تقنية سبنترونيكس.. اختراق جديد يفتح آفاقا جديدة نحو أجهزة حوسبة أسرع وأكثر كفاءة في استهلاك الطاقة
علوم و تكنولوجيا
تقنية سبنترونيكس.. اختراق جديد يفتح آفاقا جديدة نحو أجهزة حوسبة أسرع وأكثر كفاءة في استهلاك الطاقة
29 أيلول 2024 , 12:18 م

قام الباحثون بتطوير تقنية جديدة لقياس تأثيرات الحرارة في أجهزة "سبنترونيكس" (Spintronics)، مما يساهم في فهم أفضل لكيفية تأثير الحرارة على السلوك المغناطيسي. يمكن لهذا الاكتشاف أن يفتح الباب لاختيار المواد التي تحافظ على وظائف عالية مع تقليل التسخين إلى الحد الأدنى، وبالتالي تحسين فعالية وسرعة أجهزة "سبنترونيكس" من حيث استهلاك الطاقة.

تتميز أجهزة "سبنترونيكس" باستخدام المغناطيسية الدقيقة بالتزامن مع التيار الكهربائي، مما قد يؤدي إلى تقنيات حوسبة سريعة وكفاءة في استهلاك الطاقة مقارنة بالإلكترونيات التقليدية، ومع ذلك يبقى السؤال الرئيسي: كيف تؤثر الحرارة على تشغيل هذه الأجهزة؟

تقنيات قياس مبتكرة في "سبنترونيكس"

أفاد الباحثون في جامعة إلينوي في مجلة *APL Materials* عن تطوير تقنية جديدة لقياس الحرارة في أجهزة "سبنترونيكس"، والتي تتيح مقارنة مباشرة مع تأثيرات أخرى. يشير الباحثون إلى أن هذه التقنية يمكن استخدامها لاختيار المواد "السبنترونية" التي يكون سلوكها المغناطيسي أقل تأثراً بالتسخين، مما يؤدي إلى أجهزة أسرع وأكثر فعالية.

يقول "أكسل هوفمان"، قائد المشروع وأستاذ علوم المواد والهندسة بجامعة إلينوي: "تعتمد أجهزة سبنترونيكس على القدرة على تغيير المغنطة باستخدام التيارات الكهربائية، ولكن هناك تفسيرين محتملين لذلك: التفاعلات الكهرومغناطيسية مع التيار، أو الزيادة في درجة الحرارة الناتجة عن التيار. إذا كنت ترغب في تحسين أداء الجهاز، عليك فهم الفيزياء الأساسية التي تقف وراءه. وهذا ما ساعدنا أسلوبنا الجديد في تحقيقه."

التبديل في بنية "السبن" باستخدام التيار الكهربائي

عند استخدام التيار الكهربائي في أجهزة "سبنترونيكس"، يحدث تبديل في بنية "السبن" في الجهاز المضاد للمغناطيسية. ترتفع درجة حرارة الجهاز إلى نقطة تساهم فيها التأثيرات الحرارية والكهرومغناطيسية في عملية التبديل. تعتبر هذه الدراسة الأولى التي توفر إطارًا منهجيًا لتقييم دور كل من التأثيرين.

وعود "سبنترونيكس" مقارنة بالإلكترونيات التقليدية

على عكس الإلكترونيات التقليدية التي تعتمد على الإشارات الكهربائية لتخزين المعلومات وإجراء الحسابات، تستغل أجهزة "سبنترونيكس" خاصية أساسية للإلكترونات تُعرف باسم "السبن"، والتي ينتج عنها سلوك مغناطيسي دقيق. تتميز هذه الأجهزة بإمكانية استخدام طاقة أقل بكثير مقارنة بنظيراتها الإلكترونية التقليدية بفضل طبيعتها المغناطيسية.

وقد تم اقتراح أن تظل أجهزة "سبنترونيكس" التي تتحكم بها الإلكترونيات السريعة فعالة في استهلاك الطاقة مع مضاهاة سرعة أجهزة الكمبيوتر التقليدية. يعلق "هوفمان" قائلاً: "إنها مثل الحصول على أفضل ما في العالمين."

تحدي اختيار المواد المناسبة

يكمن التحدي في العثور على المواد المناسبة لهذه الأجهزة. لقد جذبت المواد المضادة للمغناطيسية الانتباه بفضل ترتيب "السبنات" المتعاكس والدوري الذي تتميز به، بالإضافة إلى حساسيتها المحدودة للأجهزة المجاورة. لاستخدام هذه المواد في تطبيقات الذاكرة والحوسبة، يجب التحكم في بنية "السبن" باستخدام التيار الكهربائي.

ومع ذلك، تتطلب التيارات اللازمة لهذا التحكم أن ترتفع درجات حرارة الأجهزة إلى مستويات تؤثر فيها التأثيرات الحرارية على بنية "السبن" بالإضافة إلى التأثيرات الكهرومغناطيسية.

التمييز بين تأثيرات التيار والحرارة

يوضح "هوفمان" أن هناك نقاشاً دائراً حول ما إذا كان التيار هو المسؤول بشكل مباشر عن تغييرات "السبن" أو إذا كان التسخين الناتج عن التيار هو الذي يلعب الدور الأساسي. "إذا كان التأثير ناتجاً عن التيار، فإنه من السهل جداً جعل التأثير سريعاً. أما إذا كان التأثير ناتجا عن الحرارة، فإن التوصيل الحراري والاسترخاء الحراري يصبحان مهمين، وقد يحدان من سرعة تشغيل الجهاز."

لقد كانت الجهود السابقة لتوضيح أهمية تأثيرات التيار والحرارة محدودة بسبب عدم القدرة على قياس تأثيرات التسخين مباشرة في الأجهزة الصغيرة. وقد قدم "ميونغ وو يو"، الباحث ما بعد الدكتوراه في فريق "هوفمان"، طريقة تجريبية يتم فيها استنتاج التأثيرات الحرارية من كيفية تسخين الجهاز للركائز ذات الموصلية الحرارية المختلفة.

يقول "يو": "قمنا بتحضير عينات مضادة للمغناطيسية على ركائز من أكسيد السيليكون ذات سماكات مختلفة. تقل قدرة الركيزة على توصيل الحرارة مع زيادة السماكة، مما يعني أن المواد المضادة للمغناطيسية على العينات الأكثر سماكة تكون ذات درجات حرارة أعلى عند تطبيق نفس التيار الكهربائي. إذا كان لتسخين الجهاز تأثير مهم على تغييرات بنية 'السبن'، فسيكون هناك اختلاف بين الأجهزة على الركائز المختلفة."

وجد الباحثون أن التسخين كان له تأثير كبير على المادة المضادة للمغناطيسية التي تمت دراستها، وهي "Mn3Sn". ومع ذلك، أشاروا إلى أن هناك العديد من المواد المضادة للمغناطيسية الأخرى التي يتم دراستها لأغراض "سبنترونيكس"، وتوفر هذه التقنية إطارا منهجيا لمقارنة تأثيرات التسخين مع تأثيرات التيار الكهربائي.

يقول "يو": "لدينا الآن استراتيجية واضحة لتقييم تأثير التسخين الكهربائي في أجهزة سبنترونيكس. بالإضافة إلى ذلك، من السهل جدا تطبيق هذه الطريقة بشكل عام، بحيث يمكن استخدامها في أي نظام، بما في ذلك الإلكترونيات التقليدية. يمكن استخدام هذه المنهجية لتحسين أداء أي نوع من الأجهزة الدقيقة."