تحليل فرضيات من وراء محاولة أغتيال ترامب؟
مقالات
تحليل فرضيات من وراء محاولة أغتيال ترامب؟
بهاء الخزعلي
15 تموز 2024 , 11:28 ص


بهاء الخزعلي//

*مقدمة لحادثة الاغتيال:

لا يخفى على الجميع أن من حاول اغتيال ترامب هو شاب أميركي يدعى توماس ماثيو كروكس يبلغ من العمر 20 عام، حيث قالت وسائل إعلام أميركية إنه ينتمي للحزب الجمهوري، وذكر مكتب التحقيقات الفدرالي (إف بي آي) أنه منفذ محاولة اغتيال الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في ولاية بنسلفانيا في 13 يوليو/تموز 2024.

وقد قتل أفراد جهاز الخدمة السرية الأميركية كروكس فور محاولته قنص ترامب من مبنى مقابل لمنصة كان يلقي فيها خطابا في إطار الحملة الانتخابية لاختيار مرشح الحزب الجمهوري للانتخابات الرئاسية المقررة في نوفمبر/تشرين الثاني 2024.

غير أن اللافت هو أنه رغم انتمائه للحزب الجمهوري، فإن كروكس تبرع عندما كان يبلغ من العمر 17 عاما (عام 2021) بمبلغ 15 دولارا لصالح مجموعة وطنية تحشد أعضاء الحزب الديمقراطي للتصويت.

حيث أستخدم كروكس لتنفيذ العملية سلاح قنص من نوع AR-15 ولنستعرض معاً مميزات هذا السلاح

*مميزات AR-15

*نوع الرصاص المستخدم:

- عيار 5.56 × 45 ملم ناتو

- مقذوف سرعة بداية تصل إلى 950 متر/الثانية

- وزن الرصاصة من 55 إلى 62 جرام

المدى القاتل:

- المدى الحيوي الفعال للرماية: 300 متر

- المدى القصوى للرماية: حتى 600 متر

- بدقة عالية حتى 500 متر

الاستخدامات الرئيسية:

- الرماية الرياضية والترفيهية

- القنص والتصويب على الأهداف

- الدفاع عن النفس والممتلكات

- الاستخدامات العسكرية والأمنية الخاصة (مثل وحدات القناصة)

مميزات وقدرات AR-15:

- آلية تحميل تلقائية وتكرار نيران عالي

- دقة إطلاق النار جيدة نتيجة التصميم البندقية

- سهولة الاستخدام وقابلية التخصيص

- خفيفة الوزن ومحمولة بسهولة

*إجراءات السلامة الأمنية التي يتخذها أي جهاز أمني مكلف بحماية الرئيس أو المرشح الرئاسي: بشكل عام أن جهاز الأمن السري ينفذ إجراءات أمنية متعددة وشاملة لحماية الرئيس في جميع المناسبات العامة، وهذه الإجراءات تشمل...

* تأمين المنطقة المحيطة بمكان الخطاب بنسبة 500 مربع في الأماكن المغلقة و 1500متر مربع للاماكن المفتوحة.

* الحماية الجوية من خلال الطائرات المسيرة للرقابة والرصد.

* فحص المشاركين والجمهور

* تنسيق التغطية الأمنية مع الوكالات المحلية والفيدرالية الأخرى.

الهدف هو ضمان سلامة الرئيس وتقليل المخاطر إلى الحد الأدنى.

*فرضيات الأغتيال:

* الفرضية الأولى: التدخل الخارجي:

في كل تحليل أمني يجب البحث أولاً عن الجهات المستفيدة من الحادثة، وحساب النتائج بالنسب من هو الطرف الأكثر إستفادة، وما هي الموانع التي تمنع كل طرف من التورط بحدث معين، ولأن هناك أطراف عديدة قد تكون مستفيدة من اغتيال ترامب منها داخلية ومنها خارجية الا أن الأسلوب المتبع لم يكن أسلوب خارجي بأي شكل من الأشكال، والكل يعرف أن عمل الأجهزة الأمنية الخارجية تقضي بتنفيذ العمل بدقة عالية معتمدة على أشخاص مختصين لمثل هذه الحوادث وليس هواة، ولأن هذه الحادثة أشبه بالاسلوب الذي أغتيل به الرئيس الأمريكي الأسبق جون كينيدي ومن نفذ العملية تم قتله بنفس اللحظة وكان شخص يدعى أوزوالد، ومصير كوركس كان نفس المصير فالأسلوب بكل الوسائل يدل على محاولة الأغتيال مدبرة لتظل غامضة بكل الأحوال، ورغم أن في اغتيال كنيدي طالة يد الاتهام الاتحاد السوفيتي أحياناً والكيان اللقيط بسبب إصرار كنيدي لتفتيش مفاعل ديمونة، لكن اغتيال منفذ العملية يدل على وجود أطراف داخلية وراء العملية، لذلك في محاولة اغتيال ترامب يستبعد أن يكون المنفذ متعاون مع جهات خارجية.

