بوابة الجحيم في سيبيريا تتوسع.. كيف يهدد ذوبان التربة الصقيعية الكوكب؟
منوعات
بوابة الجحيم في سيبيريا تتوسع.. كيف يهدد ذوبان التربة الصقيعية الكوكب؟
2 أيلول 2024 , 14:23 م

توسعت حفرة عملاقة في سيبيريا بسرعة مذهلة، حيث أظهرت الصور الفضائية نموها المتزايد بشكل مثير للاهتمام.

"بوابة الجحيم" في سيبيريا

بدأت هذه الحفرة التي تأخذ شكل سمكة الراي اللاسع أو السرطان أو الشرغوف العملاق، كشِق صغير بالكاد كان مرئياً في صور الأقمار الصناعية التي تم التقاطها في الستينيات، ولكن اليوم، تحولت هذه الشقوق إلى هاوية شديدة الانحدار يمكن رؤيتها بوضوح من الفضاء.

تطور الحفرة عبر الزمن

وفقًا للمسح الجيولوجي الأمريكي، تضاعف حجم هذه الحفرة ثلاث مرات بين عامي 1991 و 2018، وتُعرف هذه الحفرة باسم "فوهة باتاغاي"، أو كما تُسمى أحيانا "بوابة الجحيم"، حيث تعتبر هذه الفوهة تجسيداً لمشكلة بيئية أكبر بكثير، وأحياناً غير مرئية، تؤثر على كوكبنا بالكامل.

ما هي فوهة باتاغاي؟

تتميز منطقة القطب الشمالي بارتفاع درجات الحرارة بسرعة تفوق باقي مناطق الأرض، مما يؤدي إلى ذوبان التربة الصقيعية – وهي طبقة سميكة من التربة المتجمدة بشكل دائم (أو كانت كذلك في الماضي)، وتُعد فوهة باتاغاي أكبر "انهيار ارتجاعي ناتج عن الذوبان" في العالم، وهو حفرة تتشكل عندما يؤدي ذوبان التربة الصقيعية إلى انهيار الأرض وانزلاقها نحو داخل الحفرة.

التأثير البيئي المتزايد لفوهة باتاغاي

يوجد آلاف الانهيارات الناتجة عن ذوبان التربة الصقيعية في جميع أنحاء القطب الشمالي، ولكن حجم فوهة باتاغاي جعلها تستحق لقب "الميغاسلامب" أو "الفوهة العملاقة" وقد سُميت الفوهة باسم بلدة باتاغاي القريبة.

يصف الجيوفيزيائي روجر مايكلديس من جامعة واشنطن في سانت لويس، التربة الصقيعية بأنها "ليست شيئاً جاذبا للبصر"، مشيرا إلى أن "التربة الصقيعية هي في الأساس تربة متجمدة تحت الأرض، ولا يمكن رؤيتها عادة إلا إذا تم الكشف عنها بطريقة ما، كما هو الحال في هذه الفوهة العملاقة."

هذا ما جعل من فوهة باتاغاي نوعاً من "الحالات النادرة" في مجال التربة الصقيعية، ويمثل نذيراً لما قد يحدث في المستقبل.

فوهة باتاغاي وتأثيراتها المستقبلية على المناخ

عند ذوبان التربة الصقيعية، تبدأ النباتات والحيوانات المتجمدة منذ قرون في التحلل، مما يؤدي إلى إطلاق كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون والميثان في الغلاف الجوي، وهما غازان يسهمان بشكل كبير في احتباس الحرارة، مما يؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة العالمية بشكل أكبر، وبالتالي زيادة ذوبان التربة الصقيعية.

هذه الدائرة المفرغة يمكن أن تكون لها تأثيرات كارثية؛ حيث تغطي التربة الصقيعية 15% من سطح اليابسة في نصف الكرة الشمالي، وتحتوي على ضعف كمية الكربون الموجودة في الغلاف الجوي، وأظهرت دراسة أن ذوبان التربة الصقيعية قد يؤدي إلى إطلاق غازات دفيئة تعادل ما تطلقه دولة صناعية كبيرة بحلول عام 2100، إذا لم تتخذ الصناعات والدول إجراءات حازمة للحد من انبعاثاتها.

ويقول مايكلديس: "هناك الكثير مما لا نعرفه عن هذه الحلقة المفرغة وكيف ستتطور، ولكن الإمكانية موجودة لتغييرات كبيرة في النظام المناخي تحدث على فترات زمنية جيولوجية سريعة جدًا."

فوهة باتاغاي مؤشر على التغيرات المناخية المستقبلية

بإيجاز، قد يؤدي ذوبان التربة الصقيعية إلى تفاقم أزمة المناخ بسرعة، ومع ذلك، تبقى هذه العملية غامضة إلى حد كبير، لكن دراسة مواقع متطرفة مثل فوهة باتاغاي قد تساعد العلماء في فهم عملية ذوبان التربة الصقيعية والتنبؤ بما قد يحمله المستقبل.

في دراسة نُشرت في مجلة "Geomorphology" في شهر حزيران الماضي، استخدم الباحثون بيانات الأقمار الصناعية والطائرات بدون طيار لبناء نماذج ثلاثية الأبعاد للفوهة وحساب توسعها عبر الزمن.

ووجد الباحثون أن حوالي 14 ضعف حجم أهرامات الجيزة من الجليد والتربة الصقيعية قد ذابت في باتاغاي، حيث يزداد حجم الفوهة بمقدار مليون متر مكعب سنوياً.

وقال ألكسندر كيزياكوف، المؤلف الرئيسي للدراسة وعالم في جامعة لومونوسوف موسكو الحكومية: "هذه الأرقام مذهلة حقاً، إن نتائجنا تُظهر سرعة تدهور التربة الصقيعية المخيفة".

المصدر: موقع Science Alert