بقلم :- راسم عبيدات
الرد " الإسرائيلي" على المسيرة اليمنية "يافا" التي اخترقت وحطمت كل المنظومات الدفاعية " الإسرائيلية يوم الأربعاء الماضي 17/7/2024 من حيتس ومقلاع داود والباتريوت والقبب الحديدية،وتجاوزت كل أجهزة الرصد والمراقبة والمتابعة البصرية والرادارية و أجهزة التجسس المربوطة بالأقمار الصناعية،وقالت بأنه لا يوجد مكان آمن في " اسرائيل"،تلك العملية وما لها من تأثيرات معنوية تفوق كثيراً نتائج العملية نفسها وما سببت من خسائر بشرية ومادية، حيث اصابت تلك المسيرة قلب " اسرائيل" و"عاصمتها" السياسية والإقتصادية والأمنية،والتي يوجد فيها المال والإقتصاد والسفارات ومقر الشركات الكبرى والبورصة،فدولة الاحتلال تتكثف بكل أجهزتها في " تل أبيب" ،والمفترض ان تكون أجهزة ووسائل حمايتها مضاعفة ....ولذلك كان الرد "الإسرائيلي" من خلال طائرات ال"اف 35" متوقعاً، والإستهداف كان متوقعاً أيضاً، فلا اهداف عسكرية تستطيع تلك الطائرات ضربها في اليمن،وخاصة بأن من يتولون العدوان على اليمن بالإنابة عنها من امريكان وبريطانين،ومن شاركوها تقديم التسهيلات لتلك الغارات ودعمها لوجستياً واستخبارياً،فشلوا في تحقيق ما قامت به الطائرات "الإسرائيلية" يوم الجمعة 19/7/2024 بقصفت اهداف مدنية تمثلت في خزانات النفط ومحطة الكهرباء في الحديدة والتي أدت الى استشهاد ستة مواطنين يمنيين واصابة أكثر من 80 أخرين...الضربة "الإسرائيلية"،حملت اهداف اعلامية ودعائية وكذلك رسائل سياسية، جزء من اهدافها متعلق بترميم صورة الردع " الإسرائيلي" المتاكلة و جزء موجه للداخل " الإسرائيلي" ،السعي لطمأنة المجتمع " الإٍسرائيلي"،واعادة الشعور له بالأمن،هذه الأمن الذي فقد على المستويين العام والشخصي،منذ السابع من اكتوبر/2023،وفي الرسائل السياسية،سعي لفك العلاقة ما بين اليمن وبقية جبهات الإسناد مع قطاع غزة،وقول غالانت وزير الحرب " الإٍسرائيلي" لبقية دول المنطقة وبالذات دول وقوى المحور،وفي المقدمة منها ايران،بعد الغارة " الإٍسرائيلية"، انظروا للنيران المشتعلة،سيكون مصير كل من " يعتدي على "دولتنا" كمصير اليمن..أي أن هناك هدف ردعي ...واذا كان اليمن لم تردعه عشرات الغارات الأمريكية والبريطانية المتواصلة،والتي استكملت العدوان" الإسرائيلي" بست غارات على مواقع في اليمن ،فلن تردعه غارة استعراضية " اسرائيلية" ،قالت اليمن بانها لن تنجح في فك علاقتها مع فلسطين وشعبها،وستستمر جبهة الإسناد اليمنية بأداء دورها الى جانب شعب غزة حتى يتوقف العدوان " الإٍسرائيلي" على القطاع،واليمن رده لن يتأخر على تلك الغارة ...وهذا التحذير والتهديدات التي اطلقتها قيادة " انصار الله" اليمنية، بلسان امامها السيد عبد المالك الحوثي والناطق الرسمي باسم قواتها المسلحة يحيى السريع،والتي صدرت دعوات " اسرائيلية" الى اغتياله،باعتباره المحرض الأكبر على " اسرائيل" ،وكذلك تصريحات القادة السياسيين والإعلاميين والوزراء في الحكومة المؤقتة،كلها أكدت على ان اليمن سيرد على هذه الغارة،ولن يوقف حربه الإسنادية لفلسطين وشعبها،حتى يتوقف العدوان على قطاع غزة،ويعتبر ذلك واجب عقدي وايماني ووطني واخلاقي.
"إسرائيل" التي يتعمق مأزقها في قطاع وتتآكل قوة ردعها،وجيشها ومؤسستها العسكرية ذاهبان نحو المزيد من التأكل والتفكك والتراجع في الروح المعنوية والدافعية القتالية ،والإستقالات في القيادات العليا من الجيش من رتبة رائد الى عقيد ولواء،وظهور حالات تمرد على العودة للخدمة في القطاع،وحتى وجدنا جنود يفضلون الإنتحار على العودة للخدمة في القطاع،وكذلك النقص في العنصر البشري وفي القذائف والخدمات اللوجستية، كلها تقول بأن شن جيش الاحتلال لحرب على حزب الله اللبناني فوق طاقته وقدراته،وبأن الإنتقال الى مرحلة جديدة ثالثة في الحرب العدوانية على قطاع غزة، على امل أن يقود انخفاض التصعيد الى خفضه في جبهات الإسناد الأخرى وبالذات الجبهة الشمالية،ويفتح الطريق لصفقة تبادل للأسرى،جاءت الردود عليه من جبهات الإسناد مخيبة للأمال ،فالسيد حسن نصر الله قال لا يعني تسميات ومراحل " إسرائيل" لحربها على قطاع غزة،بل ما يعننينا وقف إطلاق للنار يقود الى صفقة تبادل تلبي مطالب المقاومة، فلا وقف لجبهة الإسناد ،بدون وقف للعدوان على قطاع غزة، ولا مشاريع جاهزة للحل على الجبهة اللبنانية،وكذلك جبهة اليمن،حيث جاء الرد عبر المسيرة " يافا" ،والتي استهدفت "العاصمة" السياسية والإقتصادية لدولة الاحتلال ،والتي قالت بأنه لا مكان امن في " إسرائيل"،وجبهة اليمن مستمرة في إسناد القطاع.
