بيلاطس يحقق مع المسيح.وفلسطين تحقق مع العالم.
مقالات
بيلاطس يحقق مع المسيح.وفلسطين تحقق مع العالم.
م. زياد أبو الرجا
11 تموز 2024 , 06:13 ص


لا نرى الناس على ما هم عليه مطلقا.نرى منهم زاوية محددة مبتورة تحددها المصالح الانية .نحاول تقمص دورنا فحسب في هاته الملهاة الانسانية، ليس اكثر ، وهذا صعب جدا.كنا زوجا من الممثلين تلك الليلة .لعب يشوع دور خطأ قضائي.اما انا بيلاطس ، فلعبت دور الوالي الروماني العادل.

-- هل انت ملك اليهود ؟

-- لم اقل هذا قط.

-- هذا ما يقولونه علي الرغم من ذلك.

-- من؟

-- الذي ادانك، من حملك الي، مجلس السنهدرين كله.

-- هذا ظلم.هم من قالوا ذلك، وليس انا، غرضهم من ذلك تدميري، ويؤاخذونني على تاكيد قولهم.

-- بالرغم من ذلك ، انت تدعي تأسيس مملكة؟

-- نعم.

-- اذن؟

-- مملكتي ليست من هذا العالم.

بدا حزينا ، مليئا مرارة، قد دمره هذا الفشل.ثم تمالك نفسه وصاح بحماس:

-- لو اردت ان اصبح ملك هذا العالم ، لمنعت اعتقالي ووقوفي امامك الان.مملكتي خارج هذا العالم.

-- انت ملك اذن؟

-- نعم.انا ملك، ملك عالم اخر، من حيث اتيت، والى حيث اعود.

اتيت الى فلسطين لاتحدث عن الحقيقة .سيستمع الي كل من يبحث عنها.

-- ما الحقيقة ؟

قلتها باستخفاف لاتخلص من هذا الزائر الثقيل .ما الحقيقة ؟ توجد حقيقتك ، وحقيقتي ، والحقيقة الخاصة بالاخرين.كنت انسّب الامور من موقع روماني نشأ على الشك الاغريقي.تنتمي الحقيقة الى كل من قالها.عدد الحقائق مساوٍ لعدد الاشخاص.القوة وحدها تفرض حقيقتها عبر السلاح ؛ بحد السيف، بالقتال، بالاغتيال،بالتعذيب، بالابتزاز، بالخوف،بحساب المصالح، وتفرض على العقول الانصياع مؤقتا لعقيدة ما.الحقيقة في صيغة المفرد انتصار، هزيمة الاخر، هدنة في افضل الاحوال.لكن الحقيقة ليست واحدة؛ لذلك هي لا توجد ابدا.

-- ما الحقيقة؟

قلت هذا وبي ولهٌ.كنت اهدئ من روعي .لكن هذا اليهودي فاجأني، فقد كان ينصت اليّ، وشرع يرتجف.

صدمت.كان الرجل يرتاب.في العادة يطأ المتزمتون شكوكهم ويشهرون ايمانهم.على خلاف ذلك ، كان يشوع يفكر بعمق وخشي انه قد سار في الطريق الخطأ، ويتساءل ما اذا كنت انا المحق.. ثم سيطر على ارتجافه ، واستجمع قواه ، وحدق بي قائلا في بطء:

-- بالفعل: ما الحقيقة؟

رد علي سؤالي .صارت الكرة في ملعبي وصرت ارتعش تحت تأثير الاستجواب وتملكني الخوف.لم اكن املك الحقيقة ، كنت املك السلطة فحسب، تلك السلطة الشاذة التي تقرر ما هو جيد وما هو سيئ، السلطة المفرطة على الحياة والموت ، السلطة الفاحشة.

