كتب ضياء أبو معارج الدّرّاجي: الردُّ الإيرانيّ
مقالات
كتب ضياء أبو معارج الدّرّاجي: الردُّ الإيرانيّ
12 آب 2024 , 09:03 ص

كتب ضياء أبو معارج الدّرّاجي: 

*قبل أن أتكلم عن الرد الإيراني أحب أن أروي قصة سمعتها من أبي -رحمه الله- عن الإيرانيين وفنون وأساليب أخذ الثائر من الخصم عندهم:

يُحكى أن طبيباً للوالي كان بارعا في عمله، يعمل معه صبيٌّ فقير ٌ يحمل له الحقيبةَ وأدوات التطبيب، ويتعلمُ منه فن الطب والعلاج وكان ذكيا جدا.

وفي أحد الأيام صرخ الوالي من ألمٍ في رأسه، وأُغشِيَ عليه، فاستدعوا الطبيبَ ومساعدَهُ، ليقرر الطبيبُ أن يفتحَ جمجمةَ الوالي، لكشف السبب.

وفعلاً، وجد حشرةَ أم الأربعة والأربعين مستقرةً في غشاءِ الدماغ، وأراد أن يَشُقَّ غشاءَ الدماغِ ويستخرجَها، لكنَّ مُساعِدَهُ فاجأه بقولِه: "بالنار يا حمار".

توقَّفَ الطبيبُ، وطلب من مساعِدِه أن يشرحَ له الطريقة، فقال له المساعد: قَرِّبِ النارَ من الحشرةِ،وسوف تشعرُ بها،فتحاولُ الابتعادَ عن مصدرِها، وهي تعرفُ طريقَ دخولِها، لذلك ستخرجُ منهُ دونَ الحاجةِ لشق غشاء الدماغ وإفساد عقل الوالي

*وفعلاً فعلوا ذلك، وخرجتِ الحشرةُ من أُذنِ الوالي، وبعد مدةاستعاد الوالي صحتَهُ وأمرَ بمكافأةِ الطبيبِ ومساعدِه.

لكنَّ الطبيبَ لم ينسَ كلامَ مُساعدِه له.وهو يحاولُ شقَّ دِماغِ الوالِي، لذلك قال له: لا يَسَعُنا أن نكونَ معاً في هذِه الدُّنيا بعد الآن، فإمَّا أن أقتُلَكَ، أوتقتلني،وَلْيَكُنِ القتلُ رحيماً بِلا دمٍ.

وكانَ البادئُ الطبيبَ، لِيُنفِّذَ قتْلَ مساعدِه، وحدَّدَ موعداً لِيومِ التنفيذ.

وفي يومِ التنفيذِ أوصى المُساعِدُ أُمَّهُ: إذا جَُلَبوهُ لها محمولاً مُزْرَقّاً، عليها أن تُشَرِّحَ كلَّ جِسمِهِ بألموسى، وتدهنَهُ بِالعسلِ والحليبِ ودِبْسِ التَّمرِ، وتُلْقِيَهُ على مزابِلِ القرية.

ثم ذهبَ لِيُلاقِيَ مصيرَه، حيثُ وضعَ لهُ الطبيبُ أقوى أنواعِ السُّمِّ لِقَتْلِهِ في الشراب.

وعندما شربَ المُساعِدُ اِزْرَقَّ وجهُهُ، وسقطَ أرضاً.

- [ ] أمَرَ الطيبُ حُرَّاسَ الوالي أن يُرْسِلوهُ إلى أُمِّهِ؛ فلمّا وصلَ الجُثْمانُ إلى الأُمِّ، فَعَلَتْ ما أوصاها بهِ وَلَدُها، وأَلْقَتْهُ على مزابلِ القريةِ، بعد تشريحِ جِسمِهِ ودَهْنِهِ بالعسلِ والدِّبسِ والحليبِ الذي اِخْتَلَطَ بالدَّم.

- [ ] ظلت الأُمُّ تنظرُ إليه حزينةً، حيثُ تجمَّعَ عليهِ أسرابٌ منَ الذُّبابِ يأكلُ من هذا الخليطِ، ويسقُطُ مَيْتاً.

- [ ] ظلَّ المُساعِدُ على هذِهِ الحالةِ يومَيْنِ حتى استفاقَ، بعد أنْ سَحَبَ الذُّبابُ كُلَّ السُّمِّ منْ جَسَدِه، وأكملَ عِلاجَهُ عِندَ أُمِّهِ حتى شُفِيَ تماماً، بعد شهرٍ منْ شُرْبِ السُّمِّ.