* الفرضية الثانية: أن يكون الديمقراطيين خلف عملية الاغتيال:

من المعروف أن الديمقراطيين هم الأقل استخداماً للسلاح أو اللجوء للعنف بشكل مباشر حتى في السياسة الخارجية، لكن هذا لا يمنع تورطهم بدعم جماعات إرهابية في بعض الأحيان والاستفادة من نتائج نمو تلك الجماعات في بعض الدول الإسلامية، لكن الموانع الحقيقية التي تمنع تورط الديمقراطيين أو بايدن بشكل مباشر، أن إخفاق عملية الاغتيال سيرفع من نسب وحظوظ ترامب في الإنتخابات الرئاسية المقبلة، وقد يلتف حوله الجماهير بشكل كبير وتزداد شعبيته، وقد يستغل الجمهوريون ذلك الحدث لتسقيط الديمقراطيين بالانتخابات الرئاسية المقبلة، وقد تزداد الفجوة بين المجتمع الامريكي بشكل كبير وهذا ما لا يريده الديمقراطيين وبعض الجمهوريين كذلك، لذلك نسقط هذه الفرضية كذلك من حادثة الإغتيال.

* الفرضية الثالثة: أن تكون العملية مفبركة لزيادة حظوظ ترامب في الإنتخابات الرئاسية المقبلة:

لا يخفى على الجميع أن هذه الفرضية قد تكون محتملة الحصول، لكن في التحليل الأمني تحسب نسب المخاطرة أولاً، على سبيل المثال ماذا لو تحرك ترامب أثناء توجه الرصاصة إليه خمسة سنتمتر إلى جهة اليمين لكانت الرصاصة استقرت برأسه بدل أن تخدش أذنه، كذلك أن منفذ العملية شاب يافع بالكاد يكون تدرب على استخدام تلك البندقية لذلك قد يخطئ التصويب بالاتجاه المتفق عليه وقد تقع الرصاصة برأس ترامب، أيضاً انا لا اعتقد أن كان هناك اتفاق بين المنفذ وترامب لتنفيذ تلك العملية لسبب مهم ماذا يجني ذلك الشاب بعد تنفيذ العملية مثلاً هل وعده ترامب بدخول الجنة كشهيد لأجل ترامب، لذلك كل هذه الأسباب تسقط الفرضية الثالثة لهذه العملية.

* الفرضية الرابعة: تورط الجمهوريين بمحاولة أغتيال ترامب:

في هذه الفرضية علينا الإشارة لوجود مشاكل داخل الحزب الجمهوري وسياسات ترامب الداخلية والخارجية، وقبل أربع سنوات من الان كتبت مقال بعنوان (أمريكا ما بين ثنائية الحزبين و ولادة الثالث) وحينها سلطت الضوء على الخلافات الداخلية بين الحزب الجمهوري و ترامب وتتلخص أهم المشكلات بين الحزب الجمهوري وترامب بما يلي....

1. الخلافات الأيديولوجية والسياسية:

- ترامب اعتمد نهجًا أكثر شعبوية وقوميًا مقارنة بالتيار الرئيسي للحزب الجمهوري التقليدي.

- كان له مواقف أكثر تشددًا وانعزالية بشأن بعض القضايا السياسية والاقتصادية، مثل التجارة والهجرة.

- هذا أدى إلى احتكاك مع الجناح الأكثر محافظة في الحزب الجمهوري.

2. الاستراتيجيات الانتخابية:

- اختلف ترامب مع القيادة الحزبية التقليدية حول بعض التكتيكات والإستراتيجيات الانتخابية.

- كان لترامب نهج أكثر حماسة وتحديًا في الحملة الانتخابية.

- تسبب هذا في جدل واحتكاك مع الجناح الأكثر حذرًا في الحزب.

3. قضايا السياسة الخارجية:

- كان لترامب مواقف مختلفة بشأن بعض قضايا السياسة الخارجية، مثل العلاقات مع روسيا والاتفاقيات الدولية.

- هذا خلق تحديات مع الأعضاء الجمهوريين التقليديين الذين كانوا أكثر انخراطًا في النهج السياسي الخارجي المعتاد.

4. التصرفات والتصريحات الجدلية:

- أثارت بعض تصرفات وتصريحات ترامب الجدلية انتقادات داخل الحزب الجمهوري.

- كان هناك قلق من أن تلك التصرفات قد تضر بسمعة الحزب وشعبيته.

