ورفع الأثقال، أو المشي السريع في وقت الغداء مجموعة واسعة من الفوائد التي تتجاوز تعزيز المظهر البدني أو التحمل.
تشير الأدلة من الدراسات إلى أن النشاط البدني المنتظم يمكن أن يعزز المزاج، ويخفف من التوتر، ويزيد من الوظائف الإدراكية، مما يبرز العلاقة العميقة بين الجسم والعقل، ومع ذلك يمكن أن يستجيب الأشخاص بطرق مختلفة لأشكال متنوعة من التمرين، مثل التمارين الهوائية أو تدريبات القوة.
الأبحاث الحديثة حول التمرين
في حين أنه من المعروف أن التمرين المنتظم أمر حاسم لنمط حياة صحي، اقترحت بعض الأبحاث القديمة أن التمرين المكثف قد يكون له تأثيرات سلبية، ومع ذلك أظهرت الأبحاث الحديثة أن الرياضيين المميزين قد عاشوا لفترات أطول قليلاً على مدار العقود.
يعزز التمرين بشكل كبير من صحة الدماغ من خلال تحسين الإدراك والمزاج وتقليل خطر الأمراض التنكسية العصبية من خلال تعزيز تكوين الخلايا العصبية ومرونة التشابكات العصبية.
تأثير التمرين على المستوى الجزيئي
في جهد تعاوني جديد بقيادة كلية الطب بجامعة ستانفورد، استكشف الباحثون الآليات الأساسية التي يعزز من خلالها التمرين الصحة العامة، خصوصاً صحة الدماغ.
من خلال فهم كيفية تأثير التمرين على الأعضاء المختلفة على المستوى الجزيئي، يمكن لمقدمي الرعاية الصحية تقديم توصيات تمرين أكثر فعالية، ويمكن أن يمهد هذا الفهم أيضاً الطريق لتطوير علاجات دوائية تحاكي فوائد التمرين لأولئك الذين لا يستطيعون ممارسة النشاط البدني.
شملت الدراسة — التي نُشرت نتائجها في مجلة Nature — حوالي 10,000 قياس عبر نحو 20 نوعاً من الأنسجة لفحص تأثير 8 أسابيع من التمرين التحمل في الفئران المدربة على الجري على أجهزة مشي صغيرة.
وخلصت الدراسة إلى تأثيرات رائعة للتمرين على جهاز المناعة، واستجابة الجسم للإجهاد، وإنتاج الطاقة والتمثيل الغذائي.
تأثير تدريب التحمل على الجسم
فحصت الدراسة تأثير 8 أسابيع من تدريب التحمل على الأنظمة البيولوجية المختلفة، بما في ذلك تعبير الجينات (التعبير الجيني)، البروتينات (البروتيوم)، الدهون (الليبيدوم)، المستقلبات (الميتابولوم)، العلامات الكيميائية للحمض النووي (الإبيجينوم) والجهاز المناعي.
أجرى الباحثون تحليلات على أنسجة مختلفة في الفئران المدربة على الجري لمسافات متزايدة وقارنوها مع أنسجة الفئران الخاملة.
ركزوا على الميتوكوندريا في عضلات الساق، القلب، الكبد، الكلى، الأنسجة الدهنية البيضاء — التي تتراكم كدهون في الجسم — وكذلك الرئتين، الدماغ، والأنسجة الدهنية البنية — وهي دهون نشطة تحرق السعرات الحرارية.
هذه المقاربة الشاملة أنتجت مئات الآلاف من النتائج للتغيرات غير الإيبيجينية وأكثر من 2 مليون تغيير إيبيجيني متميز في الميتوكوندريا، مما يوفر قاعدة بيانات غنية للأبحاث المستقبلية.
إلى جانب الهدف الأساسي لإنشاء قاعدة بيانات، ظهرت بعض النتائج البارزة، فعلى سبيل المثال تغير التعبير عن جينات الميتوكوندريا مع التمرين عبر الأنسجة المختلفة.
ووجد الباحثون أن التدريب رفع من مستوى التعبير الجيني في ميتوكوندريا العضلات الهيكلية للفئران والذي يكون منخفضاً في ميتوكوندريا العضلات الهيكلية للأشخاص المصابين بالسكري من النوع الثاني.
كما أظهروا أن التدريب رفع من مستوى التعبير الجيني في ميتوكوندريا الكبد للفئران، الذي يكون منخفضاً لدى الأشخاص المصابين بتليف الكبد.
تشير هاتان النتيجتان إلى أن تمارين التحمل قد تساعد في تحسين وظيفة العضلات في مرض السكري، وكذلك تعزز من صحة الكبد.