استنزاف الحرب، واستنزاف وقف النار
مقالات
استنزاف الحرب، واستنزاف وقف النار
حليم خاتون
14 أيلول 2024 , 18:39 م

كتب الأستاذ حليم خاتون: 

"تجرع كأس السم أهون، ولكن..."
"من الممكن التراجع احيانا..."
"التكتيك... في خدمة الاستراتيجيا..."
"المقاومة المدنية هي الطريق الوحيد..."
"الانتصار بالديموغرافيا..."
"الانتصار بالنقاط..."
"ليس الوقت اليوم لإزالة  إسرائيل..."
"الحرب الشعبية طويلة..."
"الكفاح المسلح.."
"نموت واقفين، ولا نركع.."
"عالقدس رايحين... شهداء، بالملايين.."
"انتصار الدم على السيف..."
"هيهات من الذلة..."

كل هذه الشعارات، وعشرات غيرها، رُفعت منذ بدء اغتصاب الأرض...

كل شعار من هذه الشعارات له أرضية...
كل شعار استند إلى معطيات...
لكن الحق الذي لا يموت في سبيله الناس، يسقط...
هكذا أصبح الكاوبوي الأميركي  بطلا، وزال كل أثر لاصحاب الأرض..
هكذا حافظ الانكلو ساكسون على الكانغارو في استراليا، بعدما أبادوا شعوب القارة الأصلية...
ست وسبعون سنة مرت منذ النكبة...
ماذا جنى العرب...؟
ماذا جنى الفلسطينيون...؟
تدحرجت الأمة من شعارات الخرطوم الثلاثة، لا تفاوض، لا إعتراف، لا استسلام؛ حتى وصلت إلى قعر الذل والهوان...
محمد بن سلمان يبيع فلسطين من اجل عرش اغتصبه أجداده من قاطعي الطرق عل  القوافل...
السيسي ركب موجة إسقاط إخوان الشياطين في مصر، فإذا هو أكثر سوءا وأكثر خسة؛ معه، نامت نواطير مصر عن ثعالبها، فقد بشمن، (وعسى أن لا تفنى العناقيد"...
قلب العروبة النابض في سوريا لا يزال في العناية الفائقة بعد جراحة قلب مفتوح لإزالة أكثر من فايروس دون نجاح كامل بعد أن تحول أحفاد عبدالله أوجلان إلى عملاء لوكالة المخابرات المركزية الأميركية... وبعد أن حمل أتباع إبن تيمية بنادق للإيجار وصاروا يوما في سوريا، ويوما في العراق، ويوم في ناغورني كاراباخ أو في أوكرانيا والحبل على الجرار...
روسيا التي تقاتل الغرب من اجل البقاء، تحولت إلى صعلوك يخاف إسرائيل والصهيونية العالمية...
يجري إنزال اسرائيلي على بعد كيلومترات من حميميم وطرطوس، والروس في عالم آخر يتحدثون عن تعاون استرتيجي مع إيران التي تقرر انها غير مستعدة لدفع كل الأثمان وحدها من اجل بيت المقدس...
السيد حسن محتار،
هل يقاتل وحده مع السيد عبدالملك إلى جانب يحي السنوار الذي نحمد الله انه لا يملك مخرجا سوى القتال، ثم القتال، ثم القتال...

خطوة إلى الأمام، خطوتان إلى الوراء...
أي وقف لاطلاق النار في غزة، لن يكون سوى انتقال من القتل الذي يحصد أثمانا إلى قتل رخيص بلا ثمن...
صحيح ان المجازر اليوم تحصد العشرات والمئات؛ لكن هذه الدماء أسقطت نيوم؛ هذه الدماء أظهرت أن النظام الرسمي العربي ليس اكثر من صهيونية عربية وصهيونية إسلامية...

أردوغان أكثر ذكاء من المخنثين في النظام الرسمي العربي...
لا يصل الإعلام التركي إلى حضيض قناتي العربية السعودية أو سكاي نيوز الإماراتية...
حتى الشعب التركي ميز نفسه عن الشعوب العربية المصابة بداء العجز الرجولي...
تخرج حالة فردية هنا، او حالة  فردية هناك...
لكن هذه الشعوب العربية لا تملك الفحولة اللازمة...
كل الشعوب بلا استثناء؛ بما في ذلك شعوب ما يسمى محور المقاومة...
رغم ان الام  لا يحتاج الى كثير حساب...
مصر عبدالناصر بنت السد العالي ومصانع الصلب والحديد ومعامل النسيج...
عبد الناصر أمن التعليم والاستشفاء المجانيين...
كانت مصر أكثر تطورا من كوريا الجنوبية وتضاهي الهند بالتقدم التقني...
صناعة سيارت؛ صناعة صواريخ...
تعرض لغزو ثلاثي بريطاني، فرنسي، إسرائيلي... 
تعرض لمؤامرة دولية سنة ٦٧ ظاهرها الكيان الصهيوني؛ ومن خلف الكيان كل الغرب وحلف الناتو والرجعة العربية التي لا تزال موجودة في الخليج والمغرب وغيرها...
١٨ عشر عاما من الحروب المباشرة والحروب غير المباشرة؛ وصلت ديون مصر القوية التي تتربع على رأس قيادة  العالم الثالث إلى ما يقارب المليار دولار...
جاء "بطل الحرب والسلام"، البائس محمد أنور السادات وباع مصر للقطط السمان حتى تجاوزت ديون مصر مع آخر سلالة الذئاب عبد الفتاح السيسي المئة وخمسين مليار دولار...
كما تخلى الملك فاروق عن سيادة مصر على جزء من اراضيها لسداد ديون غير قابلة للسداد، ها هو نظام مصر الفرعوني الجديد يطالب بشطب جزء من هذه الديون مقابل دويلة فلسطينية على جزء شبه جزيرة سيناء...