بشكل عام، يبدو أن هناك فجوة متزايدة بين نهج ترامب السياسي والتوجه التقليدي للحزب الجمهوري. هذا الاحتكاك له آثار مهمة على التفاعلات داخل الحزب وديناميكيات السياسة الأمريكية.

إرادة وتفكير الرئيس السابق ترامب في تأسيس حزب سياسي جديد:

و بعد خسارته الانتخابات الرئاسية في عام 2020، بدأ ترامب ينتقد بشدة القيادة الجمهورية التقليدية وما وصفه بـ"الخيانة" من قبل الحزب. كان يشعر بأن الحزب الجمهوري لم يقف معه بما فيه الكفاية وأنهم لم يدافعوا عن قضيته للطعن في نتائج الانتخابات.

وفي أوائل عام 2021، بدأ ترامب يُناقش بجدية إمكانية تأسيس حزب سياسي جديد خارج الحزب الجمهوري التقليدي. كان يرى في ذلك فرصة لتوسيع قاعدته الشعبية وتعزيز نفوذه السياسي.

قام ترامب بعقد مجموعة من الاجتماعات السرية مع مستشاريه المقربين والزعماء الشعبويين البارزين لمناقشة هذا المشروع. كانت هناك مناقشات حول الاسم المحتمل للحزب والأيديولوجية والبرنامج السياسي.

بعض الأفكار المطروحة كانت:

- تسمية الحزب "حزب الأمة" أو "حزب إرادة الشعب"

- التركيز على القضايا الشعبوية مثل الهجرة وموضوعات الهوية الوطنية

- رفض النخبة السياسية التقليدية والتركيز على "إعادة تمكين الشعب"

ومع ذلك، كان هناك شكوك كبيرة حول جدوى هذا المشروع وتأثيره على الساحة السياسية. خشي بعض المستشارين من أنه قد يُضعف الحزب الجمهوري ويُسهّل فوز الديمقراطيين.

في النهاية، لم يتخذ ترامب أي خطوات ملموسة لتأسيس حزب جديد. ربما خشي من العواقب وقد يكون أحدها الأغتيال المحتمل. فاكتفى بالاستمرار في انتقاد الحزب الجمهوري من الخارج.

وبما أن الشاب الذي حاول اغتيال ترامب قد كان صور فيديو بوقت سابق يقول فيه أنه يكره الجمهوريين رغم أنه مسجل في قوائم ناخبين الحزب الجمهوري، وذلك بالنسبة للتحليل الأمني قد يكون نوع من أبعاد الشبهة، كما أن جهاز الأمن السري والذي اتهم سابقاً بعد دخول مناصري ترامب للكابيتول بأنه تساهل مع المحتجين لأنهم جمهوريين، وكذلك عدم إتمام واجبهم بتغطية أكبر مساحة أمنية لحماية ترامب والتي يجب أن تكون على بعد 500 متر مربع، أضف إلى ذلك مسافة البندقية المستخدمة كمدى قاتل تبلغ 300 متر فقط، وتوغل الشاب بمسافة 120 متر عن منصة الخطاب التي كان يعتليها ترامب، وكما صرح أحد شهود العيان الذي عرضته قناة BBC بأن المواطنين شاهدوا المنفذ وهو مسلح ويزحف على سطح البناية وأبلغوا الشرطة، وبعد أبلاغ الشرطة أستمر ترامب يخطب على المنصة من 7 الى 5 دقائق دون اتخاذ إجراءات أمنية أحترازية لحماية ترامب، و وفق ذلك اتيحت الفرصة للمنفذ أن ينفذ العملية ثم بعدها يردى قتيلاً للقضاء على أي فرصة للتحقيق معه وعدم التوصل لنتائج عن من كان خلف ذلك الشاب ودفعه للقيام بهذه العملية، فيبدو أنه كان هناك تخادم بين جهاز الأمن السري ومنفذ العملية بشكل واضح، وقد يكون ذلك بإصدار أوامر من شخصية مهمة في الحزب الجمهوري لرئيس جهاز الأمن السري للتخادم بتلك العملية، وكما أسلفنا سابقاً أن بعض القيادات الجمهورية ترى بأن ترامب يشكل أولاً خطر على الحزب الجمهوري في حال أنشق وأسس حزب جديد يسحب به 73 مليون مناصر من جمهور الجمهوريين لجانبه فيصبح الحزب الجمهوري ضعيف بالمنافسة أمام الديمقراطيين مستقبلاً، وثانياً أن ترامب بتصرفاته الشخصية وتصريحاته أصبح خطر على البنية المجتمعية الأمريكية وفي حال خسر بالانتخابات الرئاسية المقبلة قد يجر البلاد لحرب أهلية، لذلك التخلص منه هو أفضل وسيلة لإعادة الأمور لسابق عهدها.

المصدر: موقع إضاءات الإخباري