"إسرائيل" من بعد عملية المسيرة اليمنية" يافا" تعيش حالة من الإستنفار الجوي والبحري ،وطيرانها يحلق في السماء على مدار الساعة بإنتظار الرد اليمني، الذي اعتقد أنه لن يطول، فنحن وجدنا " إسرائيل" في ظل انتشار حديث عن إحتمال هجوم واسع بالمسيرات اليمنية ،تم قطع الكهرباء عن أجزاء من مستوطنة ومجمع " افرات" جنوب بيت لحم،وكذلك في المناطق الشمالية،اليمن هو صاحب أفعال وليس أقوال، ولذلك عندما يقول سنرد فيعني أنه سيرد ،واليمن على مر التاريخ من تورط في العدوان عليه او غزو أراضيه،لم يجر غير أذيال الخيبة والفشل والهزيمة .
العلاقات بين دول وحركات محور المقاومة وجبهات الإسناد تتعزز وتتطور ميدانيا وعسكرياً،وخاصة بين المقاومتين العراقية واليمنية،واللتان نفذتا أكثر من عملية مشتركة بواسطة المسيرات الإنقضاضية على أهداف " إسرائيلية" استراتيجية وحيوية في ايلات " ام الرشراش" واسدود وميناء حيفا وعسقلان وغيرها من المناطق " الإسرائيلية".
ولذلك من غير المستبعد ان يكون الرد من خلال الجبهة العراقية،لكونها أقرب جغرافياً الى فلسطين من اليمن،او لربما يجري تنفيذ العملية بشكل مشترك ،كما يجري الأن من عمليات مشتركة بين المقاومتين اليمنية والعراقية.
ما لم يتوقف العدوان على قطاع غزة،فلا توقف لجبهات الإسناد لا لبنانية ولا عراقية ولا يمنية، فاليمن يقول بشكل واضح بأنه ذاهب الى مرحلة جديدة من التصعيد ،اكثر نوعية وإيلاما ل"إسرائيل"،التي تقول بأن جبهة اليمن سببت لها خسائر اقتصادية كبيرة جداً بحيث أن ميناء ايلات قد اعلن إفلاسه،وخسائره تقدر بخمسين مليون شيكل،هذا الميناء الذي كان يستقبل 150 الف سيارة سنوياً...ناهيك عن الأضرار التجارية الاقتصادية في الموانىء الأخرى اسدود وحيفا.
الجبهة اليمنية لم تعد جبهة "خنق" وحصار اقتصادي ل" إسرائيل"،بل هي حاضرة في الفعل الميداني والعسكري ،وامريكا تدرك بأنه من الإستحالة القضاء على جماعة " أنصار الله"- اليمنية – عسكرياً،وهي تعرف جيداً بأن كل أساليب الترهيب الناعمة والعقوبات الخشنة والتدخل العسكري، لن تثني اليمن عن استمرار مساندة الشعب الفلسطيني،حتى يتوقف العدوان عليه وبالتحديد في قطاع غزة ...اليمن ليس كالجبهات التي تسمي نفسها دول مواجهة، سلاحها الخردى المتكدس في المخازن ،ليس لنصرة قضية او إغاثة مظلوم او لإستعادة وتحرير أرض ، هذا سلاح فقط ،يجري استيراده لكي يجري تنشيط مصانع السلاح في أمريكا ودول الغرب الإستعماري،ولكي يستخدم في أماكن وخانات،ليس لها علاقة بالأمن القومي العربي ولا بحماية الأوطان والدفاع عنها او استرداد المغتصب منها،بل يجري توظيفه واستخدامه في حروب تخدم المصالح والمشاريع الأمريكية في المنطقة،وما دون ذلك يحرم ويجرم من يقوم بإستخدامه،او يقوم بتزويد قوى وحركات مفاومة معادية ل" إسرائيل" وأمريكا، فالدول العربية الأكثر فقراً والمجوعة شعوبها والمحاصرة بلدانها اقتصادياً وتجارياً والخاضعة للعقوبات الأمريكية والغربية، هي التي تقود النضال والمقاومة مثل لبنان واليمن والعراق وسوريا،واليمن لم يخذل الشعب الفلسطيني يوماً،ولعل المظاهرات الأسبوعية التي تخرج في كل محافظات اليمن بالملايين نصرة لفلسطين وشعبها ومساندة لها،تؤكد على صدقية اليمن شعباً وقيادة،وبأن قضية فلسطين بالنسبة لهم قضية عقدية وايمانية ووطنية وقومية.
فلسطين – القدس المحتلة
22/7/2024