مثل آخر...
لبنان الذي خسر حوالي مليار ونصف المليار من الدولارات منذ حرب إسناد غزة، كان خسر أيام "سلام الشرق الأوسط الجديد" كل مدخرات اللبنانيين التي تزيد على مئة سبعين مليار دولار، إضافة إلى خضوع البلد لحصار أميركي عبر حرب شُنت على سوريا انتهت بقانون قيصر لإنقاذ لبنان وسوريا معا....
هذا دون الحديث عن الحصار المالي وقصف مرفأ بيروت ومنع استمرار الغاز وقتل الزراعة والصناعة من خلال مشاريع رفيق الحريري الهمايونية...
ثلاثة عقود من سلام تخللته مقاومة انتهت بانهيار كل المرافق العامة والخاصة...
وقف النار وكامب ديفيد ووادي عربة وأسلو أدت إلى سقوط ثمانية عواصم عربية تحت احتلال إسرائيلي مباشر أو غير مباشر إضافة إلى نشر الفوضى الخلاقة في أربعة عواصم أخرى
تحت ذريعة مساندة الديمقراطية في سوريا قام قانون قيصر بخنق لبنان وسوريا معا...

اللبنانيون الذين يرفضون الاستنزاف الحاصل الآن بسبب الحرب، لا يرون أن استنزاف عدو لبنان التاريخي والوجودي المتمثل بالكيان الصهيوني هو أضعاف ما يحصل عندنا؛ وان اي وقف لاطلاق النار وفق شروط أميركا والناتو الإسرائيلية سوف يسمح باستنزافنا نحن فقط بينما يعود الكيان إلى الهيمنة الكاملة على العواصم العربية إياها ويقوم ببناء مجده على عظام الشعوب التي تُساق إلى المسلخ مخدرة بشعارات "حب الحياة" الذي لا يحمل اي أفق لحياة عز وكرامة...

بغض النظر عن كل التهديدات عن حرب شاملة على لبنان، يجب القول أن كل الأثمان التي سوف تُدفع عندنا جراء الدمار الذس سوف يحصل سوف يكون البلسم الذي سوف يعيد إلى بلادنا الحياة التي تستحق...

هذه الحرب اذا اندلعت، سوف تؤدي قطعا إلى انهيار نظام عالمي لم نر فيه يوم خير وعدالة...

إلى المتشدقين بكلام السيادة، سوف تعيد هذه الحرب النازحين السوريين إلى بلادهم التي سوف تعود عن حق، قلب العروبة النابض...

سوف، ويجب أن يُجبر لبنان ليس تطبيق القرار ١٧٠١، بل استعادة كل شبر من أرض هذا الوطن وعودة كل اللاجئين الفلسطينيين إلى قراهم وبيوتهم وتحرر لبنان من أحزمة البؤس والمخيمات...

الحرب الشاملة على محور المقاومة سوف تنزع إلى الأبد كل الأوهام من رؤوس بعض من في المحور عن إمكانية التعايش مع نظام استيطاني عنصري...

الحرب الشاملة اذا شُنت، سوف تكون البلسم من السم الذي لم تتوقف أميركا عن ضخه في عروق منطقتنا...

الحرب الشاملة سوف تنهي هيمنة الامبريالية الأميركية إلى الأبد...

الحرب الشاملة هي من سوف تجعل الاميركيين يتوقفون عن إلحاق الاذى بشعوبنا وسوف تجبرهم على احترام قرارنا بالحرية والتقدم وحرية تقرير مصيرنا...

هذه الحرب اذا وقعت سوف تجعل هذه الأرض تزهر من جديد...

تذكروا قول شيخ المقاومين الشهيد راغب حرب،
"دم الشهيد اذا سقط، ينمو..."، ينبت من جديد...

ارضنا تستحق...
بلادنا تستحق...
جبالنا وسهولنا تستحق...

يجب إزالة هذا الورم الخبيث من ارضنا حتى لو سقط ملايين الشهداء...

هكذا نستعيد ارضنا وتاريخنا وحضارتنا، وننهي إلى الأبد مؤامرة لم تتوقف فصولها يوما عن قتلنا بدم بارد وكأننا لسنا من البشر...

الجميل في الأمر رغم الدماءالغزيرة التي سوف تسيل هو اننا ننتهي من الكيان وهيمنة الغرب وهيمنة أولاد الكلب ممن يدعون انهم عرب ومسلمون ومسيحيون وسادة وشرفاء...
                       

المصدر: موقع إضاءات الإخباري