وأنتهت رحلة الغريب ..من دخل كهف السلطة نقياً ..شريفاً مقاوماً ولم يتلوث في فسادها ولا سمسراتها ولا إرتهاناتها لجهات ٍ منوًعة لا تبطن لنا إلاّ الغدر ، عاش غريباً فقيراً لم يمتلك القصور ولا الطائرات الخاصة ولم يدخل جيبه المال الحرام .. كما يحدث تحت سماء لبنان في سلسلة حكومات التجار المتعاقبة التي تلت عهده .. وكأن الخير والأمان قد فارقانا منذ ابتعاده عن رئاسة الحكومة .. لقد عاش غريباً ومات غريباً..
لم يستوحش طريق الحق لقلّة سالكيه ..وظل يردد أيها الحق لم تترك لي صاحباً..حتى بيروته التي عشقها وأعطاها الكثير خذلته أمام وهج المال المريب والغريب .. فأسقطته ذات إنتخابات.. ولكنه ظل ثابتاً شامخاً مؤمناً متحدياً لكل التحولات السياسية والإجتماعية والإقتصادية التي شهدها لبنان منذ التسعينات وحتى اليوم.. فلم يخضع لسياسة القطيع الفاسد .. ووقف كالجدار الصلب أمام المؤامرات التي حيكت للبنان لتغيير هويته الثقافية والسياسية والعروبية .. قاوم عطر (النفط المدولر) الذي أسكر معظم الزعامات اللبنانية ..وقف ضد التيار وصارع أمواجه التي جرفت معها المبادئ والقيم .. وظل هو الحارس لكل ما بقي من تاريخ لبنان الجميل .. ولم يحد يوماً عن إيمانه بفلسطين وتحريرها وحقنا في المقاومة..
وبرحيله اليوم ونحن نخوض معركة مصيرية مع الصهاينة وأذنابهم في الداخل سنفتقد هذه القامة العلميةوالوطنية والأخلاقية .. سنفتقد الإنسان الذي تليق به رئاسة الحكومات.. من يجيد قيادة الوطن بأسس إقتصادية سليمة..من يخاف على على مال الدولة ومصلحة المواطن أكثر مما يخاف على ماله الخاص ومصالحه الشخصية .. نحن اليوم وكل الشرفاء سنشعر باليتم الحقيقي.. نحن من أتخذناه أيقونةتزيِّن وجداننا .. وتعويذة تحمينا من السقوط .. فلروحه الشريفة كل الرحمات والسلام وجنّات النعيم .. ولعائلته وللبنان ولكل من أتخذه قدوة خالص العزاء .. فوداعاً
دولة الرئيس الدكتور سليم الحص ..
هيام وهبي