بيروت؛ ٢٠/ ٨/ ٢٠٢٤
ميخائيل عوض
اربك انفجار الشاحنة في تل ابيب الاجهزة والجيش والمجتمع الاسرائيلي وأيقظ فوبيا الاستشهادين والعبوات في قلب الكيان ومناطقه ومؤسساته الحساسة والهامة.
الارتباك زاد وسيتصاعد ليشكل حالة سعار بعد الاعلان المشترك لحماس والجهاد المسؤولية عن العملية التي لم يزل منفذها مجهولا وتفيد بعض التقارير الاسرائيلية انه وصل من لبنان – عساها تكون دقيقة- فذلك يعني تطورات هامة وحاسمة وتخطيط متقن لرد رادع كاسر يشل يد نتنياهو وجيشه ويسقط كل واخر ما لإسرائيل من عناصر وادوات قوة.
العمليات الاستشهادية كانت اهم وسائل المقاومة لهزيمة اسرائيل من لبنان وغزة وقد احبطت كل محاولات وجهود ومؤتمرات واتفاقات تصفية القضية الفلسطينية.
تراجعت بحدة وتوقفت بين ٢٠٠٣ و٢٠٠٥ وحينها كتبنا وتسالنا لماذا؟ وما القصد والدوافع لوقفها؟ وهل الاسباب موضوعية وتعبير عن عجز؟ ام تحت الضغوط واستجابة لوسطاء؟! وزادت اهمية السؤال عندما تبنتها إسرائيل وامريكا وحلفها وزجوا في سورية والعراق بمئات الاف الارهابين وكانت وسيلتهم الافضل والاكثر كلفة للجيش والشعب السوري والعراقي الانتحاريون والمفخخات.
اثناء تصاعدها في تسعينات القرن المنصرم شنت حملات مكلفة ومتنوعه عليها وعلى من يدعوا ويعمل عليها وهددت سورية بالويل والثبور اذا استمرت باحتضان حماس والجهاد وتامين قادتهم ومعسكراتهم وامدتهم بالمواد اللازمة.
في احدى مقابلات الرئيس الاسد اصر المذيع على طرح سؤال احراجي عليه بم يخص العمليات الاستشهادية والتفجيرات فكان جوابه بسيطا حكيما صادما.
قال؛ امريكا واسرائيل يملكون القدرة على انتاج صواريخ وطائرات ويتفننون في امتلاك وسائط لنقل وايصال المتفجرات حيث يرغبون ويستهدفون المشافي والمعامل والتجمعات السكانية والمدن والقرى ويرتكبون المجاز ولا احد يدينهم اما المقاومة والدول الفقيرة فوسيلتها الاكثر الممكنه والاقل كلفة لإيصال المتفجرات هي اجساد وأرواح المقاومين الفدائيين والابطال. فلماذا يدانون بينما الاخرين يفاخرون بأسلحتهم ووسائط ايصالها وحجم القتل والتدمير الذي توقعه.
ان تعود الفصائل الى المتفجرات والاستشهاديات يعني انها تحررت من الضغوط والوساطات والاوهام ومن ذهنيات الحروب النظامية والجيوش والاسلحة الضخمة والمكلفة والتي لن تجاري فيها اسرائيل وامريكا وعالمهم السائد. ويعني انها ادركت وتعلمت وعرفت حقيقة ان المقاومات تعتمد على خصائصها وقدراتها ورجالها وتعتمد تكتيكات حروب العصابات الثورية الاكثر فاعلية وجدوى من صواريخ اليمن والعراق برغم فاعليتها ودورها النوعي الاسنادي وهي بالضرورة تعويض نقص صواريخ غزة بعد ان ذبحت ودمرت. وفاعليتها اهم بألف مرة من المسيرات النوعية التي ابدع المحور وفصائله في تصنيعها واستخدامها وابلت حسنا.
المتفجرات وتصنيعها كتصنيع الصواريخ والانفاق يجيدها الفلسطينيون في الضفة وال٤٨ والمحور قادر على تامين مستلزماتها اما الفدائيون والجهاديون فهم اكثر من ان يتم احصائهم فشابات وفتية الضفة وفلسطين ال٤٨ الذين فجروا مقاومة الدهس والسكاكين ومازالوا هم فدائيون استشهاديون لم تتوفر لهم العبوات والوسائط والاسلحة فقرروا المقاومة والعمليات الاستشهادية بالأجساد العارية وبسكين المطبخ او البلطة والفأس وبالسيارة يحاولون ويعرفون ان لا سبيل امامهم الا الاستشهاد.
اشارة نوعية بان المقاومة في فلسطين ادركت اهمية هذا النمط من العمليات وتتوفر اسبابه وذرائعه وادواته وعادت اليه في باكورتها في تل ابيب امس.
وكما العبوات والاستشهادين دواء ناجح وسلاح فتاك يعجز العدو عن مواجهته ومجتمعه والته العسكرية المدمرة والهائلة في بطشها ولا تفيده في وقفها البوارج وحاملات الطائرات والحشود الامريكية والاطلسية وحلفائهم من العرب والمسلمين فتكون المقاومة قد ادركت ان استراتيجياتها لوقف مذبحة غزة وتامين الضفة من خطر الذبح والرد الكاسر على اغتيال القادة واستباحة الضاحية وشرف ايران هو بالضرب تحت الحزام وفي قلب الكيان ومدنه ومجتمعه ومؤسساته ولا يجب ان ترتهب او تتحسب الفصائل لأصوات النشاز والتهويل والادانة وقد ربطت السنتهم جميعا وعجزت كل مؤسسات النظام العالمي والامم المتحدة عن وقف مذبحة غزة فلا يفل الحديد الا الحديد.
تكتيكات المقاومة في الاشتباك من مسافة صفر والضرب بيد من عبوات واستشهادين في قلب الكبان وبنيته ومؤسساته هي طريق اقل كلفة واثمن نتائج وعبرها حققت المقاومة مكاسب هائلة والعودة اليها تحقق فرصة هزيمة إسرائيل وابطال فاعلية عراضة القوة والسلاح والعضلات الامريكية الاطلسية.
القتال من مسافة صفر والاستشهادين وعبواتهم اقسى رد واهم ردع.