كتب الأستاذ حليم خاتون:
خرج نتنياهو يتباهى باغتيال القائد محمد الضيف في عملية في المواصي كان كل الهدف منها قتل أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين تحت ذريعة ان هؤلاء ضحايا جانبية في عملية اغتيال ناجحة...
أعلنت وكالة الصحافة الفرنسية أن حماس أوقفت المفاوضات احتجاجا على عملية المواصي...
أسرعت حركة حماس بنفي خبر الوكالة الفرنسية لأن في هذا تنفيذ مأرب نتنياهو الذي لا يريد مفاوضات من الأصل...
من سخريات القدر فعلا أن المقاومة هي من يريد الوصول إلى وقف النار...
انها لعنة القبول بالهزيمة كما حصل في ٦٧ و٧٣ خوفا من الموت، رغم ان الأوطان لا تعيش الا على روائح الدم وسقوط الشهداء...
ماذا يحصل؟
كيف وصلنا إلى هذا؟
نعود إلى اصل الحكاية...
كان هناك في زمن ليس ببعيد منظمة تحرير فلسطينية مؤلفة من مجموعة من الفصائل...
احيانا كثيرة ما كان يتمرد هذا الفصيل او ذاك على الراعي الرسمي العربي، ويقوم بعمليات تتناسب مع صفة منظمة تحرير التي امتشقتها منظمة التحرير الفلسطينية...
عرفنا بطولات في مراحل ما...
من لا يذكر معركة الكرامة؟
لكن كل هذا لا ينفي أن الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر رفع لأشبال منظمة التحرير شعار،
"قاوموا ولو بإشعال عود ثياب!"
مرت الأيام وساء وضع النضال وتحول الكثيرون من منظمة التحرير إلى رواد فنادق ومطاعم في بيروت إلى أن حصل اجتياح ٨٢ وانتهت منظمة التحرير إلى أحضان أميركا والنظام الرسمي العربي ما جعل العلامة السيد محمد حسين فضل الله يرفع شعار،
"على الأقل، خربوا الديكور" بدل العجز الذي كانت منظمة التحرير غاطسة فيه...
مع كل مفاوضات تتسرب انباء عن تنازل حماس عن بند ما...
هل تنازلت حماس؟
ماذا عن بقية الفصائل؟
وسائل الإعلام المعادية لمحور المقاومة تؤكد تنازل المقاومة في غزة ولكن ليس بالقدر الكافي ما جعل الاميركيين يضغطون على المصريين والقطريين والأتراك لمزيد من التنازل...
هؤلاء الوسطاء ارذل من أن يحتاجوا إلى الضغط...
وسائل الإعلام المؤيدة لمحور المقاومة تتراوح بين قسمين،
القسم الأول ينفي صفة التنازل عما يحصل فعلا من تنازل...
القسم الثاني يؤكد أن التنازل جرى على القشور مع الحفاظ على المبادئ الأساسية...
أحد هؤلاء اراد تذكيري برد القائد الفيتنامي "هوشي منه" على منتقديه بسبب القبول بمبدأ المفاوضات مع الاميركيين حين رفع شعار،
"خذ سيفي هذا واقطع رأسي إذا ما أنا تنازلت عن حقوق الوطن"...
هل تنازل "هوشي منه" احيانا؟...
يقال إن كيسنجر كان يأمر الطائرات الأميركية بقصف وقتل الآلاف من المدنيين لفرض تنازل ما، وانه كان يصل احيانا لما يريد...
لكن شهداء حرب التحرير في فيتنام لم يكونوا عشرة آلاف او مئة الف...
وصل عدد شهداء حرب التحرير إلى حوالي أربعة ملايين فيتنامي...
في النهاية انتصر "هو شي منه" وانسحب ابو عمار آلاف الأميال بعيدا عن حدود فلسطين وراح يقدم التنازل تلو الآخر حتى لاحقه شارون من غرفة ال غرفة في المقاطعة إلى أن تم اجباره على التنازل عن صلاحية التوقيع لمحمود عباس الذي يتفاخر ليل نهار بالعمالة لإسرائيل تحت شعار إنه حقق دولة استطاعت قتل نزار بنات حين عجز الاحتلال عن ذلك...
يقول البروفيسور جون مارشايمر أن الحل الوحيد الذي تريده إسرائيل هو تهجير الفلسطينيين خارج فلسطين او قتلهم جميعا...
مجرد سماع ما توارد عن حرب النكبة يكفي لكي نعرف ان ليس أمام الفلسطيني اي خيار سوى القتال...
حتى معمر القذافي بكل الغباء الذي اكتنزه، وصل إلى هذه القناعة...
يستطيع المتظاهرون في الغرب المطالبة بوقف إطلاق النار...
لكن ان تطلب هذا حركة مقاومة وتحرير!
كل شهيد سقط...
كل شهيد يسقط هو أفضل مني ومن كل المنظرين...
ظفر اي شهيد افضل من كل الدنيا؛ لكن كل الدنيا لا تستأهل أن تبقى اذا ما ضاع الوطن...
تستطيع حركة للمقاومة رفع شعارات وجوب وقف المجازر...