ران الصمت .ضاعت الكرة بيننا .خرسنا كلانا.ثرثر الصمت بيننا.تحدث بالف امر سريع، غامض وغير دقيق.حدثني الصمت عني في شكل غريب.ماذا تفعل هنا؟ سألني الصمت.من منحك حق التحكم في الرقاب؟ من يقودك في اتخاذ القرارات؟ راودني شعور في الاستنزاف.لم يكن ارهاق السلطة الذي خبرته ، فهو لا يحتاج الى غير الراحة ؛ كان سامّا بطيئا يخدر جسدي كالسّم: سخافة السلطة.ما الذي يميزني من متسوّل يهودي؟ ولادتي في روما ومنصب يهبني اسلحة وجنودا..هل من قيمة لكل هذا؟

-- ما قيمة الحقيقة؟

هكذا حوّل اليهودي سؤالي عن الحقيقة .ما الذي يستحق الاقتتال؟ الموت؟ الحياة؟ ما قيمتها حقا؟

من رواية ايريك ايمانويل شميت الرجل الذي صلب المسيح.. كان ذلك قبل الفي عام تقريبا.نحن نعرف ان ملاحظة كارل ماركس بان التاريخ يعيد نفسه بداية كمأساة ثم كملهاة.لكن وضع فلسطين تحت الانتداب البريطاني قبل قرن من الزمان توطأة لاقامة " المَسْلَحْ"المتقدم الكيان الذي شرط نجاحه صلب الشعب الفلسطيني ودفنه هي المأساة الحقيقية التي تبدو بالنسبة لها مأساة صلب المسيح وقيامته ملهاة.لقد تم صلب ودفن الشعب الفلسطيني وقيامته وظهوره عدة مرات خلال قرن من الزمن.وتنكر العالم مسلميه قبل مسيحييه لعملية صلب وقتل ومن ثم قيامة وظهور الشعب الفلسطيني وتكالب العالم عليه ليصلبوه ويقتلوه ويدفنوه مرة والى الابد على يد بيلاطس الدولي الذي يفكر كالاغريق ويبطش كالرومان ويجن كاليهود.لم تحرك عذابات المسيح الفلسطيني ساكنا لكل الاطراف الممسكة بالقرار الدولي حتى فاض طوفان الاقصى في السابع من تشرين الاول /اوكتوبر ٢٠٢٣ وحل بيلاطس الفلسطيني محل بيلاطس الروماني ووضعه في قفص الاتهام لا لنبوءة فيه ولا بشارة خلاص، وانما كمجرم ضد الانسانية وسفاح وسفاك دم دولي تجب محاكمته وامبراطوريته كمجرمي حرب ومصاصي دماء وخارجين على القانون الدولي والاعراف الانسانية.كما تجب مجابهتهما بنفس السلاح ، حد السيف والقتال الضاري والشرسس، وبلا رحمة او شفقة كما طبقها على شعوب العالم(( العين بالعين والسن بالسن والبادئ اظلم))

هذه المرة صار للمسيح الفلسطيني الذي بعث مع طوفان الاقصى وقامت قيامته رٌسٌلٌهٌ الذين يعدون بالملايين وصارت كوفيته الشارة الدالة على قيامته وظهوره مثل ما كانت علامة" الحوت" الشارة الدالة على قيامة المسيح عليه السلام قبل الفي عام تقريبا.وكما انتشرت المسيحية في انحاء المعمورةواقامت المملكة التي بشر بها المسيح مجسدة بالكنائس التي تظلل بني الانسان بصرف النظر عن لونهم وعرقهم وتبشرهم بالخلاص صار الملايين في كل قارات العالم بغض النظر عن الدين واللون والعرق من اتباع المسيح الفلسطيني الذي سيقيم مملكة العدل على ارض فلسطين كل فلسطين التي سيعيش فيهااليهود والعرب المسيحيين والمسلمين على قدم المساواة في الحقوق والواجبات ويعود السلام الى ارض ملك السلام المسيح بن مريم عليه السلام.

وما ذلك على الله بعزيز.

م/ زياد ابو الرجا            

المصدر: موقع إضاءات الإخباري