كان الطيبُ يظنُّ أنَّ مُساعِدَهُ قد مات، ولكنهُ دُهِشَ عندَ دُخولِهِ عليهِ، بعدَ شهرٍ منَ الحادِث! قالَ لهُ كيفَ نَجَوْتَ منْ أقوى سُمٍّ على وَجْهِ الأرض،فشَرَحَ لهُ المُساعِدُ طريقةَ الشِّفاءِ مِنَ السُّمِّ، وقالَ لَهُ: لقد جاء دوري أن أسْقِيَكَ السُّمَّ بطريقتي الخاصة، ومَوْعِدُنا بعدَ أُسبوع.

ظلَّ الطبيبُ يُفَكِّرُ بالطريقةِ التي تُخَلِّصُهُ منْ أدويةِ وسُمومِ مساعدِه، وعندما جاءَ الموعدُ، قال لهُ المُساعِدُ: رُبَّما نُؤَجِّلُ الأمرَ إلى أسبوعٍ آخرَ، فقدْ كَشَفْتُ سُمّاً أقوى مِنَ السُّمِّ السَّابِق.

وظلَّ المُساعِدُ يُؤَجِّلُ الموعدَ تِلْوَ المَوْعِدِ، والطبيبُ تسوءُ حالَتُهُ منَ الخوفِ والتفكيرِ والرُّعْب -يوماً بعدَ يوم- لِيَتْرُكَ عَملَهُ، ويَقِلَّ أكلُهُ وشُرْبُهُ ويَهْزُلَ جِسمُ،ه حتى مات منَ الهَمِّ والغَمّ.

*لذلك دولة كالجمهورية الإسلامية لن ترد ردا عاديا على اغتيال إسماعيل هنية على أرضها من قبل الصهاينة ولن تعطي موعدا محددا للرد وان كل يوم تأخير يدخل الكيان المحتل في هم وغم فكل مطاراته مغلقة وتجارته راكدة ورعاياه خائفون يكنزون المواد الغذائية في بيوتهم تحسبا للهجوم،*

*وان خسارة الكيان المالية تكبر -يوما بعد يوم- وهم ينتظرون الرد حتى تعود حياتهم طبيعية كما كانت.*

*إيران ليست كصدام عندما يستفزنه يهاجم فورا ويخسر كل شيء كما فعلها عندما غزا الكويت وفتح أبواب الاحتلال الأمريكي للمنطقة وشرع لدخول القوات الأجنبية إلى الشرق الأوسط -من جديد- لتتحكم بموارد الدول العربية وتضع عليها الشىروط.*

*ايران لن ترد خارج الأطر القانونية ولن تعطي للاخرين فرصة ليتحالفوا ضدها كما فعلوا في العراق* *وافغانستان وسوف يكون ردها غير متوقع لا موعدا ولا حجما وضمن حدود القوانيين الدولية للدفاع عن النفس.

لذلك، فإنَّ دولةً كالجمهوريةِ الإسلامية، لن ترُدَّ رداً عادياً،على اغتيال الصهاينةِ إسماعيلَ هنِيَّة على أرضِها، ولن تُعطِيَ مَوْعِداً مُحَدَّداً لِلرَّد، وإنَّ كُلَّ يَومِ تأخيرٍ يُدْخِلُ الكِيانَ المحتلَّ، وداعِميه، في هَمٍّ وغَمّ. فكلُّ مطارات الكِيانِ مغلقةٌ، وتجارتُهُ راكدةٌ، ورعاياهُ خائِفون حدَّالجنون، يَكْنِزونَ المَوادَّ الغذائيَّةَ في بيوتِهِم تَحَسُّباً للهجوم، وكلُّ جيوشِ داعميه، وبوارجهم وحاملات طائرتِهِم في الشّرْقِ الأوسطِ، تُكَلِّفهم يومياً ما لا يحتملونه، بعد تدهوُرِ اقتِصاداتِهِم.

*وإنَّ خسارةَ الكِيان المُغْتَصِبِ، الماليةَ تكبرُ -يوماً بعدَ يوم- وهم ينتظرونَ الرّدَّ، حتى تعودَ حياتُهُم طبيعيةً، كما كانت.

إيرانُ ليست كصدَّام، عندما يَسْتَفِزّونَهُ يُهاجِمُ فوراً، ويخسرُ كُلِّ شيءٍ، كما فعلها عندما غزا الكويتَ، وفتح أبوابَ الِاحتِلالِ الأمريكيِّ للمنطقة، وشرَّعَ لدخولِ القواتِ الأجنبيةِ إلى الشرقِ الأوسطِ -من جديد- لتتحكَّمَ بموارِدِ الدُّوَلِ العربيةِ وتضعَ عليها الشىروط.

ايرانُ لن ترد خارج الأطرِ القانونيةِ ولن تعطيَ للآخرين فرصةً ليتحالَفوا ضِدَّها، كما فعلوا في العراق وافغانستان،ولسوف يكونُ ردُّها غيرَ مُتَوَقَّعٍ، لامَوعداً، ولاحجما، وضِمْنَ حدودِ القوانينِ الدوليةِ لِلدِّفاعِ عن النفس.