تستطيع الاتكال على جنوب أفريقيا لأن النظام الرسمي العربي أسوأ من النظام الغربي ولأن كل الشرعية الدولية نائمة...
لكن هذا لا يحصل بالمطالبة بوقف إطلاق النار بينما الاستعمار جاثم على صدورنا في كل شبر من أرض فلسطين...
هذا يحصل بمزيد من النضال...
هل نجحت المقاومة الفلسطينية في إشعال عود ثقاب؟
هل نجحت في تخريب الديكور؟
من المؤكد ان ما حصل في السابع من أكتوبر أعظم بكثر من هذا...
يكفي انه قضى على احلام النظام الرسمي العربي بممارسة البغاء العلني في حانات أميركا والغرب...
لكن حتى هذا الإنجاز لا يعطي ايا كان اي حق بالتخلي عن أي مبدأ من المبادئ سواء في شعار رفع الحصار او الحرية للأقصى...
يقول البروفيسور مارشايمر أن التقديرات تتحدث عن أربعة قتلى غير مباشرين مقابل كل شهيد مباشر سقط في غزة بسبب انتشار الجوع والأمراض وفقدان كل مقومات الحياة...
لهذا ربما أعطى السيد نصرالله شيكا على بياض لحركة حماس...
يقول الكاتب جوني منير أن هذا الشيك رفع المسؤولية عن حزب الله والمحور في حال قررت حركة حماس التنازل...
جوني منير يميل إلى أن الحركة في صدد تنازل آخر وآخر إلى ما شاء الله؛ لكن الكيان لن يعطي مقابل هذا التنازل الا مزيدا من القتل كما حصل امس في المواصي...
ورغم نفي صفة الإسناد الفعلي والنوعي عن الحوثيين على لسان الكاتب سركيس نعوم، إلا أن الحقيقة تبقى وهي أن اليمن اذل بريطانيا ولا يزال يصارع الاميركيين من موقع الند...
هل المقاومة الفلسطينية عاجزة عن ضرب الاستقرار في الشرق الأوسط وفي العالم؟
هل سوف يترك محور المقاومة فلسطين تُذبح؟
قول جوني منير أن المقاومة الفلسطينية لا تستطيع التسبب بحرب إقليمية وبالتالي لا تستطيع فرض اي موقف هو زعم يحتاج إلى دليل...
على المقاومة الفلسطينية الإقلاع عن أي تنازل آخر لو مهما بلغت التضحيات...
هناك سبعة ملايين فلسطيني في الداخل، ومثلهم في الشتات...
على العالم أن يعرف ان لا حل الا بإرجاع الحقوق الى أصحابها حتى لو استطاعوا قتل الملايين...
إذا كان العالم سوف يقبل بقتل كل الشعب الفلسطيني وقد ظهر أن هذا العالم تخلخل بنيانه بسبب أربعين ألف شهيد فماذا لو وصلت المجازر إلى ملايين؟
ماذا عن محور المقاومة؟
هل سوف يقبل ويظل في موقف الإسناد؟
السيد نصرالله أعلن بصراحة أن الكلمة للميدان...
كلنا رأينا بأم العين كيف زادت وتيرة الإسناد حتى كادت تلامس الحرب الطاحنة...
إذا، على المقاومة الفلسطينية الدفع بالأمور إلى الأقصى لو مهما حصل...
هناك اكثر من سيناريو...
لكن كما يقول المثل،
كل الطرق تؤدي ال روما...
اثبتت المقاومة الفلسطينية أن باستطاعتها ليس فقط تخريب الديكور...
اثبتت انها ببساطة تستطيع إشعال كل الشرق الأوسط والوصول حتى إلى حرب عالمية ثالثة أكثر عنفا مما يحصل حتى الآن...
إذا كانت المقاومة الفلسطينية تعتقد أن تحرير فلسطين سوف يتم بأقل من ملايين الشهداء فقد أثبت بن غفير وسموتريتش وغيرهم من الصهيونية الدينية أنهم مستعدون لارتكاب مجازر أكبر وأكثر دموية في الضفة سواء هادنت حماس ام قاتلت...
رأيتم بأم العين أن كل تنازل يؤدي إلى مزيد من طلبات التنازل...
هل تريدون تكرار مأساة منظمة التحرير؟
صحيح ان ظفر طفل في غزة بيسوى تاج ملوك العرب والعجم...
لكن ظفر كل طفل سقط في هذه الأشهر التسعة يأبى إلا أن يستمر النضال دون اي تنازل حتى لو خرب العالم لكي تحيا فلسطين...
المصريون، القطريون، الأتراك...
كل النظام الرسمي العربي يريدالوصول إلى التهدئة لكي يحصل إبن سلمان على الحماية الأميركية ويستمر ملوك ورؤساء الذل بالعيش في فضائحهم التي لا تنتهي...
المزيد من المقاومة يفرض على كل هؤلاء هم أن يتنازلوا، وليس المقاومة او شعب فلسطين...
باختصار،
مصير الاستقرار العالمي في أيدي من قام بخطوة السابع من أكتوبر الجبارة...
لا تبيعوا هذا العمل الجبار بثمن بخس في سوق نخاسة العربان...